النداء موجه للحكومة بأمل سرعة ابلاغها للصين برغبتنا فى الانضمام كعضو مؤسس ب«البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية الأساسية» قبل انتهاء الأجل المحدد يوم 31 مارس، وعدم تفويت هذه الفرصة الذهبية على مصر بما تجلبه لها من فوائد سياسية واقتصادية جمة. ••• ولقد سعت الصين – التى أصبحت ثانى أكبر اقتصاد والأول من حيث معادل القدرة الشرائية والأول على الاطلاق فى سنوات قليلة مقبلة لإنشاء هذا البنك لضمان الاضطلاع بدور أكبر فى اعادة بناء الاقتصاد العالمى، وفى ظل سيطرة الولاياتالمتحدة على البنك الدولى وعدم تقدم مساعى اصلاح صندوق النقد الدولى، مما دفع دول البريكس لإنشاء بنك تنمية خاص بها فى 2014. وأطلق الرئيس الصينى مبادرة تأسيس «البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية» فى أواخر 2013، بالتوازى مع اعلان مبادرتى «الحزام الاقتصادى لطريق الحرير» و«طريق الحرير للقرن ال 21» اللتين يطلق عليهما «الحزام والطريق» والبنك هو مؤسسة تنموية عالمية غير حكومية، ورغم أنه يحمل ضمن اسمه صفة «الآسيوى» فإنه لا يقتصر على آسيا وإنما أتاح المشاركة للدول أخرى. والمستهدف هو أن يكون رأسماله المرخص 100 مليار دولار ورأسماله المكتتب مبدئيا 50 مليارا. وقد وقعت الصين و21 دولة آسيوية فى أكتوبر الماضى مذكرة تفاهم لتأسيسه وجعل بكين مقرا له، واتفق على أن يكون يوم 31 مارس الحالى آخر موعد لتقدم الدول بطلبات الانضمام كأعضاء مؤسسين، مع استمرار فتح الباب بعد ذلك لانضمام أعضاء آخرين. ومن المتوقع أن يتم اطلاقه رسميا قبل نهاية 2015 بعد أن يستكمل المؤسسون المفاوضات الخاصة بالاشتراك فى ميثاق البنك ولوائحه قبل يونيه القادم. وارتفع عدد الدول المتقدمة بطلبات الانضمام كمؤسسين حتى أوائل مارس إلى 27، كلهم من شرق وجنوب ووسط آسيا بالإضافة للكويت وقطر وعمان وبخلاف اعلان السعودية لاعتزامها المشاركة فيه بنشاط. ودعت الصينالولاياتالمتحدة للانضمام لكنها رفضت وحاولت إثناء حلفائها لمدة عام عن المشاركة، بدعوى منافسة البنك الجديد للبنك الدولى الذى تهيمن عليه وبنك التنمية الآسيوى بقيادة اليابان، وان كان المراقبون ينوهون بأنه يعد مساعدا ومكملا أساسيا لأجهزة الاقراض الدولية والاقليمية القائمة التى لا تستطيع تلبية الاحتياجات المتزايدة للاستثمار فى البنية التحتية بآسيا، مشيرين لأن قيمة استثمارات بنك التنمية الآسيوى والبنك الدولى فيها بالمنطقة تبلغ 30 مليار دولار فقط بينما يقدر الأخير احتياجها لنحو 800 مليار فى السنوات العشر المقبلة، كما أن هاتين المؤسستين تركزان أساسا على الحد من الفقر. ومن ثم فإن العلاقة من وجهة نظر المحللين تكاملية وليست تنافسية. وهكذا يكمن الهدف الأساسى من اقامة البنك الجديد فى دعم البنية التحتية الآسيوية وضخ الاستثمارات فى المجالات الانتاجية، مما يسهم فى دفع تنمية اقتصاد القارة ودعم التعاون الاقتصادى الاقليمى وما له من انعكاسات ايجابية على الاقتصاد العالمى. كما سيكون محور أعماله أيضا تحقيق الترابط والتواصل البينى فى المنطقة على نحو يوسع من الامكانات الكامنة للأسواق هناك. ••• ورغم معارضة واشنطن، تبينت الدول المختلفة جدوى هذا البنك بما فيه حلفاؤها، وتقدمت بريطانيا يوم 12 الحالى بطلب لأن تصبح عضوا مؤسسا معلنة أن ذلك سيخلق «فرصة منقطعة النظير لبريطانيا وآسيا للاستثمار والنمو معا». وشجعت هذه الخطوة فرنسا وألمانيا وايطاليا على الاعلان فى بيان مشترك يوم 17 العزم على الانضمام كمؤسسين، وأوضحوا