شريف منير يحتفي بزفاف ابنته "أسما".. ووجه رسالة مؤثرة لزوجها    عمرو دياب يستعد لطرح أغنيتين بتوقيع أيمن بهجت قمر    مها الصغير عن تصدرها التريند: «السوشيال ميديا سامَّة»    لماذا يجب تناول الخضروات والسلطة مع اللحوم في ثاني أيام عيد الأضحى؟ الصحة توضح    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    انقطاع كبير لخدمة الإنترنت في كوريا الشمالية    ترامب فاشل في المواد «الاقتصادية».. أهمل تحذيرات الاقتصاديين من سياسة التعريفات الجمركية    بعد اتصال إنزاجي به شخصيا، أوسيمين على أعتاب الهلال السعودي براتب استثنائي    سعر الدولار أمام الجنيه السبت 7-6-2025    12 شهيدًا في قصف إسرائيلي استهدف نازحين بغرب خان يونس    ترامب ردًا على هجوم إيلون ماسك: قد يكون بسبب تعاطيه المخدرات    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالجيزة .. رابط وخطوات الاستعلام لجميع الطلاب فور ظهورها    هوندا سيفيك تايب آر تُعلن نهاية مبيعاتها في أوروبا    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    «لعيبة تستحق تلبس تيشيرت الزمالك».. شيكابالا يزف خبرًا سارًا لجماهير الأبيض بشأن الصفقات الصيفية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت 7 يونيو 2025 بالصاغة    ترامب يكلف بتوسيع إنتاج الطيران الأسرع من الصوت    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    رئيس الوزراء الهندي: نتطلع لتعميق التعاون مع وسط آسيا في التجارة والطاقة والأمن الغذائي    إيلون ماسك يخسر 35 مليار دولار من ثروته بعد خروجه من الحكومة الأمريكية    الهند: برلمانات بريكس يتفقون على التعاون على سياسة عدم التسامح إزاء الإرهاب    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    زيزو: جيرارد تحدث معي للانضمام للاتفاق.. ومجلس الزمالك لم يقابل مفوض النادي    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة نهاية الأسبوع    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبنودي ل«الشروق»: السيسي بطل وامتداد ل«عبدالناصر».. وصباحي عاقل ولكن أضره حماس الشباب الذي يصفق له
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 05 - 2014

بدون مقدمات انشائية أعلن شاعر العامية الكبير عبدالرحمن الابنودى، وبوضوح، تأييده الكامل للمرشح عبدالفتاح السيسى رئيسا لمصر، قال عنه إنه امتداد لمحمد على وجمال عبدالناصر.. قال إن مصر، اليوم، لا تحتاج إلى مجرد حاكم بل إلى بطل.
«الشروق» التقت الخال فى منزله بقرية الضبعية على أطراف محافظة الاسماعيلية لتسأله عن أسباب تراجعه عن تأييد حمدين صباحى، رغم وقوفه إلى جانبه فى انتخابات 2012، وأسرار دعمه المشير السيسى، رغم معارضته للمجلس العسكرى فى عهد طنطاوى وعنان.
هاجم الأبنودى فى حواره الأحزاب المصرية التى وصفها بأنها كرتونية وهشة وقائمة على الشللية، واعتبر أن شباب الانترنت أشبه بالتنظيمات السرية التى كانت موجودة فى الستينيات،
كما قال إن جماعة الإخوان انتهت فى مصر ولم يعد لها أى رصيد عند المصريين، واشاد بالسيسى الذى نجح عقب ثورة 30 يونيو فى أن يقوم بما سماه «مذبحة سلمية» ضد الجماعة التى وصفها ب«العصابة».. وإلى نص الحوار:
• كيف بدأت علاقتك بالمشير السيسى؟
قبل كل شيء يجب التأكيد على ان علاقتى بالسيسى «شفهية»، بدأت عندما كتبت احتفالية لجامعة المستقبل اخرجها خالد جلال، واذيعت على مسرح الأوبرا، فشاهدها البعض وقال للسيسى، وكان برتبة فريق أول فى هذا الوقت، أن العمل الذى كتبه الابنودى عظيم ويريدون تقديمه فى احتفالية للجيش.
وعلمت أن السيسى تحركت مشاعره عند مشاهدته العرض، ووقف ليلقى للناس كلمة، وكانت هذه أول مرة يسمع الشعب المصرى فيها صوت عبدالفتاح السيسى، وقال حينها جملته الشهيرة «مصر ام الدنيا وهتبقى قد الدنيا».
السيسى أدرك فى هذا الوقت ان الاتصال بالأدباء والفنانين شى مهم، وفوجئت بعد الحفلة بيومين أنه يرسل لى شعار القوات المسلحة وخطاب شكر، وابلغنى الرسول الذى جاءنى بالخطاب ان الفريق اول السيسى يريد زيارتى فى منزلى بالإسماعيلية، فرفضت رفضا قاطعا، وقلت بالنص: «هذا المكان على قد اصحابي»، ولا يزورنى فى بيتى شخصية رسمية لأن هذا المكان لا استطيع تأمينه وهم ايضا لن يستطيعوا.
