في أقصى الجنوب وعلى ساحل البحر الأحمر، تراث مصري خاص حملته قبائل منطقة حلايب والشلاتين عبر أجيال متلاحقة، لتتفرد به عن باقي أرجاء (مصر المحروسة)، وإذا كان لمصر العديد من الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد التي تسلمها الأبناء ميراثًا خالدًا عن آبائهم، فإنه تبقى لهذه المنطقة خصوصيتها التي جعلت منها "هرمًا تراثيًا" غير مستغل. أبو الحسن أحمد دكروني، أحد أهالي مدينة الشلاتين، دفعه ولعه الشديد إلى جمع المقتنيات التراثية الأثرية منذ بداية التسعينات، ومن ثم أسس وافتتح متحف تراث "حلايب والشلاتين"، الذي يحوي العديد من القطع التراثية القديمة، التي تجسد نمط الحياة والثقافة الخاصة بالأجداد الذين عاشوا في تلك المناطق الجبلية. ويحتوي المتحف الخاص، الذي تأسس منذ قرابة 6 سنوات، على باقة متنوعة من الأواني والأباريق الفخارية والخشبية والحجرية، وكذلك الأواني المصنوعة من سعف النخيل، بالإضافة إلى مجموعة نادرة من السيوف والخناجر القديمة، إلى جانب الدروع المصنوعة من الجلد، فضلا عن عدد كبير من العملات المعدنية التاريخية، والتي تتنوع بين عملات مصرية وإسلامية ورومانية من شتى العصور. ويقول أبو الحسن، في تصريحات لموفدي وكالة أنباء الشرق الأوسط، إن أهمية المتحف تأتي انطلاقًا من اهتمام المجتمعات التي تسكن الجبال في تلك المناطق بالقيم والعادات والتقاليد القديمة المتوارثة، مشيرًا إلى أن فكرة تأسيس المتحف جاءت بسبب كثرة المقتنيات التي ورث بعضها عن أجداده، فيما قام بجمع مجموعات أخرى من الجبال والأسر التي تسكنها. وأضاف أن المتحف يشتمل أيضًا على مجموعة متميزة من المقتنيات النسائية، مثل الأساور والأقراط والفضيات والحلي والأحجار الكريمة التي كانت تستخدم للزينة، وكذلك بعض المكاحل الخشبية وحافظات، قنينات لحفظ العطور، وخولال (مشط للشعر)، كانت تستخدمها النساء في العصور القديمة، ولا تزال بعض هذه الأدوات تستخدم حتى الآن. وأوضح مؤسس المتحف، أن مقتنيات الزينة لم تقتصر على النساء فحسب، بل إن أغلب المفروشات المصنوعة من الصوف والحرير وجلد التماسيح، التي يزخر بها المتحف كانت تستخدم لزينة الجمال التي كانت ولا تزال تشكل جزءًا كبيرًا من اهتمام وثقافة القبائل التي تسكن تلك المناطق الجبلية. وذكر أبو الحسن دكروني، أن العديد من تلك الأدوات يصر أهالي المناطق الجبلية في حلايب والشلاتين على استخدامها إلى يومنا هذا مثل الأواني المصنوعة من سعف النخيل، وتستخدم في شرب حليب الإبل، وكذلك السيوف والدروع المستخدمة في رقصة "الهوسيب" خلال الأفراح والمناسبات.