أيام قليلة متبقية علي اعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما افكاره أو خططه لحل الصراع العربي - الإسرائيلي. ما سيعلنه الرئيس الأمريكي كما هو مفهوم سيكون اكثر من مباديء عامة وأقل من خطة تفصيلية. وإذا كان الاهتمام عربياً وإسرائيليا وإقليميا، بل دوليا مركزاً الآن علي ما سيعلنه الرئيس الأمريكي، والجميع في حالة ترقب وانتظار لكي يعرف افكار أوباما لحل دائم وشامل لهذا الصراع الذي يؤثر بشدة في حياة أهل المنطقة وشعوبها ومستقبلها ايضا، فان الجميع سيتحول بعد إعلان أوباما افكاره الي الاهتمام والترقب لما ستسلكه واشنطن عمليا وعلي أرض الواقع لتنفيذ هذه الافكار، خاصة أن العرب والاسرائيليين يتوقعون ألا تكون أمريكا هذه المرة مجرد مراقب او حكم، انما يتوقعون ان تكون طرفا مشاركا وبفاعلية في اية مفاوضات تعقب الاعلان عن اطلاق عملية سلام جديدة في المنطقة.. وسيكون السؤال المطروح حينها.. الي اي مدي ستشارك امريكا في هذه العملية.. وهل ستكون مشاركتها بروتوكولية فقط ام سوف تتجاوز ذلك؟ وسبب طرح هذا السؤال هو شكوك ومخاوف بدأت تتراكم من هنا وهناك حول مستوي حماس الرئيس الامريكي واستمرار هذا الحماس لحل الصراع العربي - الاسرائيلي، في ظل تعقيدات اقليمية وتعقيدات داخلية امريكية، وايضا رفض اسرائيلي للتجاوب مع واشنطن، واصرار علي تفريغ حل الدولتين من محتواه، وتحدي نتانياهو لواشنطن بالاستمرار في الاستيطان داخل الضفة والقدس. هناك من يخشي أن يفتر حماس باراك اوباما بمرور الوقت او بالاصح باستهلاك الوقت الذي تمارسه إسرائيل بشكل مخطط أو منظم، في ظل المشاكل الداخلية التي بدأ الرئيس الامريكي يواجهها داخل امريكا، والتي قد تسلب منه جل اهتمامه، وتجعله يفكر في التروي في السير بعملية السلام بالشرق الاوسط، خاصة ان هذه العملية ستضيف اليه متاعب داخلية ايضا تتمثل في ضغوط يهود امريكا الذي استطاع حتي الآن أن يقنعهم بأنه يسعي لصيانة امن ومصلحة إسرائيل، ولكنه لم يستطع ان يقنعهم بضرورة مشاركته في الضغط علي حكومة نتانياهو لتكون أكثر استجابة لأفكاره وخططه لحل الصراع العربي - الاسرائيلي. فالرئيس باراك أوباما يواجه الآن داخليا اعتراضات متزايدة ضد مشروعه الجديد للتأمين الصحي، ويقود هذه الاعتراضات عدد من جماعات المصالح التي سوف تهتز وتتأثر مصالحها بالقطع بعد تطبيق هذا المشروع، فضلا عن عدد لا يستهان به من النواب داخل الكونجرس الذين يمثلون هذه الجماعات او الذين لا يفهمون جوهر هذا المشروع والهدف منه.. والرئيس اوباما يحتاج لادخار كل قوته لكي يوفر لمشروعه للتأمين الصحي النصاب الكافي لتمريره في الكونجرس، في ظل تآكل جزء من شعبيته التي كان يستثمرها علي نطاق واسع في الشهور الأولي لتوليه الحكم، وبذلك لن يكون المتبقي له من قوة يكفي لدفع سفينة السلام بمنطقتنا في مواجهة امواج اسرائيلية لا تحاول فقط منع تحريك هذه السفينة انما اغراقها. كما ان الرئيس الامريكي يواجه ايضا معارضة لتنفيذ خططه في افغانستان التي تقتضي زيادة عدد القوات الامريكية في هذا البلد المضطرب الذي مازالت طالبان ومعها القاعدة تصول وتجول فيها، حتي داخل العاصمة كابول ذاتها، ولم يؤمن الغزو الامريكي له او تواجد القوات الامريكية في أراضيه استقرارا. ولكن المزعج للرئيس الأمريكي ان هذه المعارضة لا تأتيه من الجمهوريين الذين لم يتوقفوا يوما عن شن هجوم عليه بسبب خططه لمواجهة الأزمة العالمية، انما تأتيه من داخل حزبه الديمقراطي ذاته. وها هي رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تقول بوضوح: لن يكون هناك تأييد لارسال مزيد من القوات لافغانستان.. وها هو السيناتور كارل ليفن رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يعلن بصراحة رفضه زيادة القوات الامريكية في افغانستان. وهكذا فتحت ابواب معارك عديدة تواجه اوباما.. فهل سيقتنع ان معركة واحدة تكفي.. وبذلك يفتر حماسه لخطوات كبيرة في الشرق الاوسط لحل الصراع العربي - الإسرائيلي؟!.. الأيام وحدها هي الكفيلة بالاجابة عن هذا السؤال.