ورغم رفضى قال لى الرجل: «لا تتعب نفسك السيسى اخذ قرارا بزيارتك وسيأتي»، وعلى الفور قررت ان ابنى ديوانا كبيرا فى بيتى، تحسبا لحضوره.
• .. وهل قام بهذه الزيارة؟
الحمد لله ان هذا لم يحدث بسبب تسارع نبض السياسة، حتى جاءت ثورة 30 يونيو واسقط الاخوان.
فأنا عبدالرحمن الابنودى مثل غيرى من الشعب أرى السيسى بطلا خلص الشعب من هذه الزمرة التى خدعت الناس طويلا، واكتشفت الناس انها عصابة، وتحديدا المواطنين فى الأرياف الذين اكتشفوا خلف الذقون والذبيبات، مخلوقات اخرى شيطانية.
• وكيف جاء لقاؤك به فى القاهرة؟
عندما علم السيد المشير اننى سوف انزل القاهرة لأول مرة بعد 8 سنوات، لإقامة حفل توقيع ديوانى الجديد «مربعات» بجريدة الاهرام، اتصلت بى حملته، وقالت إنه يريد أن يرانى، فذهبت إليه فى صباح اليوم التالى للحفل، وكان اللقاء انسانيا وجميلا جدا، ولا تستطيع وصفه بأنه سياسى.
وبقدر ما جلست معه كانت الجلسة جادة جدا، والحوار معه انقسم لشقين الأول للشباب، والثانى للفقراء الذين لا يمثلهم أحد، ولا يدافع عنهم إلا حاكم ذو بصيرة، والسيسى يعلم أن فقراء مصر تأكل «طوب»، فهو يعلم ان الناس صابرة من اجله فقط، فالشعب يحمل له جميل ما فعله فى 30 يونيو.
• لماذا تعتقد ان السيسى قادر على العبور بمصر؟
هناك شخصان صنعا انجازات عظيمة فى حياة الشعب المصرى هما على الترتيب، محمد على باشا، وجمال عبدالناصر، واتوقع ان يكون ثالثهما عبدالفتاح السيسى.
والواقع يقول ان محمد على لم يكن يستطيع ان يبنى مشروعه الكبير الحضارى فى تحديث مصر لولا تخلصه من المماليك فى مذبحة القلعة، لأن المماليك كان العازل بينه وبين الشعب.
وجمال عبدالناصر لم يكن يستطيع أن يكون ناصر ويبنى مصر من جديد ويحرر الارض من ملاكها الإقطاعيين ويعطيها للفقراء ويعلم الشعب بالمجان ويبنى السد العالى ويخوض المعارك ضد الاستعمار، بدون التخلص من المماليك الجدد وهم «الاخوان»، رغم انه حاول أن يهادنهم ويتوافق معهم، حتى تأمروا على قتله فقرر التخلص منهم بإيداعهم السجون.
الآن، لا يستطيع السيسى ان يكرر تجربة محمد على أو عبدالناصر، لأن حقوق الانسان والعالم تنتفض اذا ما ذبحت عصفورا فى مصر، بينما لا يخجلون من تدمير العالم وقتل الملايين بلا ذنب، لكن فى كل الأحوال كان لابد من التخلص من الاخوان إذا كنا نريد أن تعود مصر.
• التخلص منهم بالسجن أم بالذبح؟
السيسى بالفعل ذبح الاخوان، فهو نفذ معهم مذبحة القلعة بطريقة سلمية، فالرجل خيرهم ان يوافقوا على انتخابات رئاسية مبكرة أو استفتاء على بقائه، فرفضوا بغرور أعمى قاتل، والحمد لله إن ربنا أكرمنا بحماقة الاخوان، فالرجل لم يتخذ قرارا منفردا وجمع شخصيات من عناصر الأمة، وسلك أكثر الطرق ديمقراطية فى العالم، وقرر الجميع انهاء هذه الظاهرة المتخلفة التى كانت تريد ان تذهب بمصر إلى قاع الكون.
• ولكن عناصر الاخوان ما زالت موجودة فى الشارع وتثير القلاقل؟
الاخوان انتهوا من حياة الناس، ولكنهم لم يستسلموا استسلاما كاملا، وهم يبحثون عن طريق للحاق بالقطار الذى مضى.
وبالمناسبة عندما وضع عبدالناصر الاخوان فى السجون، كانت هناك بعض البؤر الارهابية مثل الآن، وتنشر لعبدالناصر كل السيئات، وما زال عبدالناصر يعانى حتى الآن من بعض التشويهات التى اشعلها الاخوان، ولا يخفى على أحد أن كراهية الاخوان لعبدالناصر، لا تقل عن كراهيتهم للسيسى.
وقيام الاخوان بأعمال ارهابية حاليا، كشف امام الناس حقيقة اطماعهم وخلقهم، فالشعب يعرف حاليا انهم جماعة ارهابية، حتى ان أمهات شهداء الشرطة دائما يكون رثاؤهن لابنائهن سياسيا يحمل بعدا قوميا، بالدعاء على جماعة الاخوان، وان تتخلص مصر منهم.
