"من أجل بيئة عمل إنسانية".. ندوات توعوية للعاملين بالقطاع السياحي في جنوب سيناء    وزير الزراعة يبحث تعزيز التعاون مع البنك الدولي لدعم جهود التنمية    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 20 يونيو    سعر الذهب اليوم في مصر ينخفض ببداية تعاملات الجمعة    وزير جيش الاحتلال يحذر حزب الله من المشاركة في الحرب مع إيران    ماذا يحتاج الأهلي للتأهل لدور ال16 بمونديال الأندية؟    تجديد حبس عامل بتهمة سرقة عدادات الكهرباء من مدرسة بالبساتين    حالة الطقس في الإمارات اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    حبس فتاة لقيامها بتصوير فيديوهات خادشة للحياء على مواقع التواصل    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    وزارة البيئة تشارك في مؤتمر "الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" بتونس    الصحة: توفير برامج تدريبية متخصصة للفرق الطبية تواكب المعايير الدولية    حياة كريمة.. الكشف على 833 مواطن ببئر العبد فى قافلة طبية مجانية    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    تعرف على اختصاصات لجنة التعليم العالي بقانون ذوي الإعاقة الجديد وفقًا للقانون.. تفاصيل    إسرائيل تتهم إيران باستخدام "ذخائر عنقودية" في هجماتها    البرلمان الإيرانى: مصالح أمريكا لن تكون آمنة إذا دخلت واشنطن المعركة    نشوب حريق هائل بعدد من أشجار النخيل بإسنا جنوب الأقصر    روبي ووائل جسار نجما حفلات مهرجان موازين الليلة    شرطة بئر السبع: 7 مصابين باستهداف مبنى سكني وأضرار جسيمة نتيجة صاروخ إيراني    جروسي يحذّر: تقاريرنا بريئة من ذرائع ضرب إيران    إنتر ميامى ضد بورتو.. ميسى أفضل هداف فى تاريخ بطولات الفيفا    الأحد.. "مجلس الشيوخ" يناقش خطة وزير التعليم لمواجهة التحرش والتنمر والعنف بالمدارس    سامية سامي: عودة جميع حجاج السياحة البري بسلام إلى أرض الوطن    المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: قانون الإيجار القديم سيُقضى بعدم دستوريته حال صدوره    التأهل يتأجل.. السعودية تخسر أمام أمريكا في الكأس الذهبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 20-6-2025 بعد الارتفاع الجديد    برقم الجلوس نتيجة الصف الثالث الإعدادي في 10 محافظات.. رسميًا الآن    إعلام إيراني: إطلاق 3 صواريخ باتجاه مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل    إعلام إيرانى: دفعة صواريخ جديدة تستهدف النقب بالقرب من قاعدة نواتيم الجوية    برشلونة يقترب من حسم صفقة نيكو ويليامز رغم تعنت بلباو    شيرين رضا: جمالي سبب لي مشاكل.. بس الأهم إن أنا مبسوطة (فيديو)    «أول مرة في حياتي».. تعليق مثير من وسام أبو علي بشأن هدفه الذاتي    انطلاق مباراة باريس سان جيرمان وبوتافوجو في مونديال الأندية    "مش كل لاعب راح نادي كبير نعمله نجم".. تعليق مثير للجدل من ميدو بعد خسارة الأهلي    فايننشال تايمز: وزير الخارجية البريطاني ينقل رسالة من أمريكا لإيران    محافظ المنيا يشهد مراسم تجليس نيافة الأنبا بُقطر أسقفًا لإيبارشية ديرمواس    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    إير كايرو توسّع أسطولها الجوي بتوقيع اتفاقية جديدة في معرض باريس للطيران    الجبهة الداخلية المصرية متماسكة في مواجهة كل الأخطار    «إنجاز طبي جديد».. تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل    خبير اقتصادي: البنوك المركزية قد تعود لرفع الفائدة هربًا من موجة تضخم جديدة    خبير في الحركات الإسلامية: الإخوان يستخدمون غزة كغطاء لأجنداتهم التخريبية    بسبب بلاغ للنائب العام.. محمد رمضان يعتذر لعائلة «هلهل»    هنا الزاهد ب"جيبة قصيرة" وصبا مبارك جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| وفاة والدة مخرجة وفنانة تستغيث ونجمة ترد على شائعة زواجها    "وحش البحار" و"ليو".. أعمال يشاهدها الجمهور على "نتفليكس" في الصيف    خلافات عائلية تنهي حياة خفير نظامي في الفيوم    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف الأردنية نسرين الوادي.. طريقة عمل شوربة البروكلي    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقبرة تحت المياه للجثث الحائرة بين فرق الإنقاذ .. الشيخ عزت انتشل 250 جثة من النيل في 26 عامًا
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 08 - 2009

26 عاما فى انتشال الجثث من النيل أو حتى دفنها فى مقبرة تحت الماء.. إنها مهنة الشيخ عزت فى جزيرة باسوس وسط مجرى النيل.. لكن مسألة انتشال الجثث تتسبب فى خلافات حادة ومستمرة تنشب كل أسبوع ضباط الإنقاذ من مديرتى أمن القليوبية والجيزة.. حيث يحضر الطرفان.. ويزعم كل طرف أن الجثة تقع فى نطاق المحافظة الأخرى.. يتركانها وينصرفان.. يجلس الشيخ عزت أمامها، ويضطر لدفنها فى مقبرة تحت الماء.
