وزير الري يبحث مع مدير معهد البحر الأبيض المتوسط للمياه تعزيز التعاون البحثي    «الصحة» تعلن تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    تراجع جديد في سعر الجنيه الذهب صباح اليوم السبت 10 مايو 2025    سعر اللحوم الحمراء اليوم السبت 10 مايو    سعر طبق البيض اليوم السبت 10 مايو 2025    الإحصاء: ارتفاع أسعار الفاكهة بنسبة 62% خلال عام    تطوير المواني والمناطق الصناعية ركيزة أساسية لتعزيز التنافسية    إسكان النواب تستأنف مناقشة تعديل الإيجار القديم، وغدا الاستماع للمستأجرين    رئيس الوزراء يبدأ تفقد عددٍ من مشروعات "المنطقة الاقتصادية لقناة السويس" شرق وغرب بورسعيد.. مدبولى: تطوير الموانئ والمناطق الصناعية ركيزة أساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطنى وجذب المزيد من الاستثمارات    الخارجية الصينية تدعو الهند وباكستان للتهدئة وضبط النفس    الدور المصرى حيوى    وزير الخارجية يؤكد موقف مصر الداعم للسلطة الفلسطينية    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    الجيش الهندى: باكستان استخدمت صاروخا عالى السرعة لاستهداف قاعدة جوية بالبنجاب    صحيفة عبرية: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    الخليج يلتقي الرياض لاستعادة الانتصارات بالدوري السعودي    مواعيد مباريات السبت 10 مايو - مباراة في الدوري.. ومانشستر سيتي وقمة إيطالية    موعد جلسة التحقيق الجديدة مع زيزو اليوم    «ظالم جمهور الزمالك كله».. عمرو أديب يفتح النار على مجلس لبيب (فيديو)    غرق شاب فى النيل بمركز تلا بالمنوفية    الأرصاد تحذر من استمرار موجة شديدة الحرارة.. اعرف موعد الذروة    مصرع شخصين فى حادث تصادم بين سيارتى نقل على الطريق الإقليمى بالمنوفية    رصدوا خدمات أمنية لبنكين وكنيسة.. محاكمة 9 متهمين ب«ولاية داعش الدلتا» اليوم    اليوم.. محاكمة صيدلي بتهمة انتحال صفة طبيب والتسبب في وفاة حفيدة رئيس وزراء أسبق    إصابة 8 عمال بسبب تصادم بين سيارة ربع نقل وميكروباص بالمنيا    نجل محمود عبدالعزيز يُفجر مفاجأة في أزمة بوسي شلبي    دعوة لتأهيل الشركات المصرية والعالمية لإدارة وتشغيل وصيانة حدائق "تلال الفسطاط"    المتحف المصري الكبير يستقبل رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات لشغل عدد من المناصب الأكاديمية والإدارية    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    طرح فيلم "الست" للنجمة منى زكي ضمن قائمة افلام موسم رأس السنة الجديدة    «الثقافة» تنظم زيارة تثقيفية لأطفال المناطق الجديدة الآمنة بمركز الحضارة والإبداع    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر    الصحة: تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    طريقة عمل عيش الشوفان، زي الجاهز وبأقل التكاليف    1500 جنيه.. مكافأة استثنائية للعاملين بمستشفيات جامعة القاهرة تقديرا لجهودهم    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    التعليم العالي: مكتب التنسيق الإلكتروني للقبول بالجامعات والمعاهد لجميع الشهادات يباشر أعماله هذا العام من جامعة القاهرة    قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدنى    كيف تؤثر موجة الحر على صحة العين؟.. نصائح للوقاية    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    الجيش الباكستاني: رئيس الوزراء شهباز شريف يدعو إلى اجتماع لهيئة القيادة الوطنية    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    الصحة تكشف 7 فوائد للاهتمام بالحالة النفسية للأطفال    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    وزير سعودي يزور باكستان والهند لوقف التصعيد بينهما    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تخدعوا أنفسكم
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 09 - 2015

أوروبا التى تغرقها اليوم الحروب الأهلية والاستبداد والعنف فى بلاد العرب فى موجة بشرية عاتية تطرق أبوابها (الأرض والشواطئ) نزوحا وارتحالا وهجرة وطلبا للجوء، أوروبا هذه سبق أن أغرقت العالم فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين بفاشيتها وحروبها فى موجة مشابهة لم تغب أبدا حقائقها الصادمة ومشاهدها المخزية.
