أكد وزير البترول السعودي المهندس على النعيمي، أن السعي إلى استقرار الأسواق يظل الركيزة الأساسية للسياسة النفطية في المملكة، مشيرا إلى أن بلاده استثمرت مبالغ طائلة للحفاظ على طاقة إنتاجية احتياطية وهي تستثمر بصورة مستمرة على المدى البعيد. جاء ذلك في ورقة عمل بعنوان (دور المملكة العربية السعودية باعتبارها دولة مصدرة للطاقة في القرن الحادي والعشرين) قدمها اليوم أمام جمعية الصداقة الألمانية العربية في العاصمة الألمانية برلين بثتها وكالة الأنباء السعودية وتناول فيها السياسة النفطية للمملكة. وأضاف "وإننا لعلى يقينٍ تام بأن سياساتنا النفطية أسهمت إسهاما كبيرا في استقرار السوق النفطية، وهو ما يقر به شركاؤنا في جميع أنحاء العالم، فعندما شهدت الأسواق النفطية نقصا كبيرا في الإمدادات، عملت المملكة وبصفة مستمرة على توفير إمدادات إضافية لتعويض هذا النقص". وتابع "وقد ساعد ذلك على الحد من بعض التأثيرات السلبية لذلك على الاقتصاد العالمي، والمملكة العربية السعودية تأخذ هذا الأمر على محمل الجد وتؤكد التزامها الثابت بأن تكون موردا موثوقا لعملائها في جميع أنحاء العالم، فنحن في المملكة نمتلك نظرة بعيدة المدى، وهي التي تجعل المملكة تتجنب ردات الفعل غير المحسوبة على التقلبات القصيرة المدى التي تشهدها الأسواق،فخلال الأشهر الثمانية الماضية، وعندما شهدت السوق فائضا في العرض، طلب البعض من المملكة العربية السعودية إجراء تخفيضات سريعة وكبيرة على إنتاجها،لقد تمت تجربة هذه السياسة في حقبة الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي ولم تحقق أي نجاح يذكر وإننا لن نكرر الخطأ نفسه مرة أخرى. واليوم، فإنه ليس من شأن المملكة العربية السعودية، أو الدول الأعضاء الأخرى في منظمة أوبك، أن تدعم الدول المنتجة ذات التكلفة الإنتاجية الأعلى من خلال التنازل عن حصتها في السوق. وأردف "كما إن الحقائق على الأرض مختلفة على أي حال، فالإمدادات التي تنتجها الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك أكبر بكثير مما كانت عليه في حقبة الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي، كما إن الأمر يتطلب القيام بدور أكبر من قبل العديد من دول العالم،وبالرغم من أن المملكة العربية السعودية تبقى على التزامها الثابت بالمساعدة على استقرار الأسواق، إلا أن الظروف تحتم على الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك التعاون معها في هذا الشأن،ولكن هذه الدول، في الفترة الحالية، اختارت ألا تبدي أي تعاون في هذا الشأن، ولهذه الدول أسبابها، ولكني أود أن أعلم الجميع أن المملكة العربية السعودية تسعى دائما إلى التوصل إلى إجماع في مثل هذه المسائل. وبين أن هذه الزيادة الجديدة في إمدادات النفط – التي يأتي كثير منها من الولاياتالمتحدةالأمريكية – تلقى ترحيبا واسعا من أسواق النفط العالمية والاقتصاد العالمي على حد سواء خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث ساعدت هذه الزيادة في الإمدادات، جنبا إلى جنب مع الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية، على تعويض النقص الذي تعرضت له إمدادات الدول الأخرى المنتجة للنفط، مشيرا إلى انه بدون هذه الزيادة، كان من الممكن أن يجد الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بشكل