منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ردت المطاردات المدافعة عن السماء الأمريكية على خمسة آلاف إنذار جوي محتمل، لكنها أخفقت الأربعاء في التصدي لطائرة صغيرة هبطت قرب مقر الكونجرس في قلب العاصمة واشنطن، رغم أن المنطقة محظورة على الطيران. فالعاصمة الفيدرالية الأمريكية محمية ببطاريات عديدة دفاعية جوية مضادة للصواريخ. ويستخدم منطاد ضخم موصول يمكن التحكم به، يعرف اختصارا ب«جلنس» لرصد صواريخ على علو منخفض، بين آلاف المناطيد التي تحلق على الساحل الشرقي الأمريكي. وتجري بانتظام ليلا في سماء واشنطن، تمارين من قبل القيادة العسكرية المكلفة الدفاع عن الولاياتالمتحدة وكندا من هجمات جوية، في إطار عملية «النسر النبيل» (نوبل إيجل) ردا على اعتداءات 11 سبتمبر 2001. لكن لا شيء من كل هذا ردع دوج هيوز، الذي أقلع بكل هدوء الأربعاء من بنسلفانيا وحلق بطائرته الصغيرة على علو منخفص خلال أكثر من ساعة حتى وصوله فوق الحديقة الفسيحة التي كانت تعج بالسياح والمطلة على مبنى الكابيتول، حيث هبطت الطائرة على مسافة مئات الأمتار فقط من مقر الكونجرس الذي كان منعقدا في جلسة. وقد أقر مسؤول الأمن الداخلي جه جونسون، الخميس، بحسب بوليتيكو أنه "حلق تماما على ما يبدو أمام الردارات". وقال متحدث باسم القيادة العسكرية المكلفة حماية الولاياتالمتحدة وكندا جايمي هامفريز، إن "القيادة لم تكن على علم بالطائرة العمودية قبل هبوطها". وفي الواقع تحط طائرات تابعة لشركات طيران مقابل البيت الأبيض في مطار ناشيونال-رونالد ريجان. لكن واشنطن محاطة بخط دائري واسع خاضع إلزاميا للمراقبة والتحقق من الهوية ثم بخط آخر يحظر دخوله بدون اذن مسبق. وبالتالي يحظر التحليق فوق منطقة الكابيتول مقر الكونجرس والبيت الأبيض. وقال السناتور الجمهوري ليندسي جراهام، في مقابلة إذاعية باستغراب: "كان يفترض أن نكون في موقع لإسقاطه، لا أعلم لماذا لم تكن هذه هي الحال". ولم تكن الطائرة الصغيرة المجهزة بمقعد واحد تحمل متفجرات، بل فقط رسائل موجهة إلى البرلمانيين، في خطوة ملفتة بهدف التنديد ب"فساد" النظام السياسي الأمريكي. واتهم دوج هيوز (61 عاما) بانتهاك مجال جوي للدفاع الوطني وبأنه لم يسجل طائرته ثم وضع الخميس قيد الإقامة الجبرية في فلوريدا. وهو يواجه عقوبة السجن. وفي يونيو 2014، رصدت طائرتان مطاردتان من طراز إف-16 وواكبت طائرة صغيرة خاصة كانت تحلق فوق العاصمة الأمريكية دون اذن. وفي 2010 فقدت قوات البحرية المراقبة خلال عشرين دقيقة لاحدى مروحياتها دون طيار كانت متوجهة نحو واشنطن، وكادت ترسل حينها طائرات إف-16 لإسقاطها. لكن القضية تضاف إلى إخفاقات عدة لقوات الأمن المكلفة حماية واشنطن التي تعتبر هدفا محتملا منذ اعتداءات 11 سبتمبر (إحدى الطائرات الأربع التي اختطفها قراصنة تحطمت فوق البنتاجون بواشنطن. وفضلا عن المختلين عقليا الذين يقفزون فوق سياج البيت الأبيض أو يطلقون النار على المقر الرئاسي، يتخوف الشرطيون من الخطر المتمثل بالطائرات دون طيار. ففي يناير الماضي تحطمت طائرة هاو دون طيار في حدائق البيت الأبيض، لكن تبين أن الحادث لم يكن ينطوي على أية خطورة أو نية إجرامية. وقال متحدث باسم القيادة العسكرية لحماية الولاياتالمتحدة وكندا مايكل كوشاريك، "إن رصد وتعقب طائرات محلقة بسرعة بطيئة وعلى علو منخفض والتمييز بين عناصر متعلقة بالأحوال الجوية والتضاريس والطيور وغيرها من الأصوات التي يلتقطها الرادار، يعتبر تحديا تقنيا وعملانيا". وتابع: "المنطاد جلنس في طور التجربة وسيتمكن من رصد الصواريخ العابرة والطائرات التي تحلق ببطء وعلى علو منخفض بشكل افضل عندما سيتم ادخاله ضمن المنظومة الدفاعية الجوية بعد أشهر. وبمعزل عن التحدي التقني، فإن مسألة التنسيق بين العديد من أجهزة الشرطة الفيدرالية والبلدية تعود إلى الواجهة.