إنه أول يوم في أيام الربيع عندما تحتفل الأرض بعودة الحياة نابضة في نباتها وأزهارها فتأخذ زينتها الكونيةوتعطي الأرض كل شيء بلا مقابل، فتصفو المياه بعد شتاء قارس ويطيب الهواء إثر أعاصير الفصل العاتي وتعلن الأشجار عن عودة الحياة من بطن الأرض التى ما تفتأ تلعب الدور الأعظم كأم كبرى لكل من عليها من أحياء. أما عن بني الإنسان، فمهما قوى الحب واشتعلت العواطف بين اثنين، فستبقى الأم فى قلوب وأرواح كل من يحترم معنى الأمومة ومهما كتب الابن عن أمه أو قال عنها فلن ينتهى القول ولا الكلام،ومهما كان ما قد يبدو من مظاهر قسوة الأم فستبقى الطيبة فى قلبها، وتبيت الكلمات عنها أقل مايذكر من محاسنها، ويبقى ماقاله العلماء على مر العصور بأنها الرحمة المهداة من الله تعالى. اليوم 21 مارس تحتفل مصر وجميع الدول العربية بعيد الأم بعدما تم تخصيص هذا اليوم تحديداً للاحتفال بها رغم كونها تستحق الاحتفال طيلة أيام السنة، سواء كانت على قيد الحياة، أم يغطى جسدها التراب. جاءت فكرة احتفال المصريين بعيد الأم عندما طرح الكاتب الصحفى الراحل على أمين مؤسس جريدة أخبار اليوم مع أخيه مصطفى أمين فى مقاله اليومى "فكرة" قائلا:"لم لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم ونجعله عيدا قوميا فى بلادنا وبلاد الشرق؟. وفى هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا الصغيرة ويرسلون للأمهات خطابات صغيرة يقولون فيها شكرا أو ربنا يخليكى يا أمى، لماذا لانشجع الأطفال فى هذا اليوم أن يعامل كل منهم أمه كملكة فيمنعونها من العمل، ويتولون هم فى هذا اليوم كل أعمالهم المنزلية بدلاً منها، ولكن فى أى يوم فى السنة نجعله يوم الأم؟". فور نشر المقال اختار قراء أخبار اليوم تحديد يوم 21 مارس وهو أول بداية فصل الربيع ليكون عيداً للأم ليتماشى مع فصل العطاء والصفاء والخير، وبالفعل ثبتت الفكرة عندما وردت رسالة إلى على أمين من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، ونكرانهم للجميل، وبعدها قامت سيدة أخرى بزيارة للراحل مصطفى أمين فى مكتبه بالجريدة وقصت عليه قصتها بأن زوجها توفى وعاشت عمرها فى خدمة أولادها ورفضت الزواج وظلت ترعاهم حتى تخرجوا فى الجامعة وتزوجوا وانصرفوا عنها تماما. فى هذا الحين كتب مصطفى وعلى أمين مرة أخرى يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها وبعدها انهالت الخطابات تؤيد الفكرة واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس يوماً واحداً، بينما رفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم، لكن أغلبية القراء وافقوا على الفكرة وتقرر أن يكون يوم 21 مارس عيداً للأم وهو أول أيام فصل الربيع، ليكون رمزا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة. على عكس من قالوا ل"مصطفى وعلى أمين" إن العام كله يعد احتفالا بالأم، تتضح نظرة المجتمعات الأخرى للأم، أنها تناقض تماما نظرة الشرقيين، فهناك عندما يصل الأب والأم إلى سن العجز يأخذهم أبناؤهم إلى دور المسنين ويكادون يمتنعون عن زيارتهم تماما. وعندما ذهب البعض إلى كثير من دور العجزة والمسنين فى هذه الدول، وسألوا من كانوا فيها من آباء وأمهات عن أمنياتهم، كانت المفاجأة هي كلمة"الموت"! وبرروا ذلك بسبب مايعيشونه من قهر وحزن على الحال التى وصل الواحد منهم إليها وتخلى فلذات أكبادهم عنهم فى وقت