وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    بعد بلاغ وزارة النقل.. البلشي: مواجهة الصحافة بالتقاضي تهديد لحرية تداول المعلومات    كامل الوزير يتفقد المجمع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان    ارتفاع سعر اليورو اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 بالبنوك المصرية    رئيس الوزراء يلتقي محافظ بنك اليابان للتعاون الدولي    مساء الجمعة.. قطع المياه لمدة 6 ساعات عن بعض مناطق الجيزة    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 فى البنوك الرئيسية    وزيرا قطاع الأعمال والتعليم العالى يبحثان تعزيز التعاون المشترك واستثمار الأصول    جهاز تنمية المشروعات يبدأ تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية «2025 – 2030»    إقالة مسئول رفيع بالخارجية الأمريكية بسبب عبارة "لا ندعم التهجير القسرى للفلسطينيين"    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    مدبولي لوزير السياحة والنقل الياباني: نتطلع لجذب صناعات السيارات وكل ما يتعلق بتحلية مياه البحر    في غياب ميسي.. سواريز يقود إنتر ميامي لنصف نهائي كأس الدوريات بالتغلب على تايجرز أونال    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    القبض على البلوجر نورهان حفظى لنشرها فيديوهات منافية للآداب    الأرصاد تحذر من حالة طقس يومي السبت والأحد    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    طلاب الدور الثاني بالثانوية العامة يؤدون امتحان مادة الكيمياء    بتهمة شيكات بدون رصيد.. القبض على البرلمانى السابق رجب هلال حميدة    ننشر نص اعترافات مروة المعروفة ب "بنت مبارك" في قضية تجارة الأعضاء    غدا.. ويجز يشعل مسرح «يو ارينا» بمهرجان العلمين    وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء المخازن الاستراتيجية للمنتجات والأجهزة الطبية بالعاصمة الإدارية    زعيم كوريا الشمالية يلتقي قادة القوات البرية التي ساعدت في تحرير كورسك الروسية    في المباراة رقم 247 له.. علي ماهر يصل ل 100 انتصار في الدوري المصري    بعد تصدره التريند.. طريقة عمل العيش البلدي المصري    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    وداعا القاضى الأمريكى الرحيم فرانك كابريو فى كاريكاتير اليوم السابع    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رجل الدولة ورجل السياسة    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    نجم الزمالك السابق يكشف رؤيته لمباراة الفريق الأبيض أمام مودرن سبورت    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    Avatr تطلق سياراتها ببطاريات جديدة وقدرات محسّنة للقيادة الذاتية    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    نيويورك تايمز: هجوم غزة يستهدف منع حماس من إعادة تنظيم صفوفها    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حقك ألا تكون فقيرا
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 11 - 2014

ماذا لو أغلقت كل الأبواب التى يستطيع الأفقر والأضعف توصيل أصواتهم وشكاواهم من خلالها؟ ربما السؤال الأكثر مرارة، ماذا لو لم نملك إجابة عن هذا السؤال نفسه؟ كيف نرى المستقبل؟ بل هل نراه من الأساس؟!
ليس هدفى من طرح هذه الأسئلة هو اللوم والتوجيه والعتاب، فلا مجال للاستعياب بالعقل والمنطق فى ظل «الهستيريا الحالية» على كل الأصعدة، ولكنها تساؤلات استوجبها السعى لإيجاد حل ومخرج من تردى أوضاع الأفقر بشكل خاص. ارتأيت جزءا من الحل رسم صورة أكثر وضوحا وتوحيد المفاهيم فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعلاقاتها بالفقر تحديدا.
مدخل الحقوق فى تعامله مع قضية الفقر يحمل اختلافا جوهريا فى نظرته لطبيعة النظام الاقتصادى بشكل عام ولإدارة الإنفاق العام بشكل خاص، فيتناول قضية الفقر فى إطار «من حق الإنسان ألا يكون فقيرا من الأساس»؛ وليس فقط «من حق الفقير أن يحصل على كذا وكذا».
•••
الحق، صفة لصيقة بالإنسان لكونه إنسانا، فهو غير مطالب بتبرير استحقاقاته؛ وحقوق الإنسان بطبيعتها:
• متكاملة وليست متنافسة فلا يمكن تصور الحق فى التعليم عالى الجودة دون الحق فى التعبير عن الرأى لتقييم الخدمة، أو حتى تصور المعاوضة بين الخدمة الصحية الفعالة وتحسين أجور الأطباء، أو التنافس بين حقوق العامل فى التنظيم والتفاوض والأجر العادل وحقه فى فرصة العمل ذاتها.. إلخ.
• شاملة وليست استهدافية أو انتقائية، فتدخل الدولة يكون لضمان استيفائها للجميع وليس لفئة دون الأخرى؛ أى تتدخل الدولة من منطلق أن تحديد الفئات المستهدفة يكون لأن هذه الفئات لا يمكنها النفاذ إلى حقوقها بما يستدعى تدخل إضافى ببرامج محددة، وليس من منطلق أن هذه الفئات فقط هى من يمكنها النفاذ إليه، على الرغم من خلل شامل فى المنظومة، هناك فرق.
• مستدامة وليست خيارا لحظيا قد تتخلى عنه الدولة فى وقت ما لأى سبب كان، فهو ليس ملك لها، ولا منحة تمنحها، بل صفة أصيلة من تكوين الانسان لأنه خلِق هكذا؛ وتغييب هذا الحق لأى زمن أو سبب يعنى التعدى على انسانيته.
