صدر عن سلسلة «حكاية مصر» التابعة للهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة كتاب حكاية عملات مصر والسودان في عصر أسرة محمد علي للباحث في شئون التراث والصحفي محمد مندور. يرصد الكتاب تاريخيا وأثريا عملات مصر والسودان في عصر أسرة محمد علي، والأمور المتعلقة بصناعة النقود وأسعار صرف العملات المصرية مقابل العملات العثمانية والأجنبية المتداولة آنذاك. ويضم الكتاب أربعة فصول، يتناول الفصل الأول النقود المصرية والعثمانية المتداولة في مصر والسودان، وشملت دراسة تفصيلية عن النقود الذهبية والفضية و النحاسية والنيكلية، والبرونزية، وفي الفصل الثاني تناول النقود الأجنبية الذهبية والفضية، كما تحدث عن انتشار النقود الأجنبية في الولايات التابعة للخلافة العثمانية. وتناول الفصل الثالث نقود الدولة المهدية التي أصدرها مؤسس الدولة محمد احمد المهدي الذي قاد الثورة ضد الحكم المصري ومن بعده نقود الخليفة عبد الله التعايشي، وتحدث الفصل الرابع عن أسعار صرف العملات المختلفة في مصر والسودان وصناعة العملة. ويضم الكتاب قائمة بأسماء العملات المتداولة في مصر والسودان ، فمن أسماء وأنواع النقود الذهبية، كان يتم تداول «الخيرية والسعدية والبرغوته والظريفة والمحمودية»، وهي من مسميات النقود الذهبية العثمانية والمصرية، فضلا عن تداول الجنيه الذهبي وربعه ونصفه. ومن أنواع النقود الفضية كان يتم تداول الريال الفضي، واختصت السودان خلال فترة الثورة المهدية على الحكم المصري بتداول النقود الفضية التي أصدرها المهدي والخليفة عبد الله التعايشي ومنها الريال الفضي المهدوي كما أصدر التعايشي نقودا فضية وكان لها عدة مسميات ومنها «ريال مقبول و ريال أبو كبس وريال وقيع الله» ونقودا نحاسية منها «ريال البازاجوري و ريال أبو شلاية». وشهدت أسواق مصر والسودان تداول عدة انواع من النقود الأجنبية، ومن النقود الذهبية «البندقي والمجري والجنيه الإنجليزي»، وعلى صعيد النقود الفضية الأجنبية عرفت أسواق مصر والسودان «الريال النمساوي والريال الأسباني والريال السينكو الفرنسي». ونشر الباحث بالكتاب صورا لنماذج العملات المختلفة المتداولة في مصر والسودان من مقتنيات متحف الفن الإسلامي بالقاهرة ومتحف الأمير محمد علي بالمنيل، ومجموعة عملات من حفائر كفر الشيخ ومقتنيات من متحف الخرطوم القومي ومتحف بيت الخليفة بمدينة أم درمان بالسودان، كما ضم الكتاب صورا لآلات صناعة العملات المهدية التي تم صناعتها بمدينة أم درمان بالسودان، وقائمة بأسماء حكام سلاطين آل عثمان وقائمة بأسماء حكام مصر من أسرة محمد على وقائمة حكمداريي السودان من عام 1821 الى 1885م. كما نشر عدة وثائق من دار الوثائق القومية بالقاهرة و وثائق دار الوثائق المركزية بالخرطوم. ويرصد الكتاب جهود محمد علي باشا في النظام الاقتصادي وإصلاح منظومة التداول النقدي في مصر والسودان. ويشير المؤلف محمد مندور في كتابه إلى أن معظم الدراسات التى تناولت تاريخ النقود في دول حوض نهر النيل انصبت على مصر دولة المصب، في تجاهل لإمكانات ومقدرات دول حوض النيل التاريخية والأثرية ولا سيما دولة السودان. ويقول أن المصريين عرفوا تداول النقود على نطاق واسع منذ العصور الرومانية، وكانت النقود المتداولة في مصر عند تولي محمد علي باشا الحكم في مصر سنة 1805م خليطاً من العملات العثمانية وبعض العملات الأجنبية ورفض أهالي السودان في البداية التعامل الإجباري بالنقود التي حاول فرضها محمد علي اذ كانت اغلب معاملاتهم التجارية في الاسواق تجري بنظام المقايضة، وكان التعامل بالنقود قاصرا على المعاملات التجارية الكبيرة فقط. ويسرد الكتاب تفاصيل عن عمليات تزوير العملات في السودان خاصة في فترة المهدية إذ لم تسلم نقود المهدية من التزوير، حيث كانت صناعة العملة عهد المهدية عملية بسيطة يقوم بها الصاغة، وكان الجزء الأكبر من تزييف النقود يتم خارج دار السك بأم درمان، وتقوم بها فئة متخصصة في أعمال النقود وتزييفها وخاصة إذا ما توافرت لها القدرات الفنية.