المقدم إبراهيم عبدالتواب، هو آخر شهداء حرب أكتوبر، حيث استشهد فى 14 يناير 1974. قصة هذا البطل لابد أن تروى لكل الأطفال والشباب، حتى يعرفوا ما معنى القيم والرجولة، والأهم لكى يعرفوا من هو عدوهم الفعلى. صباح الاثنين قبل الماضى، وخلال الندوة التثقيفية العشرين التى أقامتها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، تم عرض فيلم تسجيلى عن «ملحمة كبريت»، إحدى العلامات البارزة فى انتصار أكتوبر 1973. إبراهيم عبدالتواب من مواليد إحدى قرى أسيوط عام 1937، كان قائد الكتيبة رقم 603 مشاة، وخلال الحرب تمكنت كتيبته من عبور القناة والتمركز فى منطقة كبريت بسيناء.. فى 24 أكتوبر1973، وبعد نجاح العدو الصهيونى فى عملية الثغرة، تمكن من محاصرة الكتيبة 603 فى كبريت. الحصار استمر عمليا حتى يوم 24 يناير 1974 بعد الاتفاق على فك الاشتباك الأول بين المصريين والإسرائيليين. خلال هذه الفترة التى استمرت نحو ثلاثة أشهر كاملة، سطر أفراد هذه الكتيبة وقائدهم البطل أساطير ضخمة، بعد أن انقطعت علاقتهم تقريبا بالجيش المصرى، سواء غرب القناة أو المجموعات التى عبرت إلى الشرق. كل ثمانية جنود كانوا يتقاسمون علبة بسكويت، فى المساء، وكل أربعة كانوا يتقاسمون علبة فول فى الصباح، بعد أن نفد كل مخزون الأكل لديهم، وكان بعضهم يتسلل من الحصار إلى أقرب موقع عسكرى مصرى للحصول على إمدادات، لكن العدو قطع كل الطرق، فكانوا يتسللون إلى مواقع إسرائيلية ويهاجمونها ليحصلوا على الطعام والمياه فيما سموه « زحلات الموت». ومرة أخرى، نجح العدو فى تشديد الحصار عليهم.. فأكلوا كل شىء وشربوا كل شىء بما فيها محاولة تقطير المياه من الآبار المالحة. إبراهيم عبدالتواب، كان نموذجا للقائد الطبيعى كما حكى زملاؤه وجنوده فى الفيلم التسجيلى، كان يتقدم زملاءه، وكان يصلى بهم إماما يوم الجمعة على فترتين، وكان الجنود المسيحيون يحرسون إخوانهم أثناء الصلاة، ويوم الأحد كان الجنود المسلمون يحرصون إخوانهم المسيحيين عندما يصلون. كان شعاره عندما يتقدم الجنود فى سيناء «لن نعود للخلف خطوة خطوناها للأمام». فى يوم 14 يناير، تعرض موقع الكتيبة لقصف عنيف كان يتكرر بطريقة دورية، لكن هذه المرة أصابت شظية ظهر البطل.. عندما ذهب إليه أحد الجنود وجده شهيدا لكن وجهه مبتسم بالكامل. تم توقيع اتفاق فك الاشتباك، وتم فك الحصار، وانسحب الجنود الصهاينة من الموقع، وعاد جنود الكتيبة إلى موقعهم الأصلى فى العامرية بالإسكندرية، حيث خرج معظم أهالى المنطقة لاستقبالهم «استقبال الفاتحين». تلك سطور سريعة عن قصة كبريت والشهيد إبراهيم عبدالتواب. الجديد خلال الاحتفال قبل أسبوعين، الذى حمل عنوان «أكتوبر.. الإرادة والتحدى» فوجئ الحضور بأن الذين ظهروا وتحدثوا فى الفيلم التسجيلى كانوا موجودين بيننا فى مسرح الجلاء. وعندما صعدوا ليتسلموا شهادات التكريم والتقدير من الرئيس عبدالفتاح السيسى، صفق لهم كل الحضور بصورة لا يمكن تخيلها. كان الجميع حريصا على التقاط الصور معهم والاحتفال بهم. وعندما صعدت أرملة الشهيد إبراهيم عبدالتواب كان التصفيق والترحيب أكبر وأكبر. معظم الذين كانوا حاضرين يومها، معظمهم ضباط جيش وشرطة وإعلاميين وشخصيات عامة لم يحضروا حرب أكتوبر.. وربما أكبرهم سنا كان فى المرحلة الثانوية، لكن حجم التصفيق والتفاعل والدموع التى انهمرت، سواء أثناء الفيلم التسجيلى أو تكريم هؤلاء الأبطال، يشير تغير هذه الحقيقة أى تفاصيل، سواء كانت سفارة أو سفيرا، علاقة باردة أو ساخنة، رسالة عابرة أو لقاء سياسى، أو حتى تصويتا فى لجنة دولية، أخطأنا فيه خطأ فادحا.. إسرائيل هى العدو وغير ذلك تفاصيل.