كامل بعد نفسه وجها لوجه مع أسعار أكثر بكثير للطاقة، منوها بات المملكة العربية السعودية عبرت وبصورة مستمرة عن ترحيبها بالإمدادات الجديدة من النفط غير التقليدي، بما في ذلك النفط الصخري. وأكد أن المملكة العربية السعودية تتحرك وفق نظرة بعيدة المدى , كما أن الزيادة الإضافية في الطلب على الطاقة، على المدى البعيد، ستحتم توفيره من خلال جميع مصادر الطاقة الممكنة، سواء كانت تلك المصادر هي الوقود الأحفوري أو مصادر الطاقة المتجددة. وتناول وزير البترول السعودي أسعار النقط وقال إنه عندما تشهد السوق النفطية حركة متسارعة في الأسعار، صعودا أو هبوطا، فإننا عادة ما نراها مصحوبة بنوبة من التعليقات التي تؤطر لنظريات عديدة وغريبة بشأن وجود – تواطؤ أو مؤامرة – من قبل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والدول الكبرى المنتجة للنفط، وأبرزها، بطبيعة الحال، المملكة العربية السعودية. وأضاف أنه خلال موجة الانخفاض الحالية التي شهدتها السوق النفطية، تعرضت كل من منظمة أوبك والمملكة العربية السعودية أيضا إلى انتقادات مؤذية – وجائرة – جراء ما يمكن أن نصفه، في واقع الحال، بردة فعلٍ طبيعية في السوق، فنرى البعض يتحدث عن "حرب تشنها أوبك على النفط الصخري"، ويزعم آخرون أن "أوبك قد ماتت" وقس على ذلك الكثير من مثل هذه النظريات وكلّها خاطئة. وتابع " لقد دأبت الدول الأعضاء في منظمة أوبك على العمل مع بعضها البعض وبصورة دائمة لتفعل كل ما بوسعها من أجل استقرار الأسعار، وضمان عوائد مجزية للدول المنتجة، وتوفر إمدادات ثابتة للدول المستهلكة، وفي شهر نوفمبر المنصرم، أعتقد أن منظمة أوبك اتخذت قرارا تاريخيا بعدم تدخلها في السوق، وقد فهم الكثير من المعلقين مغزى المنظمة من وراء هذا القرار،وأعتقد أن التاريخ سيثبت أن هذا القرار يمثل الاتجاه الصحيح نحو المستقبل. وقال إنه بالرغم من أن فترة الركود تسبب بعضا من المتاعب في صناعة النفط، ألا أنها تكون مصحوبة بعدد من الفوائد كذلك، فالفترة التي تشهد انخفاضا في أسعار النفط تحفِّز الشركات على اتخاذ نهج أكثر صرامة والتركيز على تعزيز كفاءتها الإنتاجية وتحسينها، مشيرا إلى أن هذا ينطبق على شركة النفط الوطنية في المملكة وهي شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) كما رأى أن أعظم فائدة لانخفاض أسعار النفط على المدى القصير هي تلك الفائدة التي تجنيها الدول المستهلكة والاقتصاد العالمي على حد سواء ، وقد برزت فوائد انخفاض أسعار الطاقة في الوقت المناسب بالنسبة للدول التي تواجه حاليا أوضاعا اقتصاديةً صعبة – بما في ذلك العديد من الأسواق الناشئة. وأضاف أن تحقيق استقرار السوق يبقى هدفنا الرئيس في المملكة , وبالرغم من أننا لن نتمكن أبداً من كبح جماح الدورات الاستثمارية المتقلبة في الأسواق النفطية، إلا أنه بإمكاننا العمل على تذليلها وتطويعها، وإنه لمن الأهمية بمكان أن تستمر جميع الدول المنتجة – سواء كانت من الدول الأعضاء في منظمة أوبك أو من غيرها – في التركيز على الأهداف المشتركة البعيدة المدى التي تتعلق بضمان استقرار السوق وتحقيق تنمية مستقبلية مستدامة لكل من الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، وبالنظر إلى المستقبل، فإني أرجو بل أتوقع أن يبدأ ميزان العرض والطلب في الاستقرار مرة أخرى، والأسعار كذلك.