* "أمّاية.. وأنت بترحي بالرحى على مفارق ضحى.. وحدك وبتعدّدي على كل حاجة حلوة مفقودة متنسنيش يامّه في عدّودة عدّودة من أقدم خيوط سودا في توب الحزن وحطي فيها اسم واحد مات" وهنا بدلاً من أن نذكر ناجي العلي، نقول بتصرف "كان صاحبي يامّه واسمه عبد الرحمن الأبنودي". رحيل الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، الثلاثاء، صدم أصدقائه ومحبيه، خاصة بعد تأكيد أن عملية المخ التي أجراها في مجمع الجلاء الطبي بالقوات المسلحة تمت بنجاح، وأنه صباح اليوم كان قد تحسنت حالته، خصوصًا أنه "فتح عينيه" في غرفة العناية المركزة. غير أنه وافته المنية صباح الثلاثاء. وفي حديثنا مع نهال كمال زوجة الشاعر الكبير، التي كانت فرحة منذ يومين بأن صحته تتحسن وتدعو المصريين بالدعاء له، قالت: "البقاء لله.. كنت حاسة اليوم أن الأبنودي سيفارقنا". معظم أصدقاء ومحبي الأبنودي، الذين كانوا يستعدون لزيارته بالمستشفى، لم يستطعوا التعليق على وفاته، سوى بكلمة واحدة "إنها خسارة كبيرة للعالم العربي". ويعدّ الأبنودي من أشهر شعراء الشعر العامي في العالم العربي، شهدت معه وعلى يديه القصيدة العامية مرحلة انتقالية مهمة في تاريخها. وكان آخر لقاء مع الأبنودي منذ أكثر من 10 أيام، حيث احتفل أصدقاؤه بعيد ميلاده في منزله بالإسماعيلية، ووقتها قال لهم الأبنودي: "قولوا لمصر اطمني.. ولدك عبدالرحمن واد شديد لسه بيعافر ويتصبر بعيونك". وخلال الاحتفال، شكر الأبنودي الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقوات المسلحة على وقفتهم الغالية معه ومع كل المصريين، وأكد أن لديه يقينًا بأن "مصر ستعبر الأزمات وستتغلب على الصعاب"، إلا أنهم فوجئوا بتدهور حالته الصحية نتيجة تجمع دموي بالمخ استلزم معه إجراء عملية دقيقة بالمستشفى العسكري. ولد الأبنودي عام 1939، في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذونًا شرعيًا وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا وتحديدًا في شارع بني علي؛ حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها، لذلك نجد أن من أشهر أعماله السيرة الهلالية التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها. ومن أشهر كتبه كتاب (أيامي الحلوة) والذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام، وفيه يحكي الأبنودي قصصًا وأحداثًا مختلفة من حياته في صعيد مصر، وفي الكتاب تظهر علاقة الأبنودي بالشاعر المصري أمل دنقل صديق طفولته. ومن أشهر أعماله الشعرية، وهو أول شاعر بالعامية بفوز بجائزة الدولة التقديرية، «الأرض والعيال، الزحمة، عماليات، جوابات حراجى القط، الفصول، أحمد سماعين، أنا والناس، بعد التحية والسلام (1975)، وجوه على الشط، صمت الجرس، المشروع والممنوع، المد والجزر، الأحزان العادية، الموت على الإسفلت، سيرة بني هلال الجزء الأول، الاستعمار العربي، المختارات الجزء الأول». كما يعد الأبنودي شاعرًا غنائيًا كبيرًا له أغانٍ أصبحت علامة في تاريخ الغناء المصري والعربي، حيث غنى له عبد الحليم حافظ «عدى النهار، وأنا كل ما أقول التوبة، والهوى هوايا، وأحضان الحبايب». وغنت له فايزة أحمد «يمّا يا هوايا يمّا». وغنت له نجاة الصغيرة «عيون القلب».