1933، أحكم النازيون سيطرتهم على المجتمع والدولة وسرعان ما وظفوا آلتهم القمعية لتعقب واضطهاد ومصادرة الملكية الخاصة للمواطنين المنتمين للديانة اليهودية لدفعهم إلى الارتحال بعيدا عن الأرض التى امتهنت النازية تراثها الإنسانى المستنير والمتسامح (تطور فى القرن السابع عشر فى أعقاب الحروب الدينية) وفرضت عليها العداء للسامية والفكر التآمرى والعقاب الجماعى وكراهية الآخر مكونات لهستيريا عنف عام. ارتحلت أعداد كبيرة من الأسر الألمانية المنتمية للديانة اليهودية إلى الجوار الأوروبى (إلى سويسرا وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى) وارتحلت أعداد أكبر إلى أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وإلى ملاذات آمنة أخرى فى موجة هجرة ولجوء أولى واسعة النطاق.
1938، شرع النازيون فى توظيف الصمت العالمى على جرائمهم واستخدام آلتهم العسكرية لالتهام الدول المجاورة، من النمسا التى ضمت دون حرب إلى أجزاء من تشيكوسلوفاكيا السابقة ومن بولندا التى احتلت عسكريا ودفعت تداعياتها إلى نشوب الحرب العالمية الثانية. هنا تشكلت موجة هجرة ولجوء ثانية شملت يهود أوروبا الذين نجوا من محارق النازية ومن دمار جيوشها التى كانت تغزو وتخضع بسرعة فائقة، ومجموعات عرقية ذات خصوصية كقبائل الغجر (الروما والسينتى تحديدا)، وأعداد كبيرة من العلماء والمبدعين والفنانين والمفكرين والكتاب والسياسيين ممن رفضوا الاستسلام للفاشية وبحثوا عن الحرية بعيدا عنها. وكان أن اتجهت هذه الموجة الأوسع من سابقتها والتى تواصلت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية فى 1945 إلى أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية بصورة أساسية، وكان أن تمكنت المجتمعات المستقبلة للنازحين والمهاجرين واللاجئين من استيعابهم على نحو أفضل ونجحت فى الإفادة من قدراتهم العلمية والفنية والفكرية والاقتصادية أيضا. وعلى هامش موجة الارتحال إلى الأمريكيتين، نزحت مجموعات سكانية كبيرة داخل القارة الأوروبية هربا من جيوش النازية والفاشية وهربا من الحروب الدامية (خاصة فى أراضى الاتحاد السوفييتى السابق) وتكررت ذات المأساة فى بعض مناطق القارة الآسيوية على وقع الاجتياح والاستعمار اليابانى.
1945، هزمت النازية الألمانية والفاشية الإيطالية وهزمت عسكرية القتل والدمار فى اليابان وترتب على ذلك موجة نزوح وارتحال ثالثة كان ضحاياها السكان الألمان للأجزاء الشرقية من ألمانيا النازية (بروسيا الشرقية) التى احتلتها الجيوش الروسية وأعملت فيها جنون الانتقام من الغزاة المهزومين (غزت الجيوش النازية الاتحاد السوفييتى فى 1941 وقتلت ملايين الأبرياء)، وكان ضحاياها أيضا من الأسر اليابانية التى أرسلتها الفاشية للاستيطان فى «المستعمرات» اليابانية المنتشرة فى مناطق آسيوية مختلفة ورتبت الهزيمة العسكرية اعتداءات ممنهجة ضدها وعنف واسع النطاق وتهجير مأساوى باتجاه وطنهم المدمر. لم تنجح ألمانيا المهزومة ولا اليابان المدمرة فى استيعاب النازحين والمهجرين واللاجئين بيسر، وأضافت عذابات «العائدين» إلى مأساة الخراب العام الذى خلفته النازية والفاشية وعسكرية القتل فى البلاد التى تسلطوا عليها.
تعلم الكثير من الأوروبيين درس الثلاثينيات والأربعينيات المروع وأسسوا لتجارب ديمقراطية وتنموية نجحت واستقرت وأبعدت شبح الفاشية والحرب، بل تحرك الأوروبيون المنخرطون فى جماعة ثم فى اتحاد لمساعدة جوارهم فى شرق ووسط وجنوب قارتهم لتطبيق مبادئ الديمقراطية والتنمية المستدامة ولتجاوز حروب أهلية عصفت ببعض المجتمعات ورتبت موجات لجوء محدودة نسبيا (الحرب الأهلية فى يوغسلافيا السابقة ولجوء أعداد مؤثرة من سكان الدولة التى انهارت وتفتت إلى بلدان أوروبا الغربية).
واليوم، تخدع أوروبا ذاكرتها التاريخية وعقلها الجمعى إن ظنت إن موجة اللجوء العاتية القادمة إليها من بلاد العرب ستتراجع أو تسمح بالسيطرة عليها ما لم تتخلص المجتمعات العربية من الفاشية والاستبداد والتطرف والتخلف وتنفتح على تجارب ديمقراطية وتنموية حقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.