أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الجمعة، أن واشنطن تعد مع دول الخليج لسلسلة من المبادرات الأمنية في الشرق الأوسط، سيتم التباحث بشأنها خلال قمة مقررة الأسبوع المقبل. والتقى كيري في باريس نظراءه من قطر والكويت والبحرين وعمان والإمارات والسعودية، من أجل التحضير لقمة يشارك فيها رؤساء هذه الدول بدعوة من الرئيس الأمريكي في 13 مايو. وتريد واشنطن أن تزيل مخاوف دول الخليج بأن الولاياتالمتحدة تبتعد عن المنطقة التي تشهد نزاعات، وأن إيران سيظل بوسعها تطوير سلاح نووي بموجب الاتفاق النهائي الذي تحاول الدول الكبرى التوصل إليه مع طهران. وركز الاجتماع في باريس على الأزمات في الشرق الأوسط، وعلى مخاوف دول الخليج من تزايد نفوذ إيران في المنطقة. وقال كيري، إن قمة كامب ديفيد الأسبوع المقبل ستركز على "التهديد الذي يمثله الارهاب في المنطقة وتوسع مختلف التنظيمات الإرهابية، والتحدي الناجم عن الدعم الإيراني في بعض هذه النزاعات". وأضاف: "نحن بصدد إعداد سلسلة التزامات ستنتج تفاهما أمنيا جديدا بين الولاياتالمتحدة ومجلس التعاون الخليجي سيقودنا إلى مستوى أعلى من كل ما سبق". ومع أن كيري لم يعط أي تفاصيل حول هذه المبادرات، إلا أنه أشار إلى أن الجانبين يعملان سويا على "تقوية المعارضة المعتدلة في سوريا" ضد تنظيم داعش ونظام بشار الأسد. كما طمأن كيري نظراءه من دول الخليج حول المحادثات مع إيران بشأن ملفها النووي، ومدى التزام واشنطن إزاء المنطقة. وأضاف: "سأكون واضحا جدا: أن جهودنا من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للملف النووي الإيراني ليس مردها أي تراجع في اهتمامنا بكل العوامل المزعزعة للاستقرار في المنطقة. ومن البديهي أنه من الأسهل مواجهة هذه العوامل بعد إزالة أي سلاح نووي محتمل من المعادلة". وتبدي دول الخليج قلقا إزاء النفوذ المتزايد لإيران في العراقوسوريا ولبنان واليمن. وتنفي إيران باستمرار الاتهامات السعودية بأنها تزود المتمردين الحوثيين في اليمن بالأسلحة. وفي إطار تأييده للهدنة الإنسانية في اليمن التي أعلنتها السعودية لمدة خمسة أيام اعتبارا من الثلاثاء، حثّ كيري "الجهات المؤيدة للحوثيين"، في إشارة إلى إيران، على تشجيعهم على تسليم أسلحتهم. وفي باريس، اكتفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالدعوة إلى "تكثيف وتعزيز العلاقة الأمنية بين الولاياتالمتحدة ومجلس التعاون الخليجي"، رافضا الخوض في التفاصيل. وسيستقبل أوباما قادة دول مجلس التعاون الست في البيت الأبيض الأربعاء، قبل أن يلتقيهم الخميس في المقر الرئاسي في كامب ديفيد التي تبعد حوالي مئة كلم إلى الشمال من واشنطن. وسيحاول أوباما طمأنة شركائه العرب لجهة فوائد الانفتاح على إيران مع احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي حول برنامجها النووي. ورافق كيري مديرة الشؤون السياسية في وزارة الخارجية ويندي شيرمان، وهي أيضا رئيسة الوفد الأمريكي إلى مفاوضات مجموعة خمسة زائد واحد مع إيران. فبالإضافة إلى القلق حيال البرنامج النووي الإيراني والمخاوف إزاء امتلاك طهران سلاحا ذريا في نهاية المطاف مع حصولها على رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها، تشعر الدول الخليجية بأن الأمريكيين يريدون الابتعاد عن المنطقة. ومن الرياض إلى أبو ظبي مرورا بالمنامة، كان لكشف أمر مفاوضات سرية بين طهرانوواشنطن قبل عامين، وقع الزلزال على هذه الدول، وخصوصا السعودية. ويشدد البيت الأبيض على فوائد اتفاق محتمل مع إيران حول برنامجها النووي، لكنه يؤكد أنه ليس منخرطا في عملية واسعة من أجل تطبيع العلاقات مع طهران. لكن قادة دول الخليج يرون تغيرا في المقاربة الأمريكية مذكرين ب"الخط الأحمر" الذي حدده أوباما بالنسبة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا من دون أن يحرك ساكنا. كما أنهم قلقون حيال النفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا وكذلك في العراق واليمن ولبنان.