• هل انت جاد فعلا فى انسحابك من قائمة تأييد السيسى إذا قرر المصالحة مع الاخوان؟
السيسى لن يفكر فى المصالحة، ولن يستطيع على الاطلاق ان يفكر فى ذلك، وهو قالها واضحة «الزمن القادم ليس به اخوان»، وهذه من المرات القليلة جدا التى كان فيها واضحا فى رؤيته، وهذا ازعج الغرب جدا.
وبالمناسبة أنا اعتبر كل انسان يرفض دعوة السيسى للتماسك والتلاحم ويؤجل تناقضاته، إما رجل قاصر النظر أو خائن، لأن مصر على الحافة، اذا نفخ فيها أحد ستقع، وليقولوا ما يقولون عنى، فلا أحد يستطيع ان يطعن فى وطنيتى، وهذا ما جعل السيسى يلتقينى، رغم أنه لم يفعل ذلك مع الذين ينافقونه فى الفضائيات ليل نهار، لأنه يعلم الانتهازى من الصادق.
والمشير السيسى له مقولة مهمة جدا هى «مهمتنا ان نسترد مصر»، وهو لا يقصد استردادها من الاخوان فقط، ولكن استردادها من الجهل والتزييف والخونة، وممن يبيعونها فى السر والعلن، فاسترداد مصر هى قضيتنا الآن.
• ألم تتردد فى دعم السيسى وهناك عناصر من الحزب الوطنى تؤيده؟
أتصور أن المشير رد على ذلك بقوله «إنه غير محمل بأى فواتير لأحد»، وتبرأ من كل ذلك، لكنه لن يقول لأحد لا تفعل ويحوله إلى عدو، حتى إذا كان من العناصر العفنة التى تنتمى إلى النظام الأسبق، فما أعلمه عن هذا الرجل أنه ليس لديه اصدقاء، ولا يصاحب أحدا إلا فى الود الوطنى.
• البعض يرفض السيسى لأنه لم يعلن عن برنامج محدد حتى الآن؟
إذا شاهدت التليفزيون ستجد من يظهر فيه يقول انه من الحزب الفلانى، هؤلاء لديهم قلقهم، وما تعلموه لم يتعلموا غيره، وقادتهم لم يأخذوهم ليعرفوهم بالناس، وأى مثقف من هؤلاء، حتى اذا كان ابن قرية لا يذهب اليها، وعندما يقرأ كتابين يبحث عن انسان آخر قرأ كتابين مثله ويذهبوا فى ابعد قهوة عن الناس ليتحدثوا فى الثقافة.
بصراحة حالة الانفصال الشديد التى تتمتع بها النخب الثقافية عن الجماهير حالة مزمنة لابد ان يتخلصوا منها.
• كيف تعلن تأييدك لحمدين صباحى فى 2012 وتعتبره لا يصلح فى 2014؟
ايدت صباحى فى 2012 لأنه لم يكن طبيعيا أن أؤيد مرسى الاخوانى، أو شفيق الانتهازى، فالذى «رمانا على المر هو الذى امر منه».
فالناس انتخبت حمدين وحصل على أكثر من 4 ملايين صوت، لأن الموقف كان حرجا جدا، وكان الخيار إما الرجوع عن الثورة، أو تسليم البلد لأشرار الكون وهم «الاخوان».
لذلك ستجد أن أبناء عبدالناصر الذين عاشوا على خطب عبدالناصر اختاروا المشير، حتى انهم لم ينقسموا بين المشير وحمدين، فالواقع يقول إن عبدالناصر عند المشير وليس حمدين، لأن ناصر لم يكن يتعامل مع عالم قديم، وكان يتعامل مع العالم الحديث أولا بأول.
كما أنى استمعت لحمدين ورأيت أنه يبالغ جدا فى حديثه، ف«الخطابة داء»، فهو يقول إنه سيعطى كل فلاح فدان ارض، كيف سيفعل ذلك ومساحة الارض الخضراء تتآكل، واعلن أنه سيعطى كل فقير 10 آلاف جنيه، كيف سيفعل ذلك ومصر بها 70 مليون فقير، فالحكاية يجب أن تحل بالورقة والقلم، وليست بحماسة الخطاب.
ومن خلال معرفتى بحمدين اعلم أنه رجل عاقل طول عمره، ولكن اضر به حماس الشباب الذين يقفون حوله، فهم الذين يصفقون له بعد كل كلمة، وأنا شخصيا شاهدت مؤتمرا جماهيريا لحمدين فى أسيوط، فهل يعقل أن يكون هذا المؤتمر فى الصعيد ولا يوجد رجل حوله يرتدى جلبابا، فحمدين ذهب لأسيوط بأصدقائه.
ولا أريد أن اتحدث عن حمدين كثيرا لأن الانتخابات ستنتهى غدا وستبقى الصداقة، إذا كان حمدين يريد استمرارها بعد الانتخابات.
