وكيل تعليم الوادي الجديد يتابع اختبارات القبول لمدرسة المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا    تكليف مكاتب قانونية ومالية لإعادة دراسة النموذج المالى لعملاء البنوك من مطورى العقارات دافعى رسوم «المجتمعات العمرانية»    وزير الرياضة يشهد ختام دورة الألعاب الرياضية ببورسعيد بمشاركة 10 دول عربية.. صور    4 ابار مياه شرب تقضى على ضعف المياه بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    شمال سيناء: استمرار حملات مواجهة الحمى القلاعية حفاظا على الثروة الحيوانية    رئيسة وزراء الدنمارك: إسرائيل ستكون في وضع أفضل دون نتنياهو    سمير جعجع عن آخر خطاب لأمين عام حزب الله: تهديد للحكومة والمؤسسات الدستورية    كنائس بروتستانتية تدعو الحكومة الهولندية للاعتراف بفلسطين    سوريا: السيطرة على 80% من الحرائق بريف اللاذقية الشمالي    مستشار الرئيس الفلسطيني: أوهام "إسرائيل الكبرى" تعكس رفض السلام وتهدد بإشعال حرب دينية    ضربة البداية.. حامل اللقب برشلونة يواجه مايوركا العنيد    فيرديناند: أين يتواجد صلاح بين عظماء البريميرليج على مر التاريخ؟    وزير الرياضة: أهنئ جماهير بورسعيد على البداية الرائعة للنادي المصري    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. القناة في المركز الأول    بعد وقف نظر الدعوي.. تأجيل محاكمة 15 متهم ب" خلية التنظيم الثوري " للإطلاع علي أسباب حكم رد المحكمة    الأحد.. ندوة «منظومة القيم والأخلاق بين الماضي والحاضر» بقصر الأمير طاز    مسابقة "دولة التلاوة"..وزير الأوقاف يتفقد لجان التصفيات من مسجد عمرو بن العاص    ياسمين عبد العزيز تعلن مشاركتها مع أحمد سعد في عمل جديد | شاهد    "نادي حافظ.. رحلة نحو الشعر" مؤتمر لاتحاد كتاب مصر بنادي الفيوم الرياضي| صور    «الصحة»: فحص 8.3 مليون طفل بمبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لحديثي الولادة    في 3 أيام.. إيرادات "درويش" تتجاوز 8 ملايين جنيه    رئيس البرلمان العربي يعزي الجزائر في ضحايا سقوط حافلة نقل    إليسا تخطف الأنظار في العلمين الجديدة.. فستان وردي وحضور غير مسبوق    إنفوجراف| ضوابط تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم شروط قانون الإيجار القديم    نائب وزير الصحة يكشف عن عدة سلبيات داخل منشآت طبية بالمنيا.. ويجازي عددا من الأطباء    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    "حقوق أسيوط" تحتفي بمتفوقيها وتستعد لدعمهم ببرنامج تدريبي بمجلس الدولة    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    بعد حريق محطة الحصايا.. إعادة تشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز إدفو    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    5 أطعمة تقلل من مستويات حمض البوليك في الجسم.. تناولها    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    تقليل الاغتراب 2025.. أماكن الحصول على الخدمة للمرحلتين الأولى والثانية    التعليم: كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية: تصريحات نتنياهو تمثل استفزازًا صارخًا لمشاعر الشعوب العربية والإسلامية    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة النوم فى العسل
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 08 - 2015

موجة الحر الخانق التى ضربت مصر قبل عشرة أيام لم تكن لسعة طارئة كما ظننا. وزوالها ليس سببا كافيا للاطمئنان وراحة البال. ذلك أنها كانت ضمن رسائل الإنذار التى تنبهنا إلى شىء ما يتغير فى المناخ ويمكن أن يكون كارثيا إذا لم يأخذه الجميع على محمل الجد، بحيث يتحسبون للبلاء قبل وقوعه. وهذا التغير ليس مقصورا على الارتفاع غير العادى فى درجات الحرارة، لكنه يستصحب معه كارثة أخرى تلوح فى الأفق، تتمثل فى احتمالات الدخول فى عصر العطش الذى يرشح العالم العربى، ومنطقة الخليج بوجه أخص. ليكونوا فى مقدمة ضحاياه.
فى شهر يوليو الماضى اعتبرت منطقة الشرق الأوسط أسخن بقاع العالم. إذ ذكرت صحيفة «يو اس ايه توداى» فى 31 يوليو أن درجة الحرارة فى مدينة بندر ماهشهر الإيرانية القريبة من منطقة الخليج وصلت إلى 52 درجة مئوية. وكانت تلك واحدة من أعلى درجات الحرارة المسجلة فى التاريخ، واعتبرها الخبراء من أعلى درجات الحرارة المسجلة حول العالم. كذلك أثار ارتفاع درجات الحرارة أزمة حادة فى العراق. ذلك أن الحكومة أعلنت عن فشلها فى توفير الهواء المكيف للناس. ولامتصاص غضبهم، فإن رئيس الوزراء اتخذ عدة قرارات إصلاحية مهمة، فألغى منصب نائب رئيس الحكومة واتخذ عدة إجراءات لمكافحة الفساد. وأصبحت العطلة أربعة أيام فى الأسبوع لتقليل أوقات تعرض الناس للشمس واضطرارهم إلى الخروج من منازلهم. حتى منازل الوزراء التى كان التيار الكهربائى يتوافر فيها على مدى الساعة لتشغيل المكيفات. حرمت من ذلك الامتياز. وهو ما لم يكن كافيا لتهدئة الناس وامتصاص غضبهم، لذلك خرجت المظاهرات الاحتجاجية إلى الشوارع، التى نسى فيها الجميع صراعاتهم ومراراتهم، حتى تهديدات تنظيم داعش نسوها كما ذكرت مجلة «تايم»، فى حين صب المتظاهرون الذين كانوا بالآلاف سخطهم وغضبهم على عجز الحكومة وفشلها وفساد رجالها.
