إذا كنت تملك وحدة سكنية بقيمة 500 ألف جنيه، سيكون عليك أن تدفع عنها ضريبة عقارية تبلغ 30 جنيها فى العام، أما إذا كانت قيمة وحدتك تصل إلى 10 ملايين، فعليك أن تدفع مقابلها نحو 10 آلاف جنيه سنويا. هذا ما تقضى به اللائحة التنفيذية للقانون والتى صدرت يوم الجمعة الماضى، على أن يبدأ تطبيق القانون الجديد فى يناير المقبل. «القانون الجديد سيعمل على تعديل الهرم المقلوب، ف90% من حصيلة الضرائب بعد تطبيقه سوف تأتى من الأغنياء، والباقى ستسدده الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة»، هكذا علق سمير مرقص، خبير ضرائب، على قانون الضرائب العقارية، مشيرا إلى أن القانون القديم كان يحابى الأغنياء على حساب الفقراء، «فالفقراء هم الذين كانوا يسددون قيمة الضريبة العقارية، بينما كانت 80% من المبانى معفاة من الضرائب العقارية». ويقضى القانون الجديد على غابة التشريعات الضريبية التى تحكم مجال العقارات، والتى «يمتد بعضها لعهد محمد على، ويضم قرارات سلطانية، مما كان يؤدى لمشكلات كبيرة»، كما يقول كمال أبوعيطة، رئيس النقابة العامة المستقلة للضرائب العقارية، موضحا أن أحد القوانين السابقة كان يفرق بين العقارات المبنية قبل عام 1977 والتى تخضع للضرائب، وتلك المبينة بعد هذا التاريخ حيث تتمتع بالإعفاء، «وهو ما خلق وضعا مختلا، يدفع فيه مالكو بيوت قديمة ومتهالكة ضرائب فى مقابل إعفاء أصحاب الشقق فى ناطحات السحاب». ويقول سمير مرقص إنه «لم يشهد أى مشروع قانون كل هذه المقاومة والجدل الذى أثير حول هذا القانون، والذى شهد مقاومة ضارية من أصحاب المصلحة»، موضحا أن أصحاب المصلحة كان من الصعب عليهم أن يمر. وقد مضى على قانون الضرائب العقارية القديم أكثر من 70 عاما، وشهدت هذه الفترة العديد من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، بحيث أصبح «غير صالح للتطبيق بصورته الحالية»، كما يرى مرقص. كيف تقدر الضريبة وتحسب الضريبة بناء على تقدير القيمة الإيجارية، وهى القيمة التى يمكن أن يتم تأجير الوحدة السكنية بها، والتى تحددها لجنة مختصة، بناء على القيمة السوقية للعقار وموقع الجغرافى، وطبيعة المنطقة والشارع الكائن بهما، ومستوى ونوعية البناء (فاخر، متوسط، شعبى)، ومدى قرب العقار من الشواطئ، أو الحدائق والمتنزهات العامة، بالإضافة إلى توافر المرافق المختلفة. ويخصم 30% من القيمة الإيجارية السنوية التى تحددها اللجان مقابل جميع المصروفات التى يتكبدها المالك، بما فى ذلك مصاريف الصيانة، وذلك فيما يخص العقارات المخصصة لأغراض السكن. وتتمتع كل الوحدات (شقق، فيللات، شاليهات) التى لا تزيد قيمتها الإيجارية، بعد خصم نسبة ال30%، على 6 آلاف جنيه سنويا بإعفاء ضريبى، أما الوحدات التى تزيد على حد الإعفاء فتفرض عليها ضريبة بنسبة 10%. وبذلك تكون الوحدات المقدرة قيمتها السوقية بما يقل عن 450 ألف جنيه من سداد أى ضريبة (لأن صافى قيمتها الإيجارية لا يتجاوز 6 آلاف جنيه). بينما يدفع صاحب الوحدة التى يزيد ثمنها على 500 ألف جنيه، ضريبة 30 جنيها سنويا، سواء سكن فيها أو أجرها للغير. أما إذا بلغت قيمة الوحدة السكنية مليون جنيه، يدفع عنها صاحبها 660 جنيها سنويا، وتصل إلى 10 آلاف