• هل عاتبك حمدين على تأييدك للسيسى؟
رغم أنه لم يعلن غضبه منى، إلا أن هذا واضح، فهو لم يتعامل معى منذ اعلانى تأييد السيسى، وهناك من وجه لى اللوم على ذهابى للسيسى وعدم الذهاب لحمدين صباحى، فقلت اذا كان حمدين ارسل لى انه يريد لقائى وانا فى القاهرة، لذهبت اليه، لأنه صديقى وجاء إلى بيتى كثيرا، لكنه لم يطلب.
• لماذا السيسى فى نظرك افضل من صباحى؟
اعتبر شهادتى شهادة حق لأنه لا صلة لى بالانتهازية، ولا يستطيع أحد فى ظل وضعى الصحى والعمرى أن يخيل اليه أنى اريد منصبا أو اى شيء من هذه المبتذلات، فأنا مع السيسى لأن البلد كما يرى الجميع يعانى من الارهاب، والتفكك، واعتبر أن رئيس الجمهورية القادم سيئ الحظ لأبعد الحدود، لأن مصر لم تكن فى يوم من الايام بهذا التمزق، واللاوحدة التى نعانى منها، فنحن فى حاجه لبطل حقيقى وليس لحاكم.
وأنا قلت بالحرف الواحد اذا كنت اصلح لحكم مصر، حينها فقط يمكن أن يصلح حمدين صباحى لحكم مصر، لأننا أهل كتاب وقراءة، فنحن تجربتنا هى الورقة والقلم وليس لدينا تجربة عملية فى قيادة أى شيء، حتى اسرنا لم تكلفنا جهدا فى ان نحكمها، فليس لدينا خبرات عملية فى القيادة.
فنحن خبرتنا فى الحياة نظرية جدا، بمعنى اننا فى الكلام «لبلب» وفى الخطب «نعجبك»، أما قدرتنا على تنفيذ هذه الخطب على الواقع فهذا «فرح العمدة»، لذلك رأيت من أول لحظة ان نعطى العيش لخبازه.
• لكنك فى فترة حكم المجلس العسكرى اعلنت رفضك لحكم العسكر؟
المعارضة من اجل المعارضة ليست «جدعنة»، وتأييدى للسيسى لا يعنى أننى مع الحكم العسكرى، بدليل أننى كنت ضد المجلس العسكرى بسبب ارتكابه كل الموبقات فى تاريخ الثورة المصرية، وكنت اهاجمه بسعار.
وفى قصيدة ضحكة المساجين قلت «الشر فى طرف الميدان يسكر والفجر يطلع تحجبه العسكر»، إضافة إلى قصائد اخرى ضد فترة حكم المجلس العسكرى لمصر بعد الثورة، لكن الآن لا استطيع ان اتخذ نفس الموقف، لأنها ليست «سيرة».
فالذين يتخذون نفس الموقف اتضح لى انهم يأخذون موقفا من الجيش المصرى الوطنى، وليس من مجلس طنطاوى وعنان، ويحاولون الإساءة اليه، وأنا أبدا لن أعاقب الجيش المصرى رمز الوطنية بذنب طنطاوى وعنان، اللذين ارتعشا أمام الاخوان المسلمين، وافقدا الجيش صلابته التى استردها من بعدهما السيسى.
فطنطاوى وعنان خدعا من الإخوان وخيل لهما أن هذه الجماعة لن تسقط، وأنها بنيت بنيانا محكما، ومن الممكن ان يضيع البلد إذا لم يحكموها.
• لكن الشباب لا يقف مع السيسى وينقسم بين تأييد صباحى والمقاطعة؟
عندما اتحدث عن الشباب فأنا لا أقصد 15 شابا فى القاهرة يسكنون العالم الافتراضى، ولكنى اتحدث عن شباب مصر فى المحافظات والقرى، الشباب الذى لا يملك كمبيوتر، ولا يعرف الانترنت وتويتر وفيس بوك، اتحدث عن شباب مصر الذى لا يعرف القراءة والكتابة، والذى تم افقاره إلى هذا الحد.
وأنا قلت للمشير اثناء لقائه إن جزءا كبيرا من الشباب «راح» لأنه يدمن البانجو والترامادول، والجزء الثانى يلعب به لعبة «الفيس بوك وتويتر» ويعتقدون ان تراسلاتهم ونكاتهم ثقافة وسياسية، والجزء الثالث هم الأولتراس الذين تلوثوا بعد ان كانوا من قوى الثورة الفاعلة، والجزء الاخير هو الذى اضطره الفقر للعمل عند الاخوان بالأجر.
فشباب المدن الجامعية من الأرياف وأهلهم فقراء وإلا ما سكنوا المدن الجامعية، فاصطادهم الاخوان وأعطوهم أجرا أفضل من الذى يرسله لهم أهلهم ب50 مرة.