ارتفاع درجات الحرارة ليس التعبير الوحيد عن التغيرات المناخية. لأن إيران مثلا تعانى من انحسار واحدة من أكبر البحيرات المالحة فى العالم «بحيرة أروميه» التى تراجعت مساحتها بنسبة تجاوزت 80٪ خلال السنوات العشر الماضية بسبب تلك التغيرات إضافة إلى أسباب أخرى، مثل توسيع نطاق الرى للمزارع المحيطة وبناء السدود على الأنهار، التى تغذى جسم البحيرة.
مما ذكرته دراسة أجرتها عام 2011 الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوى أن ثمة أدلة قوية على تراجع نسبة تساقط الأمطار خلال فصل الشتاء فى المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط خلال الفترة بين عامى 1971 و2010 وذلك بسبب التغيرات المناخية. لذلك فإن تلك المنطقة عانت فى العشرين سنة الأخيرة من أشد فصول الشتاء جفافا على نحو لم تعرفه منذ عام 1902، أى منذ بداية القرن الماضى.
اعتمدت فى المعلومات السابق ذكرها على مضمون مقالة لتوماس فريدمان محرر صحيفة نيويورك تايمز، ونشرتها جريدة الشرق الأوسط فى 21/8 الحالى. ثم وجدت أن ما ذهب إليه الكاتب لم يختلف عن الخلاصات التى انتهى إليها الباحثون فى المعهد العالمى للموارد المائية. فيما صدر عن اجتماعهم فى لشبونة وإسبانيا، ونقلته وكالة رويترز فى 27 أغسطس الحالى. إذ صنف أولئك الباحثون الشرق الأوسط باعتباره أكثر مناطق العالم افتقارا إلى الأمن المائى. وتوقعوا بعد تصنيفهم 167 دولة من حيث توافر المياه أن تواجه 13 دولة فى الشرق الأوسط إضافة إلى الأراضى الفلسطينية أزمة خانقة فى المياه خلال 25 سنة قادمة. وحددوا ثمانى دول من بين العشر الأول عالميا المرشحة لتلك الأزمات هى: البحرين والكويت وقطر والإمارات والسعودية وسلطنة عمان وإسرائيل. وعزت تلك الأزمة إلى ندرة المسطحات المائية واشتداد الطلب على المياه.
قالت مديرة البرنامج العالمى للمياه بالمعهد بيتسى أوتو إن حكومات المنطقة يجب أن تتفهم الأخطار المحتملة وأن ترتب أمورها بناء على ذلك. وضربت المثل بسنغافورة التى استخدمت أساليب مبتكرة فى هذا الصدد. وأشارت فى ذلك إلى أن أزمة المياه لن تكون مقصورة على استخداماتها ولكنها ستؤثر بالتالى على إمكانية توفير الغذاء لشعوب المنطقة.
النقطة المهمة التى أثارها خبراء المعهد الدولى واتفق معهم فيها المعلق الأمريكى توماس فريدمان هى أن أزمة المياه يمكن أن تفتح الباب لاضطرابات سياسية تعانى منها الدول المتضررة. لأن ذلك يؤدى إلى إفقار المجتمعات وزيادة الهجرات الداخلية. وذكر فريدمان فى هذا السياق أن الثورة السورية سبقتها أربع سنوات من الجفاف دفعت مليونا من المزارعين والرعاة إلى الهجرة من قراهم إلى المدن. وهؤلاء عجزت حكومة دمشق عن مساعدتهم، مما ساعد على تأجيج الثورة.
لا أكاد أرى أحدا فى مصر مشغولا بالموضوع على خطورته. خصوصا أن ثمة تهديدا ماثلا تحت أعيننا لا يعرف حجمه يلوح فى الأفق، يمثله سد النهضة الإثيوبى الذى يفترض أن يكتمل بناؤه فى عام 2017. وليس هناك اتفاق على طبيعة المخاطر أو الأضرار التى ستهدد مصر بسببه. ومن الخبراء المصريين من يبالغ فى تلك الأخطار ومنهم من يهون من شأنها. وكل ما نعرفه أن الخلافات مستمرة بين المكاتب الاستشارية التى تتولى دراسة الجوانب المختلفة للمشروع. ومن أولئك الخبراء من يرى أن استمرار الخلافات يراد به كسب الوقت وتمكين الإثيوبيين من فرض الأمر الواقع على الجميع فى النهاية. لا أتفق مع المثل المصرى الشائع الذى يقول أحينى اليوم وأمتنى غدا. وحتى إذا فهمناه فيما خص الأفراد فإنه لا ينبغى تنزيله على حالة الشعوب لأنه يعد دعوة مبطنة إلى الانتحار. وذلك ما لا ينبغى السكوت عليه، لأن المصائر لا تحتمل النوم فى العسل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.