سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إلى طمأنة الروس الذين تضرروا إلى حد كبير بالانكماش الاقتصادي، مؤكدًا أن الاقتصاد الروسي "تجاوز ذروة" الصعوبات التي واجهها بسبب العقوبات المرتبطة بالأزمة الأوكرانية وتدهور أسعار النفط. وكان الرئيس الروسي يتحدث في برنامج تلفزيوني سنوي طويل جدًا للرد على أسئلة مواطنيه، تطرق فيه أيضًا إلى الحرب في أوكرانيا وقراره التمهيد لتسليم إيران صواريخ "إس-300"، وكذلك التحقيق في وفاة المنشق بوريس نيمتسوف. لكن معظم الأسئلة تركز على الوضع الاقتصادي في روسيا، التي تعاني من أزمة نقدية لا سابق لها منذ وصول بوتين إلى السلطة في العام 2000، وأخرى اقتصادية بعد عام من العزلة المتزايدة بسبب الأزمة الأوكرانية وانخفاض أسعار النفط، الذي يشكل مع الغاز المصدر الأول لعائدات البلاد. واعترف بوتين، بالصعوبات التي يواجهها السكان بسبب التضخم المتزايد، لكنه شدد على ضرورة أن تقاوم البلاد هذه الأجواء الصعبة، مؤكدًا على وجود آفاق للأمل. وقال إن "الخبراء يرون أننا تجاوزنا ذروة المشاكل في ما يتعلق بتسديد الاعتمادات الخارجية للمصارف والشركات". وأضاف أن "العملة الوطنية قامت بعملية تصحيح ولم تحدث كارثة". ومنذ مقابلته الكبرى السابقة في ديسمبر، تبدل الوضع إلى حد كبير. ففي نهاية العام الماضي تعرض الروبل لانهيار استمر يومين وبدا أنه خرج عن كل سيطرة. ورفع البنك المركزي معدل فائدته بشكل أثر على الشركات والمستهلكين. وتحدث خبراء الاقتصاد حينذاك عن سيناريوهات أسوأ. لكن اليوم يصدر النشاط الاقتصادي إشارات تدل على انكماش، لكن الوضع أفضل مما كان متوقعًا. وقد استعاد الروبل الذي تعزز بفضل تراجع المعارك في أوكرانيا وتحسن أسعار النفط، حوالى أربعين بالمئة من قيمته منذ مطلع مارس مقابل الدولار، مما جعل العملة الروسية الأفضل أداء منذ بداية العام. وواصلت العملة الروسية، صباح اليوم الخميس، صعودها الملحوظ. وبلغ سعر الدولار 49,59 روبلاً، بعدما تجاوز خلال الليل 50 روبلاً للمرة الأولى منذ نهاية نوفمبر. وقد لامس عتبة 80 روبلاً في خضم الأزمة في منتصف ديسمبر. وتراجع اليورو إلى 52,85 روبلاً، ووصل إلى أدنى مستوياته منذ نهاية نوفمبر. وكان بوتين توقع في ديسمبر خروجًا من الأزمة خلال عامين. لكنه قال في مقابلة اليوم، إن الأمر "قد يتم بشكل أسرع". إلا أن بوتين حذر من أنه "من غير المرجح أن ترفع العقوبات لأنها قضية سياسية"، مدينًا استراتيجية تهدف إلى "احتواء تنمية البلاد". لكنه رأى أن روسيا يجب أن "تستخدم العقوبات لبلوغ حدود جديدة للتنمية.. وتصحيح سياستها الاقتصادية". وأضاف أن "هدفنا هو أن نجتاز هذه الفترة بأقل الخسائر". وتابع "هل هذا ممكن؟ نعم ممكن". من جهة أخرى، شرح الرئيس الروسي قراره رفع الحظر عن تسليم إيران صواريخ "إس-300"، مؤكدًا من جديد أنه مبرر بإبرام الاتفاق الإطار بين طهران والدول الكبرى في الثاني من أبريل. وقال: "كل المشاركين قالوا أنه تم التوصل إلى اتفاق ولم يتبق سوى التفاصيل التقنية التي يجب تسويتها، وهذا يجب أن يتم في يونيو.. لذلك اتخذنا هذا القرار". وردًا على سؤال عن الأزمة الأوكرانية، نفى بوتين من جديد وجود قوات روسية في أوكرانيا بالرغم من اتهامات كييف والغربيين لموسكو. وقال "هدفنا ليس إعادة بناء امبراطورية"، معترفًا في الوقت نفسه بأنه "لا يجد أي فرق بين الروس والأوكرانيين". وأضاف "إنهم أساسًا أمة واحدة". وفي الإطار نفسه، قال بوتين إن قرار تعليق تسليم سفينتي الحرب "ميسترال" بسبب الأزمة الأوكرانية "لا أهمية له" لروسيا، مؤكدًا أن العقد يهدف قبل كل شيء إلى دعم أحواض صنع السفن الفرنسية. وقال إن "رفض تسليم السفن بموجب العقد إشارة سيئة بالتأكيد، لكن بالنسبة لدعم قدراتنا الدفاعية، أقول لكم بصراحة إنه بلا أهمية". وعاد الرئيس الروسي إلى اغتيال المعارض بوريس نيمتسوف في نهاية فبراير، الذي أثار غضب المعارضة وانتقادات حادة في العالم. وقال: "لا أعرف حتى الآن ما إذا كان (التحقيق) سينجح في كشف الذين يقفون وراءه إذا كان هناك من يقف وراءه". وأخيرًا، اعترف الرئيس الروسي بأن فرض النموذج السوفياتي في أوروبا بعد 1945 لم يكن "أمرًا جيدًا". وقال بوتين: "بعد الحرب العالمية الثانية حاولنا فرض نموذجنا الخاص على دول أوروبا الشرقية وفعلنا ذلك بالقوة". وأضاف "لم يكن ذلك أمرًا جيدًا ويجب الاعتراف بذلك".