• لماذا تسخر من الشباب الذى يمارس السياسة على مواقع التواصل الاجتماعى؟
أنا بشكل شخصى لا اتعامل مع اجهزة الاتصال الحديثة، وحتى لا اعرف كيف يفتح الفيس بوك وتويتر، ولا ارغب فى التعلم، وأرى أن ما يفعله الشباب فى هذا المجال ضياع للوقت والجهد، فأنا احب ان احتفظ بصلتى بالواقع المصرى كما تعلمت ان اراه منذ الطفولة.
وللأسف الشديد الشباب يعتقد ان السياسة عبارة عن نكات وسخرية، بهذه اللغة الحديثة التى اخترعوها للانترنت والبعيدة تماما عن الواقع، فالانترنت هو غرفة مغلقة تشبه التنظيمات القديمة الضيقة التى كنا نمارسها تحت الأرض، حيث تقوم على فكرة تلقين الآخر.
فالتعامل مع شاشة امامك تدخل من خلالها إلى انبوبة أو ماسورة، حيث لا ترى ما هو خارجها، وتتلقن، وفى الحال ترسله إلى آخرين، وبالتالى الانترنت بالنسبة إلى شبكة من التلقين، بينما الواقع يسير فى طريق مختلف تماما.
فمثلا من يسكنون الانترنت يشنون حملة دعاية شرسة ضد السيسى، وعندما تنزل الشارع تجده بالكامل مع السيسى، والكارثة انهم لا يقفون لمراجعة انفسهم ولا يفزعون لذلك، كما انهم أيضا لا يشعرون أنهم فى عزلة، وتفسيرى الشخصى أنهم لا يعرفون الواقع ولا ينظرون إليه بل يحتقرونه، كما يحتقرون العامة التى ستنتخب السيسى.
ولكن هذا المثقف الجهبذ الذى يفشل فشلا بعد فشل، يلجأ للإنترنت لأنه يعجز عن الرجوع للطريق الحقيقى، فإذا كان بين هؤلاء من هو قائد حقيقى يبحث عن الجماهير، لكن هذا لا يحدث ويبحثون عن شباب يضللونهم.
• لماذا ترى انهم يضللون الشباب؟
لأن من بدأ التهاتف والمخاطبة على الانترنت استقطب كثيرا من الشباب وأثر فيهم بشكل كبير، لدرجة اقناع البعض منهم على سبيل المثال بعدم المشاركة فى الاستفتاء، وانتخابات الرئاسة القادمة، لكن كل هذه الدعوات يسقطها الواقع، ويثبت أن هؤلاء مصابون بدرجة من العمى.
فالشباب إذا وافقهم اليوم، لن يفعل غدا، لأنه سيرى ان الواقع يسير بطريقة مختلفة، خاصة مع إعادة تثقيفه وزرع الانتماء فيه، سيرجع للطريق الصحيح لأنه ليس صاحب مصلحة ولم يمول من الخارج، فأنا أؤمن بالشعب المصرى وبصيرته غير الموجودة عند أى شعب آخر.
أما الآخرون فهم غير موجودين أصلا فى حياة الشعب، ويعيشون فى عالم افتراضى بما فيهم بناتى، وانا غير منزعج لأنى عندما اتحاور مع بناتى يقتنعن، ويجب ان نعترف أن الشباب بشكل عام لم يتح له رؤية ومعرفة الشعب المصرى جيدا، حتى انه لا يستوعب الخروج الهائل للجماهير فى الثورتين.
فرغم أننى طول الوقت أعترض على أن العواجيز ما زالوا يحكمون مصر بعد ثورتين، الا أن الانصاف يقتضى بأن اقول «شباب الانترنت عواجيز بل ومكسحين».
• هنا كان يجب ان يظهر دور الأحزاب السياسية؟
نحن فى كارثة كبيرة، فمن أقوال هذه الاحزاب «لماذا كلما قمنا بثورة يحكمنا الآخرون؟».
وأنا اقول لهم: نعم كلما قمنا بثورة سيحكمنا الاخرون لأننا ليس لدينا حزب جماهيرى يستوعب حركة الشعب المصرى كله وله اهداف واضحة ومحددة.
فالطبيعى أن يحكمنا الآخرون المنظمون، يحكمنا من عاش للفكرة بإخلاص وليس من يسعى للمجد والمكسب الشخصى.
الحقيقة أنا لا ارى حزبا سياسيا خرج من القاع عند الجماهير لأعلى، وانما كل الاحزاب قادمة الينا من فوق، فكل 10 افراد تجتمع وتؤسس حزبا، وفى اليوم التالى ينشق ويتحول إلى حزبين، لأنه لا يوجد لدى هذه الاحزاب قضية حقيقية، ولا يوجد لدى اعضائها ما يجعلهم يخجلون من ان ينقلب احدهما على الآخر، فلا يوجد شيء حقيقى يربط هذه الاحزاب.
• هل انت غير مؤمن بالأحزاب المصرية إلى هذه الدرجة؟
هذه الأحزاب تتعامل مع افرادها فى اطارات ضيقة تصيبهم بالتضخم، وتخدع الرؤى، ويخيل لأحدهم وهو يخطب فى 5 افراد انه يخاطب الأمة، ولأنى اعرف كثيرا من البسطاء واجلس كثيرا مع الفلاحين جيرانى، اعلم أن هذه النخبة ستجف فى مكانها مثل «الثمرة التى تجف حتى تسقط ولا يستفيد منها احد».
