جميعنا تؤثر فينا هذه الشخصية التى نراها على الشاشة فنضحك عليها أحيانا.. وتضحك هى علينا فى أحيان أخرى! إنها شخصية الشيخ الكفيف الذى يجيد الغناء والعزف على العود، والتى سنراها هذا العام على شاشة التليفزيون من خلال تاجر السعادة خالد صالح أو الشيخ مصباح.. ويقول خالد: شخصية الكفيف صعبة للغاية وتتطلب مجهودا كبيرا من الفنان لكى يؤديها كما ينبغى بكل إيماءاتها وحركاتها وطريقة كلامها وعليه فإن كل مشاهدها صعبه وتحتاج إلى تركيز لكى يصدقها المشاهد ويقتنع فعلا أن «الشيخ مصباح» وهو اسم بطل «تاجر السعادة» رجل كفيف فعلا وإن كان هنا يعكس العشوائية التى تسيطر على مجتمعنا. أما المؤلف عاطف بشاى مؤلف مسلسل تاجر السعادة فيقول: الكفيف يتمتع بحواس نشطة وهو رجل خفيف الظل ويتمتع بالبصيرة ولديه ذكاء فطرى وهى سمات بطل «تاجر السعادة» الذى اخترته أن يكون كفيفا لأسباب لها مغزى فى حدوتة المسلسل تكشف عنها الأحداث فبطلنا رجل كان أزهريا ولكن الفساد طاله فترك الأزهر وتعامل مع الدنيا بمنطق الرجل «الأرزقى» كل يوم يمتهن مهنة وتساعده فطنته وبصيرته فى أن يسيطر على عقول الناس ويصل إلى أعلى المراتب رغم أنه فاقد النظر والعلم ولكن تبقى أن الشخصية تتمتع بعوامل جاذبة للمشاهد ولمحبى الدراما. الأديب إبراهيم أصلان الذى قدم مالك الحزين والذى قدمت السينما أشهر نموذج لها من خلال روايته وهو الشيخ حسنى شيخ «الكيت كات» يقول: شخصية الكفيف إذا كانت لها علاقة بالطرب وعالم الموسيقى تكون شخصية مبهجة خاصة أن هناك خصائص شبه مشتركه بين كل الأكفياء يأتى فى مقدمة هذه الصفات خفة الظل والفطنة والقدرة على الاستبصار والنهم وهى شخصية ثرية جدا دراميا وتجسيدها على الورق صعب للغايه خاصة أنه لابد من التعامل مع تفاصيل الشخصية بدقة متناهية كما أن تجسيدها على الشاشة أكثر صعوبة لأن زقل درجة من المبالغه فى الأداء تفقدها المصداقية، وتعد هذه الشخصية الامتحان الأعظم لأى ممثل فهى تحتاج إلى تدريب مكثف كما فعل النجم محمود عبدالعزيز فى فيلم «الكيت كات» وتحتاج إلى ممثل جرىء لديه رغبة فى التحدى لأن الامتحان الذى يؤديه مع هذه الشخصية هو امتحان على الملأ.. والملأ بدورهم يكونون سعداء لمتابعة هذه الشخصية التى تتمتع بعنصر التشويق ويحرصون على متابعة كل خطواتها. أما أشهر شيوخ الواقع على الإطلاق من فاقدى البصر المبهجين فهو الشيخ إمام واسمه الحقيقى إمام محمد أحمد عيسى ولد 1918 ورحل عن عالمنا عام 1995أصيب فى السنة الأولى من عمره بالرمد الحبيبى وفقد بصره بسبب الجهل واستعمال الوصفات البلدية فى علاج عينه، فقضى إمام طفولته فى حفظ القرآن الكريم وكانت له ذاكرة قوية. فى عام 1962، حدث اللقاء التاريخى بين الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم رفيق دربه، وتأسست شراكة بينهما دامت سنوات طويلة. وذاع صيت الثنائى نجم وإمام والتف حولهما المثقفون والصحفيون خاصة بعد أغنية: «أنا أتوب عن حبك أنا؟»، ثم «عشق الصبايا»، و«ساعة العصارى» قضى الشيخ إمام ونجم الفترة من هزيمة يونيو حتى نصر أكتوبر يتنقلون من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر ومن قضية إلى أخرى، حتى أفرج عنهم بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. وفى منتصف التسعينيات اختار الشيخ إمام الذى جاوز السبعين العزلة والاعتكاف فى حجرته المتواضعة بحى الغورية ولم يعد يظهر فى الكثير من المناسبات كالسابق حتى توفى فى هدوء فى 19 يونيو 1995 تاركا وراءه أعمالا فنية نادرة.