الشيخ عزت انتشل كما يقول 250 جثة طوال وجوده فى النيل.
«الشروق» توجهت إلى الشيخ عزت فى جزيرة باسوس.. اسمى عزت فايز دسوقى، 48 سنة، متزوج ولى أربعة أبناء، وأعمل صيادا، لكن لى مهنة أخرى اضطرتنى الظروف للاشتغال بها، وهى انتشال الجثث من النيل، وأصبحت معروفا لدى ضباط قسمى شرطة القناطر.. أتصل بهم دائما للإبلاغ عن عثورى على جثة.. أو يتصلون بى للاستعلام عن وصول جثة إلى الجزيرة.
أول مرة صادفتنى فيها جثة غريق فى نهر النيل عام 1983 تذكر معنا ذلك الموقف، وقال: كنت أنا مع ابن عمتى نجمع الشباك من المياه، وعندما استخرجنا الشبك من المياه وجدنا جثة عالقة فيها.. وقعنا فى حيرة شديدة، وخشينا من تبعات الحادث، وقررنا إعادة الجثة للمياه حتى لا يتهمنا أحد بقتلها.
ويضيف: فى مرة أخرى كنت فى رحلة صيد داخل النيل، وعبر من جانبى قارب به شخص، وسألنى عن جثة طافية على المياه فأجبته بعدم رؤيتى لها، وبعدها بقليل، وجدت الجثة طافية بالقرب من القارب، فقمت بإبلاغ قسم شرطة القناطر فحضر الضباط، وسلمتها لهم، واصطحبونى إلى قسم الشرطة ثم إلى النيابة باعتبارى المبلغ عن الجثة، ومن يومها اعتبرت الأمر سهلا وبسيطا، وقررت الاستمرار فى انتشال الجثث لوجه الله تعالى، ومنذ ذلك الوقت عرف عنى الناس عدم الخوف من هذا العمل، ولكن هناك عدة مشكلات تواجهنى حاليا، وهى الجهات المسئولة، فعند إبلاغ مركز شرطة القناطر بوجود جثة على الشاطئ الخاص بقرية باسوس يحضر الضباط مشكورين لعمل اللازم، ولكن عند الإبلاغ عن وجود الجثة فى الجهة المقابلة تحدث المشكلة، فمركز القناطر يقول إن البر الآخر من النيل يتبع مديرية أمن الجيزة، ومديرية أمن الجيزة تدعى العكس، وعند حسم الخلاف تكون الجثة فات عليها أربعة أو خمسة أيام هذا لو تم الاتفاق بين المدريتين، ولكن لو لم يتم الاتفاق كما حدث منذ وقت، فيتم تسيير الجثة إلى مقبرة تحت المياه.
ويوضح الشيخ عزت طبيعة المقبرة الموجودة فى النيل بأنها مكان يحيط به الحشائش فى شكل قوس بجوار الشاطئ، فيتم دفع الجثة إليه وتظل طافية عدة أيام حتى تتحلل وتستقر فى القاع، وتم دفن عشرات الجثث فى نفس البقعة.
وواصل أن أكثر ما يؤلمه فى هذا العمل أن الجثة المجهولة الهوية ترفض الجهات تسلمها.
وقال إنه منذ وقت قريب أبلغ مديرية أمن الجيزة عن وجود جثة طافية على سطح المياه، وفوجئت فى المساء بحضور لنش إلى منزلى على شاطئ النيل بقرية باسوس، ونزل منه ضابط مباحث، وطلب منى عبور النيل معه لمدة ساعة للتحقيق معى، واعتقدت أنه من أمن الدولة، ولكنى فوجئت أنه ضابط مباحث فى قسم الوراق، حيث قام باحتجازى داخل القسم لمدة يومين، وحرر لى محضر تحرى، وكتب فيه إننى كنت فى دائرة قسم الوراق، وتم القبض علىّ، وأننى لا أحمل بطاقة تحقيق شخصية، وهذا تجاوز حيث إن قسم الوراق تابع للجيزة، والسبب فى احتجازى هو التبليغ عن جثة، وأضاف أن الضابط اتهمه بسرقة الجثث، وطلب منه عدم انتشال الجثث وتركها لحال سبيلها.
وأوضح أنه رفض الانصياع لتعليمات الضابط لأنه من غير المقبول ترك جثث الموتى تنهشها الأسماك والزواحف المائية.