هذه الأحزاب قائمة على فكرة «الشللية»، والعزوة، بأن تكون فردا من مجموعة فتشعر بالأمان، ولا تهتم بأن يأتيها هذا الامان من الشارع المصرى.
هذه الاحزاب مع تحفظى على كلمة «أحزاب» هى تكوينات سياسية ثقافية، هى بعيدة عن الواقع تماما، وان كانت تعتقد انها تتعامل مع الواقع.
فأنا شخصيا أؤمن أنه لولا برامج «التوك شو» لنسى الناس ان ثورة قد حدثت فى مصر، فمع كل التحفظات على بعض الاعلاميين يجب الاعتراف ان البرامج لعبت دورا لم تستطع ان تلعبه الاحزاب والنخبة، فلولاهم ما كان الشعب تثقف وعرف شيئا عن ظروف البلد وما يحدث فيها، هؤلاء الاعلاميون امثال ابراهيم عيسى ولميس الحديدى ووائل الابراشى نجحوا فى ربط الجماهير العادية جدا بالأحداث. وأتساءل لماذا لا تفعل النخبة اليوم كما كنا نفعل فى الستينيات بالذهاب إلى القرى والنجوع ويعيشون مع الناس ويتعرفون عليهم؟ الاجابة هى أن هذه النخبة لا تفعل ذلك لأنها تشعر بالغربة إذا ابتعدت عن ميدان التحرير 15 مترا، وكأنهم هاجروا خارج البلاد.
فهم يتونسون بوجوه بعض وبنفس الكلام، والآن «الكافيهات» تلعب نفس دور الانترنت، فالقهوة البلدى مثمرة عن هذه الكافيهات، لأن الناس كانت تتكلم معا وهم يلعبون «الطاولة»، لكن ابناءنا جميعا مجمدون كأنهم قوالب ثلج، يلتقون نفس الوجوه ويقولون نفس الكلام، ويضيعون نفس الفلوس ثم يعودون إلى البيت.
• ما هى مساهمة الابنودى فى اسقاط حكم الاخوان؟
أنا قاومت الاخوان فى المربع الذى كنت اكتبه يوميا فى جريدة التحرير لعام كامل، كنت اكتب بشكل يومى عن الاخوان، ومن وجهة نظرى هذه المربعات تصلح ان تكون سجلا حقيقيا لوقائع واحداث ومشاعر الشعب المصرى كله فى العام الأسود الذى حكم فيه الاخوان مصر.
يضاف إلى ذلك أن مساهمتى فى الثورة من الاساس كانت كبيرة جدا، رغم أننى لم يتح لى ان اشارك فيها بجسدى، لدرجة أننى تقريبا أكثر الشعراء الذين كتبوا كلمات مؤثرة وصادقة لهذه الثورة، وقصائدى كانت ايقونات الميدان.
• لماذا اخترت الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل لكتابة مقدمة الديوان؟
الاستاذ محمد حسنين هيكل قيمة كبرى لمصر، فهو من خلق الأدب السياسى، والحقيقة نحن المصريين جاحدون وتعلمنا ألا نكتشف عظمة الناس إلا بعد رحيلها.
الاستاذ هيكل استاذنا جميعا تعلمنا على يديه صياغة المادة السياسية فى وضعها، كما تراها وتحسها، فتخرج فى صورة ادبية، هو استاذ هذه المدرسة بلا منازع، ومناسبة اننى طلبت منه كتابة مقدمة الديوان أنه كان مهتما جدا بتجربة المربعات لدرجة انه كان يهاتفنى من لندن أو النمسا، أو عندما اطلبه يرد على فى بلاد اوروبا، ويؤكد لى انه متابع المربعات بصورة يومية، وانه يشعر بنبض الدنيا فى مصر من خلال المربعات، فقررت استغلال هذا المديح وطلبت منه أن يكتب لى مقدمة الديوان، ففعل وكتب مقدمة اذهلت النقاد والمتخصصين، وسألونى كيف تسللت إلى الاستاذ هيكل وأقنعته بأن يكتب هذه المقدمة، فهى نادرة فى حياة الاستاذ هيكل ان يكتب مقالا كاملا عن الشعر، لأنه يكتب فى السياسة.
• .. وكيف كان حفل التوقيع؟
كان عظيما والاستاذ هيكل شرفنى بحضوره من البداية وحتى النهاية، واستمتعت بهذة الامسية العظيمة لأنى كنت اشتاق لرائحة الزحام والتلاقى مع الناس، فأنا منذ 8 سنوات محروم من نزول القاهرة بأمر الاطباء، ورغم ان زوجتى الاعلامية نهال كمال كانت تعارض ذهابى إلى القاهرة والاطباء أيضا، إلا أننى قررت أن اتحدى كل هؤلاء، وأقيم أول حفل توقيع لديوان منذ فترة طويلة، فانا أكتب الشعر من أجل الناس، ولا اريد أن أصبح شخصية ثقافية عظيمة، أنا مثل السمكة إذا ابعدتنى عن الجماهير أموت.
