قالت مصادر بلجنة الإصلاح التشريعي، إنه تم إرسال مشروع قانون الاستثمار الجديد إلى مختلف الجهات المعنية لاستطلاع آرائها فيه، وأن الأمانة الفنية للجنة كلفت بإعداده، بعدما رفضت اللجنة مشروع قانون تطوير منظومة الاستثمار المقدم من وزارة الاستثمار لأسباب فنية، وعدم تحديد أهدافه ونطاق تطبيق أحكامه، بالإضافة إلى اكتشاف العديد من أوجه عدم الدستورية فيه. وكشفت دراسة اللجنة، أن مشروع وزارة الاستثمار لم يتبع فلسفة معينة بقصر نطاق تطبيق أحكامه على استثمار رؤوس الأموال الأجنبية أو إتاحة الاستثمار للجميع مع قصرها على بعض المجالات وفقًا لخريطة الاستثمار المستقبلية للدولة، كما لم يحدد الحد الأدنى للمال المستثمر عكس المتبع في الدول التي ترغب في جذب الاستثمارات الكبرى. كما تضمن المشروع المرفوض نصوصًا خاصة بالإعفاءات الضريبية صيغت دون مشاروة وزارة المالية بالمخالفة لقانون المحاسبة الحكومية، مما أسفر عن عدم تدرج الإعفاءات حسب نوع النشاط الاستثماري، وتضمن أيضًا بعض النصوص ذات الصلة الوثيقة بقانوني العمل والتأمينات الاجتماعية، دون مشاورة الجهات المعنية بإنفاذ القانونين. وأكدت أن المشروع لم يأت بجديد كما تم الترويج له، بل جاءت غالبية نصوصه كترديد حرفي لأحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الحالي، بما لا يعطي للمستثمر دليلًا على وجود تغير أو نقلة نوعية في جذب الاستثمارات، وعدم تبني المشروع إصلاحات جادة وحقيقية، وإقراره رسومًا دون تحديد نوع الخدمة المقابلة لها، وعدم تحديد حد أقصى لها بالمخالفة لمبادئ المحكمة الدستورية العليا. وتبين أيضًا أن المشروع لم يوحد موقفه من الشركات والمشروعات القائمة الخاضعة للقانون الحالي، فتراوحت مواده بين إلزامها بتوفيق أوضاعها وبين عدم سريان أحكامه إلاّ على الشركات التي تؤسس بعد إصداره، كما لم يحدد نظامًا واضحًا لتخصيص أراضي المشروعات مما قد يؤدي لسريان نصوص قانون المناقصات والمزايدات باعتباره الشريعة العامة على هذه التصرفات، رغم عدم ملاءمة الإجراءات الواردة فيه لمجال الاستمار. واشتمل كذلك على بعض شبهات عدم الدستورية فيما يتعلق بالإخلال بمبدأ المساواة بين الشركات والمنشآت المتماثلة في المراكز القانونية بتقرير إعفاءات ضريبية على بعضها دون الأخرى، وكذلك فيما يخص استثناء المستثمر من الالتزام بأحكام واجبات العمال وتأديبهم لإخلاله بنص المادة 13 من الدستور، ومصادرته حق العامل في ضمانات تأديبية تحميه من الفصل التعسفي، بالإضافة إلى ما تضمنه من إحالة تحديد رسم مزاولة مهنة في المنطقة الحرة إلى لائحة القانون؛ حيث لا يجوز فرض رسم بأداة تشريعية أدنى من القانون. وأوضحت المصادر، أن الأمانة الفنية بدأت بعد ذلك في إعداد المشروع الجديد المتداول بين الجهات المعنية حاليًا، بتشكيل فرق عمل من أعضائها وبعض أعضاء الجهات والهيئات القضائية المنتدبين تطوعًا دون مقابل مالي، وذلك بدراسة جميع الأعمال التحضيرية من مذكرات إيضاحية ومناقشات برلمانية لقوانين الاستثمار المصرية منذ القانون 156 لسنة 1953، الذي صدر بتوصية المجلس الأعلى للإنتاج