أثناء جلوسنا معه فوق مركبة وسط النيل مر مجموعة من الأشخاص واقتربوا بمركبهم وسأل أحدهم الشيخ عزت: هل شاهدت جثة غريق؟ فاستفسر منهم عن اسم الغريق، ومواصفاته فأبلغوه أن اسمه محمد عبدالرحيم، 35 سنة، من حدائق القبة، وأنه غرق عند عبارة الأخصاص من 9 أيام، وكان عند أهل زوجته، ونزل النيل للاستحمام، ولم يشاهده أحد بعد ذلك، وقمنا بإبلاغ فرق الإنقاذ.
ويكمل الشيخ عزت حديثه قائلا: المشكلة بين مديرية أمن الجيزة والقليوبية أن جزيرة باسوس تتبع إداريا محافظة الجيزة، بينما قرية باسوس تتبع محافظة القليوبية، ونحتار إذا وجدنا الجثة تطفو على شاطئ الآخر من الجزيرة هل تتبع القرية أم الجزيرة نتركها فى المياه حتى يتحدد الموقف، لكن لو ظهر أهل الغريق تكون المشكلة منتهية، ولكن أغلب الغرقى لا تعرف أسرهم عنهم شيئا فأنتشلها وأتحمل عناء الخلافات بين الشرطة.
وأضاف أنه يتعرف على هوية الغريق من خلال الأوراق التى تكون فى ملابسه مثل البطاقة، فأقوم بتوجيه الجثة للرسو فى مكان آمن بين الحشائش بحيث لا تتحرك، وأتوجه إلى أسرته، وأبلغهم بطريق غير مباشر فمثلا ادعى أنه موجود عندى فترة غيابه، أو أنه مريض، وعند حضورهم معى أشرح لهم الموقف بشىء من الهدوء.
وروى الشيخ عزت عن أغرب المواقف التى قابلتها، حيث قال إنه شاهد جثة طفل فى الثانية عشرة من عمره غرق منذ 23 يوما، وعندما حضر أسرته وجدت جثته تطفو فوق الماء بين ورد النيل، وإنه يضع يديه فى وضع قراءة الفاتحة، وإن الأسرة أبلغته أن الطفل تنبأ بموته فى النيل، وكان ينام ويضع يديه فى وضع قراءة الفاتحة.
وموقف آخر آلمنى بشدة، حيث وجدت جثة شيخ غريق ظلت فى المياه أكثر من أسبوع، فأبلغت الشرطة، لكن الضابط رفض الحضور لانتشالها لعدم وجود بلاغ لديه عن مفقودين إلى أن تم تحريك الجثة إلى المقبرة التى تتجمع فيها الجثث، وكنت أبكى يوميا بجوارها على مصيرها لأن الدود كان يأكلها فى كل مكان عدا اللحية والوجه.. سبحان الله.. وجه الجثة كان منور، وبعد فقدان الأمل فى انتشال جثته صليت أنا، وأهل القرية صلاة الجنازة لأن قبره كان فى البحر.
وأضاف أنه خلال الأسبوع الماضى أبلغت عن وجود جثة لشاب تقريبا فى الخامسة والعشرين من عمره حيث حضر فريق الإنقاذ من الجيزة، كما حضر فريق إنقاذ من القليوبية، وتقابلا الفريقان وأرشدتهما إلى مكان الجثة بجوار شاطئ الجزيرة، فحدث خلاف بين الطرفين على التسلم، والنتيجة انسحاب ضباط الإنقاذ حيث ادعى كل طرف أن الجثة تقع فى المحافظة الأخرى.
فقمت بالاتصال برؤساء الضباط مرة أخرى وأبلغت عن الخلافات التى نشبت بين الضابط، وحدثت اتصالات مكثفة من الساعة العاشرة صباحا، وحتى الحادية عشرة مساء انتهت إلى مسئولية مديرية أمن القليوبية عن انتشال الجثة.
وأشار إلى أنه كل يوم شم نسيم من كل عام يتصل به ضابط المباحث، وينبهون عليه بملاحظة حالة المياه، حيث يتم انتشال جثث الغرقى.
وحول ما تتعرض له الجثة أوضح أن الزواحف المائية تأكل عينى الجثة والشفتين، والرقبة باعتبارها مناطق رخوة.
وأكد أن الجثة تظل فى المياه لمدة شهر وتصبح مجرد هيكل عظمى وترسو فى قاع النيل.
وفسر الشيخ عزت أسباب الغرق بأن 75% منها انتحار، و24% من الحالات فهم غرقى بالفعل أما نسبة ال1% فهى جرائم قتل، وهذه الحالات قابلتنى مرتين فقط، وكانت حالات خنق وتم تسليمها للشرطة بدون أى مشكلات وتم البحث عن أهلها.
وأشار إلى أن أهل الغريق يستأجرون مركبا بالإيجار من منطقة الساحل للقناطر الخيرية بمبلغ 300 جنيه، وأحلم بأن يتبرع أهل الخير بتركيب موتور على مركبى حتى أستطيع البحث بسرعة عن الجثث الغارقة بدون أى مقابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.