• تتعدى فكرة السعى نحو تكافؤ الفرص بين ذوى نفس المؤهلات لتتساءل عن أسباب افتقاد البعض للمؤهلات والإمكانات من الأساس.
• ترتبط بالإنسان نفسه كفرد ومن ثم تصاغ مؤشرات قياسها من خلاله هو وليس من خلال قياسات جامدة حول مدى تحسين الظروف المحيطة به فقط. ففى إطار رسم استراتيجيتها للتنمية لابد أن تطرح الدولة تساؤلات تأسيسية مختلفة. فعندما تستهدف النمو من أجل توليد فرص العمل، لابد من طرح تساؤل أساسى وهو «هل فرص العمل المتولدة بالفعل تحمى المشتغلين من الفقر؟»، وعندما تتحدث عن انفاق عام على الصحة لابد أن تجيب المواطن على تساؤل مهم وهو «هل نظام الصحة الحالى بالفعل يحمى كل الانسان من خطر الوقوع فريسة لبراثن المرض دون مفر؟»، والتعليم كذلك، «هل التعليم بالفعل يسهم فى تحقيق الارتقاء فى السلم الاجتماعى ويستفيد منه الفقير مثل الغنى؟»، و«هل العائد على التعليم فعلا عادل للجميع»؛ أم أن هناك أية ظروف أو أسباب تجعل هذه المكونات التى تدخل ضمن الانفاق على البعد الانسانى فى الدولة أدوات تكريس للفقر وحمله عبر الأجيال؟!
•••
ويبقى تساؤلان مهمان، الأول: هل من الممكن أن يكون النظام قمعيا ومع ذلك يضمن الحقوق الاقتصادية للإنسان وحدها، أى دون حرياته؟ من الممكن فى حالة توافر موارد تسمح بتوزيعها بشكل يكفى قاعدة شعبية عريضة، ولكن من المستحيل أن يكون هذا الضمان مستداما، فاستيفاء الحق يتطلب تقييمه من المستفيدين، والأنظمة التى تغيب عنها قنوات التواصل الفعالة أقصى ما تستطيع تحقيقه هو إتاحة الخدمات العامة وتحقيق النفاذ لها، ولا يمكنها ضمان فعالية هذه الخدمات العامة لتبلغ مرتبة الحصول على الحق كاملا؛ ولو تراجعت الموارد وتصاعدت الشكاوى يكون البطش حاضرا.
السؤال الثانى، هل من الممكن أن يقوم النظام على عدم العدالة الاقتصادية ومع ذلك يضمن الحقوق الاقتصادية للإنسان؟ إن المنظومات الاقتصادية القائمة على عدم العدالة بطبيعتها تعتبر الجهد البشرى هو العنصر الذى يجب أن يبقى رخيصا، فهناك تنافس بين فكرة بقاء النظام بشبكاته وبين الحقوق بشكلها الكامل والجذري؛ فالحق يعبر عنه فى صورة منحة يمنحها النظام؛ فتزيد فى مجتمعات وتقل فى أخرى حسب توافر الموارد، ودرجة الديمقراطية «النظيفة» وقوة المؤسسات المدافعة عن الحقوق، ودرجة توغل شبكات المصالح فى السلطة؛ فهى ورقة فى يد السلطة والنافذين فيها من ذوى المصالح، قد تقل المنح حتى تقتصر على تقديم بعض برامج الرفاه الانتقائية أو التعديلات الجزئية، مثل العلاوات الجزئية كبديل عن إصلاح شامل فى هيكل الأجور بشكل يضمن مستويات كافية وعادلة للجميع، ومثل برامج التأمين والمعاشات الاستهدافية المحدودة لبعض الطبقات والفئات كبديل عن منظومة حقوقية كاملة، فتخفف من آلام النظام وتبقيه، ولكن بشكل يحول حق الانسان من حق أصيل، لمنحة ثم إلى مجرد رشوة أو أداة للتفتيت والتنافس على موارد «محدودة»؛ فلو تراجع النمو يصبح لزاما الاستغناء «السهل» حتى عن برامج الرعاية الانتقائية، فتصبح مجرد صور غير مفعلة.
فصمود أى منظومة اقتصادية غير عادلة أمام بعض المطالب المفتتة الضيقة بتحسين جودة الحياة على الرغم من أهمية هذه المطالب أسهل كثيرا من صمودها أمام رؤية لمنظومة حقوق متكاملة تتطلب تغييرات جذرية فى طبيعة إدارة الدولة.
•••
ربما تستدعى هذه الصورة تساؤلات جادة فى الحالة المصرية، عن أسباب التهديد بغلق مؤسسات المجتمع المدنى التى اشتغلت فى المجال الحقوقى، فلابد أن تساءل الدولة عن سبب رغبتها فى التخلص من هذه المؤسسات، على الرغم من وجود دستور اعترف بمجموعة من الحقوق وإن لم يطبق أو حتى يراعى أيا منها «بعد».
على أية حال، بعيدا عن المؤسسات والدستور، أيها المواطن إن لك حقوقا لأنك إنسان، ودون أى منها فسوف تكون فقيرا أو عرضة لنوع من أنواع الفقر.. ومن حقك ألا تكون فقيرا.. من الأساس!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.