قلب أى مصرى وطنى طبيعى انفطر وهو يسمع ويتابع الجريمة الإرهابية التى وقعت بعد ظهر الجمعة الماضية على حاجز كرم القواديس قرب الشيخ زويد. الخبر السيئ أن الإرهاب لا يمكن اقتلاعه من جذوره بين يوم وليلة، وهذا الكلام ليس محاولة لإعطاء الحكومة وأجهزة الأمن رخصة مفتوحة تبرر لها الوقوع فى الأخطاء. مهما كانت الإجراءات الأمنية مشددة فلن تمنع انتحاريا قرر أن ينهى حياته ويقتل معه فى الطريق آخرين سواء كانوا عسكريين أو مدنيين. الفارق فقط أن اليقظة والاستعداد والتأهب والوقاية يمكنها أن تقلل عدد هذه الحوادث وضحاياها. الشىء الأكثر أهمية أن نكون متأكدين أننا اتخذنا كل الإجراءات الملائمة والصحيحة، ونحن نواجه هذا الإرهاب الموغل فى الدموية. سيتحدث الجميع عن ضرورة الضرب بيد من حديد على الإرهابيين ومطاردتهم والقصاص منهم. هذا شىء طبيعى، لكن وإضافة إليه هناك نقاط جوهرية علينا أن نعيد التأكيد عليها. أول هذه النقاط أن نضمن توافر جميع المقومات التى تتيح لقوات الأمن الانتصار فى المعركة. من تدريب وتأهيل وتسليح وإعداد ودعم وجاهزية. ثانيا، أن نعيد تقييم الطريقة السابقة التى كنا نحارب بها هؤلاء الإرهابيين. ليس عيبا أن نكتشف وجود ثغرات أو أخطاء فى هذه الطريقة أو الخطة أو ربما نكتشف أن الإرهابيين طوروا من أساليبهم. ثالثا، وجهت أجهزة الأمن ضربات موجعة للإرهابيين خلال الأسابيع الأخيرة، وكنا نقرأ يوميا عن العديد من الإرهابيين الذين اصطادتهم قوات الأمن والأسلحة والمعدات التى صادرتها أو المقار التى دمرتها. وبالتالى فإن على المجتمع دعم هذه القوات فى معركتها المستمرة ضد الإرهاب. رابعا، على المسئولين وأجهزة الإعلام التحلى بقدر من التواضع وهم يتحدثون عن المعركة.. هى ليست سهلة كما يتخيل البعض والدليل مئات الجنود والضباط الذين استشهدوا، والأسلحة النوعية القادرة على نسف دبابات. بعض الإعلاميين ساهم فى تضليل الشعب حينما كتب قبل أكثر من عام بأن «حسم معركة الإرهاب فى سيناء سيتم خلال أسبوع». مر الأسبوع والشهر والسنة، ولا تزال المعركة متواصلة. أفضل ما نفعله أن نقول الحقيقة للمواطنين حتى نضمن دعمهم طوال الوقت. ومن الواضح أن العدو شرس، والأكثر وضوحا أنه يتلقى دعما غير مسبوق من أطراف كثيرة داخلية وخارجية بل وبعضها ربما يدعى أنه صديقنا أو يساعدنا. خامسا، من المهم أن يتحدث البعض عن إجراءات رادعة وحاسمة، لكن من المهم ألا نتسرع فى اتخاذ إجراءات ترضى المشاعر الشعبية الجياشة والملتهبة، لكنها قد لا تكون صحيحة على المدى البعيد. علينا أن نفكر بهدوء شديد ونحن نبحث الإجراءات، علينا ألا نحقق ما يريده الإرهابيون وهو أن نحاربهم ونحن منفعلون. تستطيع أجهزة الأمن أن تقضى على الإرهابيين فى أسبوع واحد، كما قال لى قائد عسكرى، لكن الثمن سيكون فادحا بين المدنيين الذين يتحصن الإرهابيون وسطهم. وسيظل هذا العامل سيفا معلقا على رقاب الجنود والضباط. لو كنت مكان الحكومة لطلبت من بعض ممن يقولون على أنفسهم خبراء استراتيجيين، أن يتحلّوا بقدر من التواضع، وألا يفكروا بطريقة المواطن البسيط الجالس على المقهى، ولا يعرف الحد الأدنى من المعلومات. بعض هؤلاء يشبه جنرالات «سيدنا الحسين» ويشبه الدبة التى تقتل صاحبها. المعركة صعبة وشاقة وتحتاج صبرا وتخطيطا عمليا وعلميا؛ حتى نضمن حسمها. النجاح فى هذه المعركة ضمانة أساسية للنجاح فى معركة المستقبل. لا يمكننا الحديث عن نجاح المشروع القومى المنتظر من دون الفوز بهذه المعركة. ولكى نحسمها فلابد أن نخوضها بصورة جادة.