جنيه إذا بلغت قيمة الوحدة 9 ملايين. وترتفع قيمة كثير من الوحدات السكنية فى المناطق الجديدة حول القاهرة وشاليهات الساحل الشمالى، بالإضافة للمناطق القديمة التى ارتفعت قيمة الأرض فيها ورفعت من سعر الوحدات السكنية، مثل الزمالك وجاردن سيتى وغيرها. ويرى صلاح حجاب، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال، أنه لا يجب أن تفرض ضريبة على الوحدة السكنية، التى يتخذها المواطن سكنا له، طالما أنها لا تدر دخلا عليه، «فمن حق كل مواطن أن يكون له سكن واحد، حتى إذا بلغت قيمته أكثر من مليون جنيه، لأن حق السكن كالماء والهواء. أما إذا زاد عدد الوحدات السكنية المملوكة للفرد على وحدة واحدة، يكون من العدل أن يتم فرض ضريبة على باقى الوحدات، بحيث يحصل على إعفاء لمكان سكنه فقط. وضع الوحدات المؤجرة أما بالنسبة للوحدات التى يقوم المالك بتأجيرها فيقول كمال أبوعيطة، إن الضرائب لا تقوم بتقدير قيمة العقار إذا كانت هناك علاقة إيجارية قائمة ومستقرة، طبقا لعقد قانونى، أو حكم محكمة، وبالتالى فالوحدات المؤجرة بالفعل ستحسب قيمتها الإيجارية، التى تحدد الضريبة بناء عليها، بحسب ما ورد فى عقد الإيجار. وبموجب اللائحة التنفيذية للقانون الجديد فإن العقارات القديمة المؤجرة منذ عشرات السنوات، ككثير من العقارات فى منطقة الزمالك، وجاردن سيتى، ومصر الجديدة، ستكون غير خاضعة للضريبة، لأن القيمة الإيجارية السنوية تكون أقل من 6000 جنيه فى كثير من الأحيان، كما يوضح صلاح حجاب. وعن إمكانية أن ينشب خلاف ما بين المالك والمستأجر حول دفع قيمة الضرائب العقارية يقول سمير مرقص أنه إذا حمل المالك المستأجر قيمة الضرائب العقارية فإنها تعد جريمة «غدر» فى قانون العقوبات يعاقب عليها القانون بالحبس أو التعويض. قد يتضرر البعض من القانون وتخضع الوحدات المستخدمة للسكن، غير المؤجرة، للتقييم الذى تقوم به لجنة مختصة، فى قوائم وضعها خبراء من الإسكان والمالية، تضم أسعار الأراضى والقيم الإيجارية للوحدات. ويرى أبوعيطة أن هناك فئات ستكون أكثر تضررا من هذا الوضع، مثل أصحاب شقق فى مناطق كالزمالك وجاردن سيتى من الأرامل وأصحاب المعاشات الذين ورثوا عقارات عن آبائهم أو اشتروها من سنوات بعيدة، وارتفعت قيمتها السوقية بشكل كبير، دون أن يعود عليهم هذا الارتفاع بأى نفع، نظرا لأنهم يستخدمونها فى السكن. ومع أن هناك نصا فى القانون الجديد يقول إن غير القادرين على سداد المستحقات الضريبية عن العقار الذى يسكنون فيه، ستنوب عنهم الدولة، لكن أبوعيطة يرى أن هناك صعوبة فى إثبات عدم القدرة على السداد. ورغم أن القانون يفرض على الأغنياء أن يسددوا الضرائب عن عقاراتهم الفاخرة، فإن أبوعيطة يرى أنه يحابى أصحاب الدخول الأعلى، موضحا أن القوانين القديمة رغم عيوبها كانت تقسم المجتمع الضريبى إلى شرائح تبدأ ب10% وتصل إلى 40% حسب القيمة الإيجارية للعقار، أما الآن فقد تم توحيد الجميع تحت نسبة واحدة من القيمة الإيجارية هى 10%، بحيث يتساوى الساكن العادى بالمستثمر الكبير، وذلك على الرغم من أن الدول الغنية مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا لديها شرائح ضريبية، وتصل فى بعض الدول الأوروبية إلى 50%.