«أقسم بالله العظيم أننى لم أصدق ما قرأت بأن جماعة الإخوان طلبت من اعضاء مجلس الشعب المنحل إعادة عقد جلسات المجلس فى مدينة اسطنبول التركية. ظننت للوهلة الاولى أن الخبر قديم وأعاد البعض «تشييره» على سبيل التسلية أو التشويش على الانتخابات المقبلة، أو أن بعض خصوم الجماعة يحاولون الشوشرة والتهليس عليها. لكن المفأجاة أن الخبر كان صحيحا بالفعل، ليس واجتمع 30 عضوا من المجلس الذى حلته المحكمة الدستورية فى عام 2012 بالفعل يوم السبت الماضى فى فندق تيتانيك فى بيرم باشا بمدينة اسطنبول، وقرروا اختيار ثروت نافع القيادى السابق فى حزب غد الثورة والمقيم فى سويسرا رئيسا وكل من جمال حشمت وحاتم عزام وكيلين. حشمت قال فى بيان رسمى إن البرلمان فى حالة انعقاد مستمر لإعادة التواصل مع البرلمانات والمجالس المنتخبة فى العالم، ومنحوا انفسهم حق اصدار التشريعات والقوانين. القصة بأكلمها تنتمى الى مسرح العبث واللامعقول، وتكشف عن أن جماعة الاخوان فقدت أى علاقة لها بالواقع واصبحت فعلا لا مجازا «مخطوفة ذهنيا وزمنيا». كثيرون كانوا يعتقدون أن الجماعة الاكثر تنظيما فى مصر وبغض النظر عن الاتفاق والاختلاف معها لديها حد ادنى من المنطق فى التفكير. لكن عندما تكتشف أنها تفكر بهذه الطريقة «الحشمتية»، فالمؤكد أنها ستبقى فى الكهف الذى تعيش فيه لفترة طويلة. المفارقة أنه فى اللحظة التى كان فيها بعض اعضاء وكوادر الاخوان يعيدون احياء جثة البرلمان الميت من اسطنبول، كان هناك نائب رئيس الوزراء التركى بولنت أرنجت يعلن بوضوح وبعبارات حاسمة من نفس المدينة التركية أن بلاده تأمل فى استعادة العلاقات مع مصر. السياسى التركى الذى يعرف حقائق الواقع جيدا قال بوضوح إن بلاده تختلف مع الطريقة التى تم بها اقصاء الاخوان من الحكم، لكنهم يدركون أن هناك واقعا جديدا فى مصر، وأن الرئيس المصرى يتم استقباله فى امريكا واوروبا وسائر دول العالم. تحدث ارنجت عن الواقع فى مصر والمنطقة مطولا مبشرا بأن العلاقات المتوترة مع بعض الدول العربية سوف تتحسن قريبا. الطريف ايضا انه فى نفس يوم انعقاد البرلمان الاخوانى المنحل فى اسطنبول كانت قطر الاكثر دعما للاخوان ترسل مبعوثا رفيعا لمقابلة الرئيس المصرى المنتخب فى القاهرة وتعلن بوضوح تقديرها لمصر ولدورها الريادى،وفى نفس اليوم ايضا كانت امريكا ترسل سفيرها الجديد الى القاهرة بيكروفت. السؤال هو: هل الاخوان يدركون ذلك كله وكانوا يردون على كل الرسائل السابقة ولم يجدوا حلا الا اختراعه «برلمان اطنبول»، أم أنهم يحاربون طواحين الهواء؟!! الاجابة يعلمها الله وثم بعض قيادات الجماعة. لكن بغض النظر عن طبيعة السبب الذى دفع الجماعة الى الوقوع فى هذه المصيدة الكوميدية، فإن الحقيقة المرة تشير إلى احتمال عدم وجود قيادة فعلية تدير امر الجماعة فى الداخل أو الخارج وان حكاية التنظيم الذى لايزال فولاذيا مجرد تمنيات هدفها الحيلولة دون انهيار الجماعة نفسها. عندما تتورط الجماعة فى «لعبة مظاهرات 28 نوفمبر» «المضروبة»، فالمؤكد أن هناك ازمة تفكير داخلها، وعندما ترتكب مثل هذا الفعل البهلوانى فى برلمان اسطنبول، فالأكثر تأكيدا انها تسىء الى نفسها اكثر مما تسىء الى أى طرف آخر. إذا فإن السقوط المدوى للجماعة فى 30 يونيو 2013 كان حتميا ليس فقط لأن ملايين المصريين خرجت ضد حكمها، وأن الجيش انحاز لصالح هذا الشعب، بل لأن الجماعة لا تتمتع بأى كفاءة فى الادارة أو حتى التفكير والتخطيط والرؤية. حتى على مستوى الشكل والرمز فشلت الجماعة فى اختيار اسم الفندق الذى انعقد فيه «البرلمان الكوميدى».. اعضاء الجماعة لا يعرفون أن تيتانيك غرقت.. واثناء غرقها كان قبطانها يجهز موائد الطعام!.