• لماذا قررت خلال هذا الحفل أن تطالب الرئيس عدلى منصور بالإفراج عن أحمد دومة؟
فى الحفل تواجد مستشار الرئيس احمد المسلمانى ومصطفى حجازى، وطالبتهما بأن يقولا لرئيس الجمهورية الحالى ان ينظر فى امر أحمد دومة تحديدا، لأنه ليس معاديا للثورة والحكومة والشعب المصرى، يمكن ان يكون «اهوج»، لكنه ليس خائنا ولا يمول من الخارج، وقلت ذلك لأننى حزنت بالحكم عليه 3 سنوات، فهو لم يفعل شيئا حتى يحكم عليه هذا الحكم القاسى، وبعد هذا الحكم سألت نفسى من هذا الشخص الذى وضع قانون عدم التعليق على الاحكام القضائية؟ لماذا هذا النفاق؟ فليس طبيعيا ألا نعلق على الأحكام التى يزج فيها المئات من الاخوان للإعدام، بغض النظر هذه الأحكام ستنفذ أم لا، لكن فكرة أن تحكم على 600 انسان بأن تذهب اوراقهم للمفتى هذا غير طبيعى.
فأنا يمكن أن اوافق على عدم الحديث عن قضية أثناء نظرها بالمحكمة، ولكن حين يصدر الحكم من حقى ان أعلق، لأن مجرد الطعن والاسئناف هو رأى ونقد للحكم،، فهناك حالة من النفاق لا تعجبنى.
نحن نقدر القضاء المصرى جدا ونصدقه ونثق به، ولكن حين تصدر أحكام لا يتقبلها العقل من حق المفكرين ان يتوقفوا عندها ويتساءلوا حولها.
• كانت الاغنية بعد ثورة 52 مؤثرة عكس الآن.. فماذا تتوقع ان يكون دور الكلمة الفترة القادمة؟
هذا الكلام ليس دقيقا، لأن الأغنية بعد ثورة 52 كانت ليست بالقوة التى يتخيلها البعض، وظلت تعرج وتحبو إلى أن وصلت لحرب 56، وفجرت الطاقات، فميلاد صلاح جاهين كان فى هذه الحرب، فأجمل أغنيات النضال والصدق التى تكتب فى وقت الخوف على البلد.
لكن قبل 56 غنى عبدالحليم حافظ «بدلتى الزرقاء» وهى اغنية ضعيفة، وليلى مراد غنت «بالاتحاد والنظام والعمل» وهى اغنية مباشرة.
لذلك اعتبر كل الغناء «التافه، والمبتذل» الذى ينتج الآن ستلقى به الظروف فى سلة المهملات وليس نحن، لأننا سنخوض معارك شرسة فى المستقبل مع كل القوى التى تتربص بمصر، وحينها سيخرج شعراء واغنيات لا تقل اهمية عن الذى كتب فى الستينيات ونهاية الخمسينيات.
كما ستتوقف هذه الشاعرية السائلة، والغناء المبتذل للسيسى والجيش، وستخرج اغنيات حقيقية، ويجب ان يكون هذا فى يد الدولة وليس فى يد الجيش، لأن المؤسسة العسكرية تنتج اغنيات وطنية بمعنى المديح.
لكن يجب ان يكون هناك لجان ثورية فى وزارتى الاعلام والثقافة لإنتاج اغان وطنية حقيقية تفيد البشر.
• ما رأيك فى اغنية «تسلم الايادى» وكيف أنها اصبحت شعارا للمرحلة؟
هذه الاغنية جاءت بعد عزل السيسى للاخوان فى 3 يوليو، فكان لابد من تحيته وكانت هذه الاغنية أجمل واعلى تحية، وانتشرت مع فض اعتصامى رابعة والنهضة، بعد أن أصبح هناك شعاران، الاول للإخوان «اصابع رابعة»، فقابله من الناحية الأخرى شعار «تسلم الايادي» لمؤيدى 30 يونيو.
فهذه الاغنية حققت الغرض منها، رغم أن البعض رأى انها مسروقة من لحن أغنية رمضان لشريفة فاضل، لكن فى مثل هذه الحالات لا تسأل عن النقد الموضوعى لأنها أشبه بالمواد الاستهلاكية، تقضى حاجتها فى وقت معين ثم تنسى، فهذه الاغنية لن تعيش مثل اغانى الستينيات والسبعينيات، التى تعيش حتى الآن، وكانت زاد ميدان التحرير فى بداية الثورة، حتى ظهرت بعض الاغانى الجديدة وانا شاركت فى كتابة أكثر من قصيدة كانت أيقونات الثورة مثل «الشهيد» و«ضحكة المساجين»، و«اتبسمى يا مصر»، ولكن يسأل عن عدم انتشارها الاعلام المصرى البليد. فالإذاعة الآن اختفت منها اغانى عبدالحليم وشادية ونجاح سلام ومحرم فؤاد ومحمد قنديل ومحمد رشدى وكارم محمود وعبدالمطلب، وكأنهم وضعوا عليهم حامض كبريتيك مركب ليختفوا. وللأسف ما نسمعه فى الاذاعة حاليا مغنين لا تستطيع التمييز بين اصواتهم، وفى الاحداث لا يذيعون إلا اغنية «يا حبيبتى يا مصر» لأنها سهلة، ولن تتسبب فى مشاكل لأحد لأنها تصلح لكل المناسبات.
