كثفت روسيا تعزيزاتها العسكرية في سوريا إذ أرسلت 15 طائرة شحن على الأقل خلال أسبوعين إلى محافظة اللاذقية (غرب)، فيما تواجه واشنطن على جبهة ثانية انتكاسة جديدة بعدما سلم مقاتلون دربتهم ذخائر ومعدات إلى جبهة النصرة. ويبدو أن روسيا تسعى إلى استعادة زمام المبادرة على الساحة السورية بعد أكثر من أربع سنوات من حرب دموية فشل المجتمع الدولي في حلها. وبدأت التطورات الأخيرة من التدخل الروسي إلى أزمة اللاجئين تؤثر على مواقف بعض الدول مع تصريحات تتحدث عن إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في حل النزاع. وعلى هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة يلتقي الرئيسان الأميركي باراك أوباما، والروسي فلاديمير بوتين، الاثنين وعلى رأس أولوياتهما الملف السوري. وحطت 15 طائرة شحن روسية على الأقل خلال الأسبوعين الأخيرين وحتى صباح اليوم السبت في قاعدة حميميم العسكرية بريف اللاذقية، بحسب ما قال مصدر عسكري سوري، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة "فرانس برس". وأوضح المصدر أنه "منذ حوالي أسبوعين تقريبًا وحتى اليوم السبت تهبط كل صباح طائرة شحن روسية واحدة على الأقل يرافقها عدد من المقاتلات لحمايتها في قاعدة حميميم العسكرية" بمطار باسل الأسد، موضحا أنها تقل "معدات وأشخاصا، وعليها العلم الروسي". وبعد تفريغ حمولتها "تغادر تلك الطائرات برفقة المقاتلات"، من ثم "تأتي شاحنات خاصة متوسطة الحجم لتنقل بعض هذه المعدات إلى خارج المطار"، بحسب المصدر. وتعزز روسيا منذ أسابيع وجودها العسكري في سوريا مع وصول طائرات حربية وطائرات استطلاع وأنظمة دفاع جوي وأسلحة حديثة، تسلم بعضها الجيش السوري الذي يخوض حربا ضد الفصائل المقاتلة منذ أكثر من أربع سنوات. وكان مصدر أمني، قال ل"فرانس برس" في وقت سابق، إن الحكومة السورية بدأت تستخدم "طائرات من دون طيار روسية الصنع في عمليات ضد متشددين في شمال وشرق البلاد". كما تحدثت واشنطن عن طلعات استطلاعية روسية فوق سوريا لم تنفذ أي ضربات. ورأى مسؤول سوري رفيع المستوى في الوجود العسكري الروسي "نقطة تحول". وخلال مقابلة تلفزيونية مساء الجمعة، اعتبر الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، أن "دخول العامل الروسي هو عامل إيجابي، وسيكون مؤثرًا في مسار المعركة القادمة" في سوريا، التي تشهد نزاعًا داميًا تسبب منذ مارس 2011 بمقتل أكثر من 240 الف شخص. وتبدي واشنطن منذ أسابيع قلقها حيال تعزيز الوجود العسكري الروسي في سوريا. ولكنها أعربت في الوقت ذاته عن استعدادها للعمل مع موسكو إذا كانت الأخيرة تريد محاربة تنظيم داعش، وتسعى للحل السياسي وليس أن تكتفي بمهاجمة كل خصوم الرئيس بشار الأسد "بلا تمييز". ووسط تلك التطورات، دعت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، إلى إشراك "الأسد" في أي مفاوضات لانهاء النزاع. كما اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الأسد يمكن أن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية في تغيير واضح في سياسة أنقرة تجاه سوريا. وعلى جبهة ثانية، أعلن المتحدث باسم البنتاجون الكابتن جيف ديفيس، أمس، "تبلغنا للأسف اليوم أن وحدة القوات السورية الجديدة تقول الآن: إنها سلمت فعلا ست شاحنات بيك أب، وقسما من أسلحتها إلى عناصر يعتقد أنهم من جبهة النصرة" . وتشكل هذه المسالة انتكاسة جديدة لمصداقية هذا البرنامج الذي اطلقته الولاياتالمتحدة في مطلع العام والرامي إلى "تدريب وتجهيز" مقاتلين من المعارضة السورية للتصدي لجهاديي تنظيم داعش. وتعرض أول فوج من المقاتلين المتخرجين من هذا البرنامج الأميركي وكان عددهم 54 لهجوم شنته جبهة النصرة في يوليو ولا يعرف البنتاجون بشكل مؤكد ما الذي حل بهم جميعا باستثناء واحد منهم تاكد مقتله. وفي الوقت ذاته، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار برعاية الأممالمتحدة ووساطة إيرانية بين الفصائل الإسلامية المقاتلة والنظام السوري بمدينة الزبداني في ريف دمشق، وبلدتي الفوعة وكفريا في محافظة ادلب (شمال غرب)، بحسب ما أكد "نصر الله" الجمعة. ويشمل اتفاق الهدنة في مرحلته الأولى، بحسب "نصرالله"، "خروج المسلحين والجرحى من الزبداني" إلى أدلب مقابل "خروج عشرة آلاف مدني من الفوعة وكفريا، النساء من مختلف الأعمار، والذكور ما دون 18 عاما وما فوق الخمسين، بالإضافة إلى الجرحى باتجاه مناطق سيطرة الدولة السورية".