بالفيديو والصور.. «فوهة المسدس».. أشهر أيقونات «جيمس بوند»

دائرة بيضاء تلتف حولها مجموعة من الخطوط الحلزونية. تتحرك وسط شاشة سوداء. يظهر داخلها «جيمس بوند» قادما من اليمين، حتى يصل لمنتصف «الكادر»، فيستدير مواجها المشاهدين فجأة ويطلق النار، ثم تسيل دماءً على الشاشة، تصبغ المشهد باللون الأحمر، مع خلفية من «التيمة الموسيقية» المليئة بالتوتر والإثارة.
مشهد معتاد، في بدايات أفلام العميل السري البريطاني «جيمس بوند»، المستمرة على مدار أكثر من 50 عاما، أبدعه مصمم التترات الأمريكي موريس بندر، الذي عمل في تصميم تترات أفلام بوند منذ الفيلم الأول Dr. No، عام 1962، وحتى فيلم Licence to Kill، عام 1989. وخلال تلك الفترة وما بعدها تطور المشهد بشكل ملحوظ، مع الإبقاء على العناصر الأساسية لتكوينه.
«ماسورة مسدس» في 20 دقيقة
يُطلق على هذا المشهد اسم: «ماسورة المسدس - The Gun Barrel sequence»، وسبب الاسم، أن تلك الدائرة وما حولها من خطوط، هو تخيل لماسورة مسدس من الداخل، بما فيها من حزوز حلزونية، يُطلق منها «بوند» الرصاصة القاتلة على المشاهد، الذي يرى المشهد من منظور غريمه.
يقول موريس بندر عن قصة تصميمه للمشهد: «كنت على موعد مع منتجي الفيلم لعرض ما نفذته عليهم. لا يفصلني عن المقابلة سوى 20 دقيقة، ولم أنفذ شيئا بعد. بالمصادفة كان معي عددا من البطاقات البيضاء، ففكرت سريعا وأعددت قصة مصورة فوقها في الوقت المتبقي، وحين قابلت المنتجين، شرحت لهم الفكرة: "سيمشي بوند ثم يلتفت هنا ويطلق النار، وعند تلك النقطة سيسيل الدم على الشاشة"، وكان ردهم: "رائع"».
من جهة أخرى، لاحظ المؤرخ وأستاذ الدراسات السينمائية بجامعة لسيستر، جيمس تشابمان، أن ذلك المشهد ربما يكون إعادة لمشهد من فيلم The Great Train Robbery، وهو فيلم قصير صامت، يعد من أوائل أفلام الغرب الأمريكي «الويسترن»، إنتاج 1903، حيث ظهر أحد أبطال الفيلم في مشهد النهاية، مصوبا مسدسه نحو الجمهور قبل أن يطلق النار.
ووفقا لصانع الأفلام والمنتج السينمائي الأمريكي الشهير، هاوارد هيوز، فإن فكرة أن يرى المشاهدون شخصا على الشاشة، عبر ماسورة مسدس أو بندقية، ظهرت مبكرا قبل بداية سلسلة «جيمس بوند»، تحديدا في فيلم الويسترن «Forty Guns»، إنتاج 1957، وهو الفيلم الذي استلهم منه المخرج الفرنسي جان لوك جودار، مشهدا في فيلمه Breathless، إنتاج 1960، وبطولة جان بول بلموندو وجان سيبيرج، والمعروف بمشهد «الملصق الملفوف».
«ماسورة المسدس» بعد موريس بندر
بعد وفاة بندر، اختير دانيل كلينمان لتصميم التترات، بداية من أول أفلام النجم بيرس بروسنان في دور بوند، GoldenEye، إنتاج 1995، حيث صمم المشهد بواسطة الكمبيوتر، متلاعبا بالضوء والظلال مع حركة «ماسورة المسدس»، كما لوحظ أن لون الدم السائل على الشاشة أكثر دكانة من سابقيه.
وفي رابع وآخر الأفلام التي لعب فيها بروسنان الدور، Die Another Day، إنتاج 2002، أضيفت مؤثرات خاصة، أظهرت الرصاصة التي تخرج من مسدس «بوند» في كل مرة، وهي تقترب على المُشاهد، ثم تختفي لتسيل الدماء من أعلى مغرقة الشاشة. تلك الإضافة كانت بطلب خاص من مخرج الفيلم، لي تاماهوري.
بداية مختلفة مع نجم جديد
مع دخول النجم دانييل كريج إلى صف النجوم الذين لعبوا دور بوند، ومع أول فيلم يظهر فيه، تغير مشهد «ماسورة المسدس» تماما. لم يكن هو المشهد الافتتاحي في فيلم Casino Royale، إنتاج 2006، بل كان مضفرا ضمن الأحداث، مُوثقِا للمرة الأولى التي يُقدم فيها «جيمس بوند» على القتل، ليصبح من العملاء ذوي الصفرين في أرقامهم الكودية، بالإضافة إلى تصوير «بوند» موليا ظهره للشاشة وهو ينحني ليتلقط مسدسه، قبل أن يستدير ليطلق النار على غريمه. كما كانت المرة الأولى التي يظهر فيها «بوند» خلال هذا المشهد مرتديا بدلة بسيطة ممزقة وغير مهندمة، وليست سترة سهرة أنيقة ونظيفة.
لكن في العمل الثاني لكريج، Quantum of Solace، إنتاج 2008، عاد مشهد «ماسورة المسدس» مرة أخرى بشكله التقليدي، مع اختلافات في التصميم، ودخول ستدويوهات MK12 كمصمم للتترات خلفا لدانيل كلينمان، كما أن بوند ظهر خلاله يمشي أسرع ممن سبقوه. وقال دانييل كريج في تصريحات سابقة إن تصوير هذا المشهد كان الجزء الأكثر إرعابا له خلال تصوير الفيلم كله، مؤكدا أنه أدى المشهد مرتين حتى يخرج بالشكل المطلوب.
في الفيلم الثالث لكريج، Skyfall، إنتاج 2012، كان من المخطط، وفقا لمخرج الفيلم سام منديز، أن يوضع المشهد في بداية الفيلم، إلا أن المشهد الأول من الفيلم كان مشابها إلى حد كبير لمشهد «ماسورة المسدس»، حيث يظهر «بوند» ماشيا في ممر مظلم نحو الشاشة، وحين يدخل دائرة الضوء يرفع مسدسه فجأة.
هنا رأى منديز أن تواجد المشهدين سويا «أمر سخيف جدا»، حسب تعبيره، وهو ما دفعه لنقل مشهد «فوهة المسدس» إلى خاتمة الفيلم. ثم تبعه مشهد آخر ل«ماسورة مسدس» أصغر تلتف حول الرقم 50، احتفاء بمرور 50 عاما على بدء السلسلة، مع وعد بعودة جيمس بوند قريبا.