الإدارة الأمريكية تأمل أن يساهم إرسال قوات خاصة للأراضى السورية والعمليات السرية ل«سى آى إيه» فى دفع مسار الحل السياسى يقول مسئولون أمريكيون حاليون وسابقون إن قرار الرئيس الأمريكى باراك أوباما، إرسال قوات خاصة لسوريا، تصعيد عسكرى محسوب يمكن أن يزيد نفوذ الولاياتالمتحدة فى ساحة القتال وخارجها. ويتزامن هذا التحول فى السياسة مع توسيع برنامج سرى لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ينقل أسلحة إلى معارضى الرئيس السورى بشار الأسد، ومع حملة دبلوماسية جديدة لوزير الخارجية الأمريكى جون كيرى لإيجاد حل سياسى للصراع، وفق وكالة رويترز. وقد لا تكون إضافة ما يصل إلى 50 جنديا أمريكيا كافية لتغيير الحرب الأهلية السورية بشكل جوهرى، فهذه القوات صغيرة جدا نسبيا من الناحية العددية ولن تقوم إلا بدور استشارى ومعاون تاركة الولاياتالمتحدة تعتمد بشكل كبير على حلفائها من المعارضين الذين لم يثبت دائما أنه يمكن الاعتماد عليهم. ولكن ذلك يمكن أن يساعد فى الحد من تصورات فى الشرق الأوسط بوجود تردد لدى الولاياتالمتحدة فى أعقاب مواقف محرجة تعرضت لها إدارة أوباما، وعززت أيضا الانتقادات الداخلية لسياسته الخارجية. ومن ذلك انهيار برنامج لوزارة الدفاع الأمريكية بلغ حجمه نصف مليار دولار لتدريب وتجهيز المقاتلين السوريين، وكذلك قرار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالتدخل العسكرى فى سوريا والذى جاء بسرعة لم تكن متوقعة، وتقول مصادر حكومية أمريكية إن روسيا لها الآن عدة آلاف من الجنود فى سوريا تدعمهم طائرات ومدرعات. وأدى الإعلان عن إرسال المستشارين العسكريين الأمريكيين يوم الجمعة الماضية، إلى قلب استراتيجية عمرها عام تركزت على دعم مقاتلى المعارضة السورية الذين يحاربون تنظيم «داعش» دون نشر جنود أمريكيين على الأرض. ويشمل تغير الاستراتيجية أيضا وضع عدد أكبر من الطائرات الأمريكية فى تركيا لتعزيز الغارات الجوية الأمريكية مع استعداد مقاتلين أكراد سوريين وعرب ومقاتلين معارضين آخرين للتقدم صوب مدينة الرقة التى تعد فعليا عاصمة تنظيم «داعش» فى سوريا. وقال فريد هوف مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية السابق لسوريا إن مجرد إرسال الولاياتالمتحدة حفنة من الجنود خطوة أشبه بالإسعافات الأولية أكثر من كونها تحركا يغير قواعد اللعبة. ولكنه قد يفتح أبوابا. ورغم تعهد أوباما بعدم تحويل سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة مع روسيا التى باغتت واشنطن بتكثيف دعمها العسكرى المفاجئ لبشار الأسد، لكن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية زادت فى الآونة الأخيرة وبالتعاون مع السعودية وقطر من الجماعات التى تمدها سرا بأسلحة منها صواريخ تاو المضادة للدبابات، وذلك حسبما قال مصدر على دراية بعملية الدعم. وقال مصدر آخر إنه تم هذا الشهر تسليم شحنة جديدة كبيرة من صواريخ تاو لجماعات سنية تقاتل القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا فى شمال غرب سوريا، وترى الولاياتالمتحدة أنها معتدلة نسبيا. وذكرت المصادر الأمريكية أن توزيع صواريخ تاو يخضع لمراقبة دقيقة من جانب «سى آى إيه» وحلفائها فى المنطقة لضمان وصولها إلى المعارضين الذين يعرفون كيف يستخدمونها وليسوا من الإرهابيين. ومع هذا أقرت المصادر بأن عددا محدودا على الأقل من صواريخ تاو وصل إلى أيدى إرهابيين. وقالت إن المسئولين الأمريكيين ليست لديهم خطط لتقديم أى نوع من صواريخ مانباد أرض/جو التى تحمل على الكتف للمعارضة السورية. وأعلنت الولاياتالمتحدة عن قرار إرسال قوات عمليات خاصة إلى سوريا فى نفس اليوم الذى وجهت فيه 17 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة نداء بوقف إطلاق النار فى أنحاء سوريا خلال محادثات جرت فى فيينا. وقال كيرى الذى كان فى فيينا إن توقيت الإعلان الأمريكى جاء من قبيل المصادفة. وأشار عدد من المسئولين الأمريكيين الذين تحدثوا إلى رويترز شريطة عدم ذكر أسمائهم إلى أن الخطوات العسكرية لا تهدف إلى زيادة الضغط الدبلوماسى فى تلك المفاوضات. لكن أحد المسئولين أقروا بأنها زادت من شعور بوجود قوة دفع فيما يتعلق بالأزمة السورية. وقال مسئول بالإدارة الأمريكية دون أن يعلق على برنامج وكالة المخابرات المركزية «هناك شعور بوجود قوة دفع.. بدأت الأمور تدفع الناس لاتخاذ خيارات مختلفة عما كانوا يطروحونه». وتابع: «إضافة المدربين (من قوات العمليات الخاصة) ربما يساهم فى ذلك.. نأمل هذا.. لكن هذا ليس هو السبب وراء اتخاذنا هذه الخطوة». وقال مسئول أمريكى آخر إن الإدارة تأمل أن تعزز الدفعة العسكرية الرامية لدحر «داعش»، والجهود الساعية لحل دبلوماسى لإنهاء حكم الأسد، بعضها البعض بمرور الوقت. وقال ديريك كوليت الذى شغل منصب مساعد وزير الدفاع فى عهد أوباما إن القرار الأمريكى بإرسال قوات عمليات خاصة لسوريا وتعزيز الوضع الجوى الأمريكى «يعطينا قوة للسير فى المسار الدبلوماسى». وقال كوليت وهو الآن مستشار كبير بصندوق مارشال الألمانى: «بهذه الخطوات المنسقة نرى استراتيجية سياسية عسكرية تتشكل».