يبدو أن الأوضاع تحسنت نسبيا لصالح الجمهوريين. فقد تراجعت شعبية الرئيس أوباما فى استطلاعات الرأى، ويجرى حشد المتطوعين لصالح الحزب الجمهورى فى انتخابات 2010 على نحو أفضل مما كان متوقعا، وكانت معركة الرعاية الصحية قاسية بالنسبة للديمقراطيين. والأهم من ذلك، أن استطلاعات الرأى توضح أن الجمهوريين يتقدمون الانتخابات الآن فى سباقين رئيسيين بالولايات؛ فى فيرجينيا ونيوجيرسى. غير أن هناك مشكلة واحدة فقط: البلاد لاتزال لا تحب الجمهوريين. وأظهر استطلاع للرأى أجرته فى الأسبوع الماضى صحيفة وول ستريت مع شبكة إن بى سى نيوز اختلاط آراء الجمهور. وركزت العناوين الرئيسية على تزايد الشك فى خطة أوباما للرعاية الصحية، وتراجع نسبة الموافقين عليها من 60 فى المائة فى فبراير إلى 53 فى المائة الآن. غير أن نفس الاستطلاع أوضح أنه بينما حقق الديمقراطيون خمس درجات كاملة لصالح التصنيف الإيجابى المؤيد له (42 فى المائة فى الجانب الإيجابى إلى 37 فى المائة فى الجانب السلبى) واجه الحزب الجمهورى 13 نقطة سلبا. فلم يصوت لصالح الجمهوريين إلا 28 فى المائة بينما لم يؤيده 41 فى المائة. وربما يكون لهذا علاقة ما ببضعة أشياء قليلة ينبغى أن يعلنها الجمهوريون. ونتيجة لذلك، صار الحزب معروفا بأصوات متطرفة لم يكبحها قادته. ويشمل المتطرفون أولئك «المتمسكون بامتياز المولد» الذين يصرون فى مواجهة جميع الأدلة على أن أوباما لم يولد فى الولاياتالمتحدة، ومن ثم لا يستحق أن يكون رئيسا. وهؤلاء الرجال متشددون لدرجة أن قادة الحزب ومعلقيه المحافظين بدأوا يتبرأون منهم. ولم يعد التنقيب وراء الأعراق محظورا فى بعض البرامج التليفزيونية الحوارية. فعلى سبيل المثال، أعلن جلين بيك المذيع فى قناة فوكس نيوز أن أوباما «يكن كراهية عميقة للبيض أو الثقافة البيضاء». وكان التفكير العرقى قضية كامنة فى الجدل الذى دار حول تعيين القاضية سونيا سوتومايور فى المحكمة العليا. وشكك الجمهوريون من أعضاء لجنة القضاء بمجلس الشيوخ الأمريكى فى نزاهتها وأشاروا مرارا وتكرارا إلى تصريحها الذى تنصلت منه عن الحصافة النسبية فى «الحكمة اللاتينية». ولم تكن راش ليمبو حصيفة عندما ظهر أول تعليق لها «كيف يمكنك أن تترقى فى إدارة باراك أوباما؟ من خلال كراهية البيض أو حتى التصريح بذلك، أو القول بأنهم ليسوا طيبين، أو التقليل من شأنهم، أو أى من هذا القبيل». ويدخل بعض أعضاء الحزب أيضا إلى مناطق خطيرة فى هجومهم على مقترحات الديمقراطيين للرعاية الصحية. وعلى سبيل المثال، فى الأسبوع الماضى ادعى نائب ولاية فرجينيا فوكس، آر إن سى، أن نهج الجمهوريين فيما يتعلق بالرعاية الصحية أكثر تأييدا للحياة لأنه «لا يعرض كبار السن للموت على أيدى حكومتهم». ويعنى مفهوم فوكس المضحك الذى انتشر فى مجال المدونات اليمينية أن البند 1233 من مشروع قانون الرعاية الصحية، يعتبر دعوة للقتل الرحيم. ولكن الأمر ليس بهذا الشكل، فهو ببساطة يوفر تمويل الرعاية الصحية بحيث يستطيع كبار السن المصابون بأمراض خطيرة استشارة أطبائهم بشأن الرعاية المتقدمة والحصول على «شرح من الممارس بشأن استمرار خدمات إنهاء الحياة والمساعدات المتاحة، بما فى ذلك الرعاية المخففة للآلام والإيواء، والاستفادة من مثل هذه الخدمات والمساعدات المتوافرة تحت هذا العنوان». وتؤدى قسوة الهجمات البلاغية إلى تدعيم المخاوف بين بعض الجمهوريين من أن الحزب الجمهورى صار ينظر إليه على نحو متزايد باعتباره حزبا يمينيا ينتمى للجنوب الأمريكى. وأعلن سيناتور جورج فوينوفيتش نائب أوهايو عن هذه المخاوف فى مقابلة مع صحيفة «كولومباس ديسباتش» تحدث فيها عن الدور الذى لعبه السيناتور جيم دى مينت نائب ساوث كارولينا والسناتور توم كوبورن نائب أوكلاهوما. وقال فوينوفيتش الذى سيتقاعد العام المقبل «لدينا الكثير للغاية من أمثال جيم ديمين وتوم كوبورن. إنهم الجنوبيون. الناس يستمعون إليهم ويقولون: هؤلاء الناس جنوبيون. لقد سيطر الجنوبيون على الحزب». ورد السيناتو ديفيد فيتر من لويزيانا الهجوم، واصفا فينوفيتش فى مقابلة مع واشنطن تايمز بأنه «معتدل، بل ضعيف فى الحقيقة». غير أن فيتر قدم تأييدا غير مباشر لادعاء لفوينوفيتش عندما قال: «أنا منحاز لعودة المحافظين إلى جوهر القيم المحافظة. وهناك العديد منا من الجنوبيين الذين يحملون تلك القيم، التى أرى أن الحزب يجب أن يقترب منها». وفى المدى القريب، ربما لا تكون هذه التذمرات والمشادات ذات أهمية كبيرة. فالبلاد تركز على تقييم ما يفعله الديمقراطيون بالسلطة التى فى أيديهم. ويعتمد تحديد الطريق الذى ستسلكه السياسة بشكل كبير على نتيجة معركة الرعاية الصحية واتجاه الاقتصاد. ولكن على الجمهوريين أن يقدموا أنفسهم باعتبارهم بديلا يمكن قبوله، حتى يمكنهم الاستفادة من الفرص التى تظهر فى طريقهم. ولكنهم لم يفعلوا ذلك بعد. وتعتبر مواجهة التطرف، والخروج من خندق الإقليمية من النقاط الجيدة للبداية. (c) 2009, Washington Post Writers Group