الذي أنشأ بعد الثورة بأن مصر في حاجة لاستثمارات أجنبية لبناء قاعدة صناعية. ودرست الأمانة، جميع المنازعات التي عرضت على اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار للوقوف على حقيقة المشاكل التي تواجه المستثمر، بالإضافة لدراسة أحكام مركز منازعات الاستثمار الدولية «إكسيد» التابع للبنك الدولي، والخاصة بالدول النامية مثل مصر ولبنان والبرازيل والأرجنتين، لوضع نصوص تجنب مصر دعاوى التحكيم الدولية وسد الثغرات التي قد تؤدي لتكبيد مصر خسائر فادحة. كما درست الأمانة، أيضًا تشريعات 8 دول أوروبية و5 دول آسيوية و4 دول عربية، أبرزها ماليزيا وتركيا وإمارة دبي، للاستفادة من الأحكام الموضوعية وضمانات جذب الاستثمار الجاد. وأكدت المصادر، أن المشروع الجديد يحافظ على خصوصية الوضع في شبه جزيرة سيناء والمناطق ذات اعتبارات الأمن القومي، كما تلزم المادة 16 رئيس الوزراء بإصدار قرار بالأنشطة الاستثمارية التي يقتصر العمل فيها على بعض الجهات أو الأشخاص لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي، وأفردت في المادة 34 نظامًا خاصًا للاستثمار في المناطق التي يكون فيها الترخيص بحق الانتفاع فقط دون التملك. وأوضحت أن المشروع يمنح خيارين للمستثمر الذي مازال مشروعه متمتعًا بالإعفاءات أو المزايا المقررة في القوانين القائمة، بحيث يمكنه الاستثمرار في الاستفادة منها حتى انتهاء مدتها، أو الاستفادة من الإعفاءات والمزايا المقررة في المشروع الجديد بأن يقدم طلبًا إلى الهيئة العامة للاستثمار لتوفيق أوضاعه خلال سنة من إصدار المشروع. ويؤكد المشروع احترام الدولة للعقود التي تبرمها، وفي ذات الوقت عدم حماية الاستثمار المبني على غش أو تدليس او فساد بشرط صدور حكم قضائي يثبت ذلك من المحكمة المختصة، مع حظر تأميم المشروعات الاستثمارية أو فرض الحراسة عليها أو تجميدها، إلاّ بموجب حكم قضائي، كما لا يجوز نزع ملكية المشروع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا. وأشارت المصادر، إلى حكم خاص يتضمنه المشروع في المادة 33 بأن «يجوز خلال السنوات الخمس التالية لنفاذ أحكامه، ولأغراض التنمية فقط، أن يتم التصرف بدون مقابل في العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة للمستثمرين الذين تتوافر فيهم الشروط الفنية والمالية المحددة»، ووضعت لهذا التنظيم ضمانتين؛ أن «يكون ذلك في المناطق التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء، وأن تتفق هيئة الاستثمار مع المستثمر على تقديم ضمان نقدي أو ما يقوم مقامه». ويخصص المشروع 6 مواد لشرح المسؤولية الاجتماعية للمستثمر، يلزمه في نطاق مشروعه بإنشاء نظام للتنمية المجتمعية يقوم على تأهيل العاملين ببرامج تدريبية تنموية ورعايتهم صحيًا واجتماعيًا، وتوفير حد أدنى من فرص العمل، وتقديم خدمات صحية واجتماعية أو في مجالات التنمية الإنتاجية والصناعية والسياحية والزراعية والمصرفية، مع تخصيص نسبة من أرباحه السنوية للمشاركة في التنمية المجتمعية تخصم من الضرائب المفروضة عليه، وذلك كله تحت رقابة قطاع متخصص بهيئة الاستثمار.