لكن على سبيل المثال عبدالحليم غنى لى أغنية «يا بلدنا لا تنامى دورى وسط الاسامى واجمعى الصف الامامى واتصفى وراه» هذه اغنية الانتخابات وكل لحظة.
• هل ترى أن هناك تعمدا فى تجاهل تراث الغناء؟
المشكلة أن هناك أجيالا جديدة تعمل الآن فى الاذاعة لا تعلم شيئا عن تراث الغناء، لم تكن الأمور هكذا فى الستينيات وكانت العقول التى تختار الاغانى خلفها إدارات واشخاص تخاف على الوطن، وكان دورهم الوطنى ان يضعوا الأغنية المناسبة فى الوقت المناسب، لكن ما يحدث حاليا وكأن لا توجد ثورة فى مصر.
• هل يمكن أن تكتب اغنية للسيسى؟
لم أكتب أغانى لعبدالناصر، فكيف يمكن أن أكتب للسيسى، لن أكتب أغانى لأحد، لأن الكتابة لأشخاص هى عودة للعصر الجاهلى، والكلام الذى تعلمناه فى المدارس تقسيم الشعر إلى فخر ومديح ورثاء، وفيما يتعلق بقصيدة رثاء عبدالناصر، فهى الوحيدة التى ترتبط بشخص، وكتبتها بعد 40 عاما على وفاة عبدالناصر، لإنصافه.
• كيف تحكم على الثورة بعد مرور 3 سنوات؟
لا شك ان الذهنية المصرية والوعى تغيرا تغيرا كاملا بعد هاتين الثورتين، لا أحد يستطيع انكار ذلك، قبلهما كنت تتحدث إلى الرجل فتجده فى غربة عنك وانت فى غربة عنه، أما الآن فالفقير يتحدث وأنت تستمع، فالشعب اصيب بالوعى والبصيرة، وعرف ما له وما عليها.
فمصر كانت على حافة الموت، وقد وصلنا إلى مرحلة من التجريف لدرجة كنا نبحث عن وزير لتعيينه بعد الثورة فلا نجد انسانا غير ملوث، مصر الآن ستبدأ من الصفر من جديد، وكأننا بعد ثورة 52، بل نحن الآن فى وضع أسوأ، لأن بعد ثورة يوليو كانت هناك نماذج ليبرالية رائعة وكتاب على اعلى مستوى ومفكرون محترمون جدا.
فثورة يوليو لم تجهد نفسها فى البحث عن كوادر اقتصادية وعلمية واجتماعية، أما ثورة يناير فنحن فى حالة من التعاسة الفكرية وفقراء جدا فى المفكرين، ولا يصلح أن نأتى الذين يعيشون فى الخارج لتبنى بهم الداخل، لأن علاقتهم انقطعت، ومصر موضوع يومى واصبحت هناك مسافة بينهم وبين الواقع المصرى.
• اخيرا.. لماذا عبدالرحمن الابنودى متفائل ولديه أمل فى غد أفضل؟
مصر الآن على باب الامل، وهذه الكلمة ليست بسيطة ولا ساذجة، وانما كلمة شديدة التعقيد والتركيب، لأنها تحتوى على نضالات وصراعات وغيوم وشموس، فهى فى الاغنيات كلمة سهلة وجميلة، ولكن فى الحقيقة والحياة هى ما يدور حوله محور الصراع عند الشعوب من اجل مستقبل طيب.. وثمن هذه الكلمة شديد الغلاء، يُدفع فيها كثير من الدموع والجراح والمعاناة.
هذه الكلمة البراقة ثمنها شديد الوطأة على الناس، لكن لابد وان تخوض الناس معاركها لكى تصل إلى هذا الأمل.
ونحن شعوب تعيش بالأمل، ونؤمن ان الغد أجمل آلاف المرات من اليوم، ورغم أن الغد لا يأتى ابدا، لكن دائما نحن نطارده وفى انتظاره ونسعى اليه، ونذرف الدموع ونعيش العذاب من أجله، وكل هذا نطلق عليه فى النهاية الامل. ولكن هناك فترات بالتحديد تكون هذه الكلمة دافعا حقيقيا للشعوب لتحقق طفرة فى حياتها، ونحن فى مثل هذه الفترة الآن.
نحتاج أن نتمسك بالأمل وان نعانقه وندفع ثمنه، وان نخوض صراعاته، من اجل الفقراء ومصر التحتية، لكى تصبح فى الصفوف الامامية مبتسمة تصنع واقعها وحياتها وتحقق كل أمانيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.