أحوج مايكون الأب والأم إليهم. لكن الاحتفال بعيد الأم يختلف تاريخه من دولة لأخرى، وأيضا أسلوب الاحتفال به، فالنرويج تقيمه في الأحد الثاني من فبراير ، أما في الأرجنتين فهو يوم الأحد الثاني من أكتوبر ، وفي لبنان يكون اليوم الأول من فصل الربيع، وجنوب أفريقيا تحتفل به يوم الأحد الأول من مايو. أما في فرنسا فيكون الاحتفال أكثر بالعيد كعيد الأسرة في يوم الأحد الأخير من مايو حيث يجتمع أفراد الأسرة للعشاء معاً ثم تقدم كيكة للأم. السويد أيضا عندها عطلة عيد الأسرة في الأحد الأخير من مايو وقبلها بأيام يقوم الصليب الأحمر السويدي ببيع وردات صغيرة من البلاستيك تقدم حصيلتها للأمهات اللاتي يكن في عطلة لرعاية أطفالهن وفي اليابان يكون الاحتفال في يوم الأحد الثاني من مايو مثل أمريكا الشمالية وفيه يتم عرض صور رسمها أطفال بين السادسة والرابعة عشرة من عمرهم وتدخل ضمن معرض متجول يحمل اسم “أمي" ويتم نقله كل 4 سنوات يتجول المعرض في عديد من الدول. أما عن تاريخ عيد الأم عالميا، فإن بعض المؤرخين قالوا إن عيد الأم كان قد بدأ عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع، وكانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله الأم “ريا" زوجة “كرونس" الإله الأب، وفي روما القديمة كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات كان لعبادة أو تبجيل “سيبل" – أم أخرى للآلهة. وقد بدأت الأخيرة حوالي 250 سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام؛ وهذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى “هيلاريا" وتستمر لثلاثة أيام من 15 إلى 18 مارس. وتعد إحدى سيدات أمريكا وتدعى "آنا.م.جارفس" صاحبة فكرة ومشروع جعل يوم عيد الأم إجازة رسمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، فهي لم تتزوج قط وكانت شديدة الارتباط بوالدتها، وكانت ابنه للدير، وتدرس في مدرسة الأحد التابعة للكنيسة النظام"أندرو"في جرافتون غرب فرجينيا، وبعد موت والدتها بسنتين بدأت حملة واسعة النطاق شملت رجال الأعمال والوزراء ورجال الكونجرس، لإعلان يوم عيد الأم عطلة رسمية في البلاد، وكان لديها شعور أن الأطفال لا يقدرون ما تفعله الأمهات خلال حياتهم، وكانت تأمل أن يزيد هذا اليوم من إحساس الأطفال والأبناء بالأمهات والآباء، وتقوى الروابط العائلية المفقودة بعد ذلك قامت الكنيسة بتكريم الآنسة آنا جارفس في جرافتون غرب فرجينيا وفلادلفيا وبنسلفانيا في العاشر من مايو 1908، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الأم في الولاياتالمتحدة. وكان القرنفل من ورود والدتها المفضلة وخصوصًا الأبيض، لأنه يعبر عن الطيبة والنقاء والتحمل والذي يتميز به حب الأم، ومع مرور الوقت أصبح القرنفل الأحمر إشارة إلى أن الأم على قيد الحياة، والأبيض إلى أن الأم رحلت عن الحياة . ومن مصر خرجت فكرة "عيد الأم" إلى البلاد العربية الأخرى ،واقترح البعض في وقت من الأوقات تسمية عيد الأم بعيد الأسرة ليكون تكريمًا للأب أيضًا، لكن هذه الفكرة لم تلق قبولاً كبيرًا، واعتبر الناس ذلك انتقاصًا من حق الأم، أو أن أصحاب فكرة عيد الأسرة “يستكثرون" على الأم يومًا يُخصص لها. وحتى الآن تحتفل البلاد العربية بهذا اليوم من خلال أجهزة الإعلام المختلفة ويتم تكريم الأمهات المثاليات اللواتي عشن قصص كفاح عظيمة من أجل أبنائهن.