اختلطت الأوراق في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة قبيل الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة اللبنانية، فبعد أن كان هناك مرشح وحيد هو سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية. فاجأ الزعيم الدرزي المخضرم وليد جنبلاط الجميع بإعلانه ترشيح النائب الماروني هنري حلو ابن الرئيس اللبناني الأسبق شارل الحلو. أما المرشح الأبرز الذي يتوقع أن يحصد عددا لابأس به من أصوات النواب اللبنانيين فهو المرشح الأبيض أو ورقة الاقتراع البيضاء التي أعلنت كتلة العماد ميشال عون أكبر كتلة مسيحية في البرلمان أنها ستصوت بها في الجولة الأولى للانتخابات، وتسربت معلومات أن هذا هو خيار بقية تحالف 8 آذار الذي يضم أيضا حزب الله وحركة أمل وعددا من القوى السياسية الصغيرة. ومن جانبها، اكتسبت حملة جعجع الانتخابية زخما كبيرا بإعلان حزب الكتائب اللبنانية تأييده لجعجع نظرا لأن الكتائب هي من أبرز المكونات المسيحية داخل قوى 14 آذار، ورئيس الكتائب أمين الجميل هو رئيس أسبق للبلاد وسليل واحدة من أعرق العائلات المسيحية كان يشكلا منافسا محتملا لجعجع إلى آخر لحظة . كما اكتسبت حملة جعجع زخما إضافيا بإعلان قوى 14 آذار تأييدها له، وقبلها تأييد كتلة تيار المستقبل، ولكنها أصيبت بنكسة في شمال لبنان، حيث ظهر امتعاض بين بعض مؤيدي تيار المستقبل إزاء تأييد التيار لجعجع وهو الذي سبق أن اتهم باغتيال ابن طرابلس حاضرة الشمال اللبناني رئيس وزراء لبنان الأسبق رشيد كرامي، وفي هذا الإطار كشف عضو كتلة تيار المستقبل والنائب عن مدينة طرابلس محمد كبارة أنه تجري اتصالات مع نواب المدينة لعقد اجتماع واتخاذ قرار موحد بشأن التصويت في انتخابات الرئاسة لأن هناك حساسية تجاه موضوع ترشح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للرئاسة، ورغم أن هذا الاجتماع قد لا يعقد إلا أنه يعبر عن أزمة نادرة داخل صفوف تيار المستقبل. كما أعلن كل من رئيس وزراء لبنان السابق نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي ابن شقيق رئيس وزراء لبنان الراحل رشيد كرامي أنهما سيعطيان صوتهما لمرشح كتلة جنبلاط هنري الحلو. ورغم كل هذا الإثارة في الليلة السابقة للاستحقاق الرئاسي، فإن انتخاب رئيس لبناني في جلسة الغد أمر يكاد يكون مستحيلا، وإذا تحقق فإنه سيكون من عجائب لبنان السياسية، في ظل حالة الاستقطاب الشديد وحاجة أي مرشح للحصول على ثلثي أصوات النواب في الجلسة الأولى، واستحالة تصويت قوى 8 آذار بقيادة حزب الله لجعجع، أما جنبلاط الذي يوصف أنه بيضة القبان لأن كتلته التي تضم عشرة نواب قادرة على ترجيح الكفة التي تنحاز إليها، فإنه رفع عن نفسه الحرج بدهائه المعهود من خلال طرح مرشحه الخاص وبالتالي لم يعد مضطرا للاختيار بين جعجع أو الورقة البيضاء. وبناء على ما سبق فإن جلسة الغد تبدو أشبه بجلسة استعراض عضلات أو مباراة ودية انسحب أحد أطرافها الرئيسيين حتى لا يحرق نفسه، وهذا الطرف هو العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر يطمح في أن يتقدم إلى جلسة تالية لمجلس النواب كمرشح توافقي بعد أن كان يكون عدد الأصوات اللازمة الرئيس قد انخفض للنصف + واحد. ولكن بصرف النظر عن محاولات عون، فإن كل خصومه وكثير من حلفائه لا يرونه على الإطلاق مرشحا توافقيا مهما حاول أن يهدأ من خطابه ويمد الجسور مع خصومه مثل تيار المستقبل. أما السؤال الذي يلح على اللبنانيين الليلة، هو هل سيكتمل نصاب جلسة مجلس النواب غدا أي ثلثي الأعضاء، أم ستفضل قوى 8 آذار المقاطعة على التصويت للمرشح الأبيض هذا ما سوف يظهر خلال الساعات القادمة. اقرأ أيضًا: مشاورات جزائرية لبحث سبل الانتقال الديمقراطي