بعد 48 ساعة عصيبة على الرئيس الأمريكى باراك أوباما، بسبب المعارضة الحادة لمشروعه الخاص بتعميم التأمين الصحى على الأمريكيين، حقق الرئيس أول نصر كبير له، فيما يوصف هنا بمعركة أغسطس، أو «معركة الحياة أو الموت» للرئيس الأمريكى. وقال عدد من خبراء الشرق الأوسط والدبلوماسيون العرب فى العاصمة الأمريكية ل«الشروق»: إن هذه الانفراجة الكبيرة فى الموقف السياسى للبيت الأبيض سوف يكون لها تأثير إيجابى مباشر على مباحثات الرئيس الأمريكى مع الرئيس حسنى مبارك، الذى بدأ زيارته للولايات المتحدة بعد ظهر أمس بتوقيت واشنطن. وأضاف هؤلاء الخبراء، أن أوباما قادر الآن على استقبال مبارك بحالة نفسية أفضل، وبنفس درجة التصميم على طرح مبادرات للتسوية السلمية فى المنطقة، وبنفس الدرجة من التصميم على وقف الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. وكان هؤلاء الخبراء والدبلوماسيون يخشون من أن يؤدى اهتزاز موقف أوباما أو خسارته لمعركة أغسطس إلى تراجعه تدريجيا أمام اللوبى الإسرائيلى القوى فى الكونجرس، وأمام تشدد حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية الإسرائيلية، بحيث يؤجل إعلان خططه فى الشرق الأوسط، والتى حدد لها شهر سبتمبر المقبل على الأكثر، وذلك فى ضوء نتائج القمة المصرية الأمريكية التى تعقد بعد غد الثلاثاء، والقمة الأمريكية الإسرائيلية المتوقعة بعد ذلك. وكان أوباما قد التقى مواطنيه فى مؤتمر جماهيرى على غرار مؤتمرات الحملة الانتخابية، بمدينة بلجراد بولاية مونتانا فى أقصى الغرب الأمريكى، أسفرت عن خروجه بنسبة تأييد كاسحة، حيث لم ينتقده سوى اثنين فقط من الحضور، أحدهما يمثل شركات التأمين الصحى الخاصة التى يسعى القانون الجديد إلى تقليم أظافرها، وبعد إجابة الرئيس على تساؤلاتهما عبرا عن شعورهما بالرضا من الإجابات، وبذلك انخفضت إلى حد كبير درجة الحرارة التى كانت وصلت إلى حد الحمى فى الحياة السياسية الأمريكية يومى الخميس والجمعة الماضيين، إلى حد دفع السيناتور ألرن سبكتر (المتحول من جمهورى إلى ديمقراطى) إلى القول إنه لم ير أمريكا غاضبة على هذا النحو منذ 40 سنة. وكان مستشارو أوباما قد نصحوه بالشروع فورا فى عقد سلسلة من اللقاءات الجماهيرية لقلب الاتجاه الذى صنعته حملات التخويف الجمهورية المحافظة من مشروع البيت الأبيض للتأمين الصحى، والذى اختارت المعارضة الجمهورية شهر أغسطس لتنظيمها، (أى حملات التخويف)، باعتبار أن الشيوخ والنواب يكونون فى دوائرهم بحكم العطلة البرلمانية الصيفية، ومن ثمة فسيعود أغلبهم إلى واشنطن فى دورة الكونجرس الجديدة ليرفضوا مشروع أوباما، فيمنى بهزيمة سياسية تدمر رئاسته، وقد أطلقوا على شهر أغسطس (Break or Make) أى أن هذه المعركة إما أن تدمر أوباما أو أن تصنعه من جديد. وقال ديفيد أكسل روود أحد كبار مستشارى البيت الأبيض: إن كل شيىء يتوقف على شخص الرئيس، ونحن واثقون فى قدرته على تقديم الإجابات والإيضاحات التى سوف يصدقها الأمريكيون، وأضاف أن هناك قدرا كبيرا من التضليل «الجمهورى»، وأن أفضل طريقة لمواجهته هى تصدى الرئيس نفسه لأكثر الأسئلة خشونة والإجابة عليها. وأدت نتائج المؤتمر الجماهيرى الأول فى مونتانا، ومؤشرات اللقاء الثانى أمس فى كلورادو إلى تحسن الموقف العام فى الولاياتالمتحدة، مما دفع السيناتور بنجامين براون (ولاية ماريلاند شمال شرق البلاد) إلى القول إن لقاءاته بناخبيه فى الولاية دفعته نحو مزيد من التأييد لمشروع أوباما.