أنهم سيسعون لضمان اتباع البنك «لأفضل المعايير والممارسات من حيث الحوكمة والضمانات والديون وسياسات المشتريات»، وهو ما يعنى ادارة أفضل له. وتلا ذلك يوم 19 تقديم لوكسمبورج ترشيحها لتصبح الدولة ال 32 الساعية للتمتع بهذه الصفة. ويفتح هذا الباب لدول أوروبية أخرى لكى تحذو حذو تلك الدول، فى ظل ترحيب مسئولين بالاتحاد الأوروبى بهذه الخطوات مبرزين الاحتياجات المتزايدة للاستثمار فى آسيا وخلقها لفرص للشركات الأوروبية. كما تتواتر أنباء الآن عن عزم تايوان وسويسرا على الانضمام، واصطفاف سياسيون فى أستراليا وكوريا الجنوبية تعبيرا عن الرغبة فى ألا تفوت بلادهم الفرصة. ويتوقع أن يتزايد العدد بسرعة فى الأيام الأخيرة قبل انتهاء مارس. ويتكامل إنشاء هذا البنك مع مبادرتى «الحزام والطريق» الخاصتين بإحياء طريق الحرير القديم، ويسير فى صالح تحقيق الاستراتيجية المتوخاة من ورائهما، بما يسهم فيه من تنمية المحطات الواقعة على طريقى الحرير البرى والبحرى وتعزيز البنية الأساسية فيها وتحقيق الترابط بينها، ويعظم دور وتأثير الصين الاقليمى والعالمى، ويعود بالفائدة ليس فقط على هذه المنطقة الشاسعة وانما على المناطق المجاورة وبقية العالم. وتستعد الصين للكشف عن الخطة التنفيذية لمبادرتى «الحزام والطريق» أثناء منتدى بواو آسيا السنوى المنعقد بجنوب الصين مابين 2629 مارس على غرار منتدى دافوس، حيث يتوقع أن تشمل الخطة قائمة مفصلة لمشاريع البنية التحتية الكبرى المتعلقة بالسكك الحديدية والطرق والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والمجمعات الصناعية التى ستبدأ فى السنوات القادمة على طول الطريقين. ولاشك أن الانضمام للبنك فى مرحلة التأسيس يخلق فرصا ضخمة للدول المؤسسة وبقية آسيا للاستثمار والنمو سويا، وسيساعد على دفع التمويل متعدد الأساليب والقنوات ليغطى فجوة كبيرة فى توفير الأموال اللازمة للبنية التحتية ودفع التنمية الاقتصادية المستدامة فى الدول المشاركة. ••• ولابد من أن تستفيد مصر من هذه التحركات وتسارع لطلب العضوية بالبنك كدولة مؤسسة. فهى يقع جزء هام منها فى آسيا، وتربطها بدول القارة صلات تاريخية ناصعة تعود للستينيات، وتسترد الآن وزنها الاقليمى والدولى تدريجيا، وأنشأت أخيرا علاقة شراكة استراتيجية شاملة مع الصين، التى تلاحظ اتجاهنا البازغ للإصلاح واعادة البناء وجديتنا فى تحسين بيئة الأعمال ورغبتنا فى انتهاج سياسات مستقلة تحرص على علاقات متوازنة مع الدول الكبرى، وكذا ما أظهره مؤتمر شرم الشيخ من اهتمام عالمى بفرص الاستثمار لدينا، وهى كلها عوامل تزيد من اهتمام الصين بالتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة طالما استمرينا على نفس النهج. كما يعزز من هذه الخطوة ما أعلنه الرئيس السيسى من عزم على تحويل هذا المؤتمر الاقتصادى لمؤتمر سنوى يستهدف مساعدة دول الجنوب النامية، وهو ما يضفى على مصر دورا أهم يتوافق مع الاستراتيجيات الصينية ويعززها، ويخلق دورا رائدا فى المجالين الأفريقى والآسيوى. وأيا كان نصيب مصر من رأسمال البنك فإن الفائدة المرجوة من اشتراكنا تبرر التضحية بايداعه، بهدف الحصول على مساعدات وقروض ميسرة لتمويل مشروعاتنا الحيوية فيما بعد، آخذين فى الاعتبار أن من بين الدول المؤسسة من هم أيضا فى وضع لا يحسدون عليه ولكنهم حرصوا على التمتع بهذه الصفة. ويحتاج الأمر لتحرك فورى، واذا ما كان قرارنا ايجابيا أتصور أن يرسل الطلب إلى كل من الحكومة الصينية والأمين العام للأمانة المؤقتة للبنك.