مع طلوع شمس غدًا السبت، تستقبل مصر عيدًا من أدفء أعيادها، عيد الولاء والانتماء والعرفان بالجميل للأم، إنه "عيد الأم" الذي يحتفل به المصريون في الحادى والعشرين من مارس من كل عام، تزامنًا مع قدوم فصل الربيع، فكلاهما يحمل سر البقاء، الأم تسعى برعايتها لأبنائها إلى تفتح عقولهم وإشباعهم بالتربية السليمة والمشاعر الجميلة وحب الوطن والشعور بالانتماء، فيشبوا مواطنين صالحين لمجتمعهم، والربيع شهر تفتح النباتات من سبات الشتاء ليهدى أجمل الزهور للطبيعة. والأمومة غريزة لها كيمياء خاصة تبدأ فى جسم الأم مع بداية حملها وتنمو مع مراحل نمو الجنين وتستمر مع إرضاع الصغير وعناقه، مما يكسبه الشعور بالأمان والدفء ويزيد من ثقته في نفسه، ويأتي هذا اليوم ليكون مناسبة يعبر خلالها كل بطريقته الخاصة على عرفانه بجميل أمه وتفانيها وتضحيتها من أجله. ويوم عيد الأم ليس فقط وفاء وتكريمًا لها وإنما لدورها الهام في المجتمع في كافة مجالات الحياة، فهي الأم التي تربي وتعلم، وهي الطبيبة والمدرسة والمحامية والباحثة في جميع العلوم، وهي المدرسة التي تساوى نصف المجتمع وتشكل النصف الآخر بتربيته وإعداده للمستقبل، وهي نصف المجتمع المسؤول عن النصف الآخر. ويعد الاحتفال بعيد الأم هذا العام مناسبة لتجديد صيحة تحذير الأمهات لأبنائهن بأن الحرية ليست تعبيرًا عن الفوضى التي تمثل خطرًا عامًا، بل إنها يجب أن تكون حافزًا نحو تعزيز قدرات المواطن نحو تغيير حياته بالمشاركة في الإنتاج والتنمية. وأسلوب الاحتفال ب"عيد الأم" يختلف من دولة إلى أخرى، ففي الهند يكون في أوائل شهر مايو ويستمر الاحتفال لمدة عشرة أيام ويسمى "درجا برجا"، حيث يحمل هذا الاحتفال اسم واحدة من أهم الآلهة الهندوسية هناك، وفي إسبانيا والبرتغال يكون عيد الأم يوم 8 ديسمبر ويرتبط فيهما باحتفالات الكنيسة لتكريم السيدة مريم العذراء، فيما يوافق عيد الأم في النرويج يوم 2 فبراير، وتأخذ الاحتفالات طابعًا عائليًا، وفي فرنساوالسويد يقع عيد الأم فى آخر يوم أحد في مايو، ويتم الاحتفال به في فرنسا على أنه عيد للأسرة، وفي السويد يكون إجازة رسمية، وفي الأرجنتين يكون الأحد الثاني من شهر أكتوبر، بينما عيد الأم في اليابان وأمريكا يوافق يوم الأحد الثاني من مايو. أما عيد الأم في مصر والسودان يرجع الاحتفال به إلى مصر الفرعونية أي منذ أكثر من 7 آلاف عام، حيث كان يحتفل القدماء المصريون بأمهاتهم اعترافًا وتكريمًا للأم، لكنه انقطع الاحتفال بهذا العيد لفترة طويلة ثم رجع على يد الأخويين مصطفى أمين وعلى أمين مؤسسا دار أخبار اليوم، عندما فوجئا بأم ترسل لهما رسالة تشكو إليهما جفاء أولادها، لذا قرر مصطفى وعلى أمين، تحديد يوم للاحتفال بعيد الأم وقام قراء أخبار اليوم باختيار 21 مارس، ليكون عيدًا للأم المصرية، وكان أول احتفال للمصريين به فى 21 مارس 1956، وخرجت الفكرة من مصر إلى بلاد الشرق الأوسط الأخرى.