قالت محكمة القضاء الإداري -في حكمها الصادر بإلغاء قرار رئيس الوزراء بتطبيق قانون الحد الأقصى للأجور على العاملين في البنوك الخاصة (المنشأة من خلال شركات مساهمة لها نظام قانوني خاص وغير واردة على سبيل الحصر في القرار الجمهوري الصادر بقانون الحد الأقصى للأجور) وخاصة العاملين ببنكي الإسكان والتعمير والبنك المصري لتنمية الصادرات- إن القرار استن قاعدة قانونية جديدة لم يتضمنها قانون الحد الأقصى للأجور. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إن العاملين ببنكي الإسكان والتعمير وتنمية الصادرات ليسوا من المخاطبين بأحكام قانون الحد الأقصى للأجور، مؤكدة أن القانون حدد الأشخاص المخاطبين بأحكامه على وجه الحصر، وهم العاملون بالجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والأجهزة التي لها موازنات خاصة، والهيئات العامة والقومية الاقتصادي، والخدمية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، والعاملين الذين تنظم شؤون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة. وأكدت المحكمة أن العاملين ببنك التعمير والإسكان لا يندرجون ضمن أي فئة من الفئات المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون الحد الأقصى للأجور ولا يجوز تطبيق القيود الواردة بالقانون عليهم باعتبارهم ليسوا من المخاطبين بأحكامه. وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها، أن قرار رئيس مجلس الوزراء بضمهم للفئات المخاطبة بالقانون، يمثل تشريعاً منعدماً لا إلزام له ولا سند لتنفيذه في الواقع، وذلك لمخالفته للالتزام الدستوري الذي يقضي بأن اللوائح الصادرة لتنفيذ القوانين لا تتضمن تعديلاً لحكم القانون أو تعطيلاً لمقتضاه أو إعفاء من تنفيذه، ولا أن تتناول بالتنظيم ما لم ينظمه القانون، مؤكدة أن ما انتهجه ذلك القرار من ضم العاملين بالبنكين للجهات المخاطبة بالقانون يمثل تعديلاً للقاعدة القانونية واستحداثا لقاعدة قانونية جديدة، صادرة من غير مختص بالمخالفة للقانون. وأشارت المحكمة إلى أن قرار رئيس مجلس الوزراء، خالف أيضاً المادة 27 من الدستور، والتي نصت صراحة على الالتزام بتقرير الحد الأقصى للأجور للعاملين بأجر بأجهزة الدولة، وأوضحت المحكمة أن عبارة أجهزة الدولة، لا تنصرف إلا للأجهزة التي تندرج في نطاق السلطة التنفيذية للدولة وعلى نحو ما حدده الدستور، ولا تطال غيرها. وأشارت المحكمة إلى أن البنكين المشار إليهما وفقاً لسند إنشائهما لا يندرجان بأي حال ضمن العاملين الذين تنظم شؤون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة، موضحة أن المعنى المراد من ذلك العاملون بأجهزة الدولة. وأكدت المحكمة أن تطبيق قانون الحد الأقصى للأجور على العاملين بتلك البنوك وخضوعهم لأحكامه، يؤدي إلى تحصيل المبالغ التي تصرف للعاملين بها بالزيادة عن الحد الأقصى للخزانة العامة للدولة، الأمر الذي يشكل من ناحية سلباً لاختصاصات الجمعية العمومية ومجالس إدارات تلك البنوك، باعتبارها المنوط بها إدارة تلك البنوك وتصريف أمورها. ويشكل من ناحية أخرى مصادرة للمال الخاص بتلك البنوك في غير الأحوال المقررة قانوناً ودون حكم قضائي، ويشكل من ناحية ثالثة اعتداء على أول الحقوق الأساسية للعامل وهو الحق في تقاضي أجر مقابل العمل، إذا أن العامل حينما ينخرط في العمل يضع في اعتباره المقابل المادي الذي سيتقاضاه والذي تم الاتفاق والتعاقد عليه وفقاً للقوانين والعقود المنظمة لعلاقات العمل. وتابعت المحكمة: "فإذا ما تم الانتقاص من هذا المقابل دون مقتضى قانوني، أصبح ذلك مصادرة للمال الخاص بالعامل في غير الأحوال المقررة قانوناً ودون حكم قضائي، ويمثل كذلك تقويضا للبنك عن أداء دوره الاجتماعي في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع بالمخالفة للدستور والقانون الذي كلف الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لتحفيز القطاع الخاص لأداء مسؤوليته الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع". وشددت المحكمة على أنه يجب على الدولة بكافة مؤسساتها وأجهزتها الالتزام بأحكام الدستور والقانون فيما تجريه من تصرفات تحقيقا للدولة القانونية التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها أيا كانت وظائفها أو غايتها بقواعد قانونية تعلو عليها وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها فلا تتحلل منها، وأكدت المحكمة أن قرار رئيس الوزراء خالف أحكام الدستور والقانون مخالفة جسيمة تهوى به إلى درك الانعدام ويجعله عديم الأثر.