تحاول الحكومة ومعها صانع السياسة النقدية تبنى سياسيات توسعية تساعد البنوك على تنوع توظيف اموالها، وانشاء استثمارات مباشرة تخلق فرص عمل، ومع ذلك ما زالت أدوات الديون الحكومية المصرية هى الوعاء الآمن للبنوك المصرية، رغم تراجع العائد عليها خلال الفترة الماضية. وقد شهد العائد على أدوات الدين الحكومية تراجعا كبيرا بعد 30 يونيو، بنسبة بلغت 4%، ويتراوح العائد حاليا ما بين 10.2% لأذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر إلى 14% لسندات الخزانة لأجل سبع سنوات. ولم تخش البنوك من تخفيض تصنيفها الائتمانى بسبب زيادة استثمارها فى أدوات الدين الحكومية، وأعلنت الأسبوع قبل الماضى أن نظرتها المستقبلية لا تزال سلبية اتجاه البنوك، وقالت موديز إن شراء البنوك المصرية الكبير والمتزايد لأدوات الدين الحكومية التى تصنفها عند (Caa1)، يعرض القطاع المصرفى لمخاطر ائتمانية كبيرة ويربط ملاءته المالية بمخاطر تعثر الديون السيادية. وهذا التصنيف التابع لموديز لأدوات الدين الحكومية المصرية أدنى من مستوى الاستثمار بنحو ست درجات، ويوصف الاستثمار فى تلك الأدوات التى تحمل هذا التصنيف بأنه يحمل مخاطرة عالية. وأشارت الوكالة فى تقريرها، أنها تتوقع أن يزيد النظام المصرفى المصرى من استثماراته فى السندات الحكومية، والتى وصلت بنهاية سبتمبر 2013 إلى 5.7 ضعف من حقوق المساهمين. وتستمر الحكومة فى الاعتماد على البنوك المحلية لسد الفجوة فى التمويل فى ظل غياب التمويل الأجنبى، كما تستمر أيضا فى تسجيل عجز كبير فى ميزانيتها. ووفقا لتقارير البنك المركزى المصرى، وميزانيات البنوك المصرية التى أعلنت عن نتائج أعمالها، فإن الاستثمارات فى أذون وسندات الخزانة فى تزايد مستمر. مع الوضع فى الاعتبار زيادة مخاطر وانخفاض معدلات نمو الناتج المحلى الاجمالى، حيث سجلت معدلات النمو خلال الربع الاول من العام المالى الحالى معدل 1.01%، لتقتصر التوقعات على معدل تراكمى يدور حول 3 و3.5 % بنهاية العام المالى الحالى. وبحسب تقرير للبنك المركزى المصرى، وصلت استثمارات البنوك فى أدوات الدين الحكومية بنهاية نوفمبر الماضى إلى 703.431 مليار جنيه، مقابل 689.806 مليار جنيه نهاية أكتوبر 2013. وبلغت استثمارات بنك البركة فى أوراق الدين الحكومية نحو خمسة مليارات جنيه مقارنة بنحو 2.22 مليار جنيه فى 2012، وبنك فيصل الإسلامى ارتفعت مشترياته من أوراق الدين الحكومية إلى 20.6 مليار جنيه العام الماضى، مقارنة بنحو 15.297 مليار جنيه عام 2012. وقد يلجأ البنك المركزى وفقا لمصرفيين تحدثوا إلى «الشروق» إلى تفعيل ادوات أخرى من الآليات المتاحة لديه من السياسة النقدية للتآثير فى السوق المحلية بدلاً من تخفيض اسعار الفائدة الاساسية، لتحفيز معدلات الاقتراض المحلى ومن ثم النمو الاقتصادى، منها إطلاق البنك المركزى مبادرة تنشيط التمويل العقارى لمتوسطى ومحدودى الدخل عبر اتاحة قروض للبنوك بفائدة %4.5 و2.5 % بقيمة 10 مليارات جنيه لإعادة اقراضها مجدداً بفائدة 7 و%8 متناقصة للعميل لفترة تمتد إلى 20 عاماً، تعتبر من ضمن الادوات المستحدثة من قبل المركزى لتنشيط احد القطاعات الاقتصادية التى قد تساهم بشكل فعال فى تحفيز النمو الاقتصادى وخروجه من الركود الحالى وتساهم فى تحريك انشطة اخرى مرتطبة بالمقاولات والعقارات. الخبير المصرفى أحمد سليم قال إن اتجاه البنوك نحو أذون وسندات الخزانة أمر طبيعى،للمحافظة على دورة رأس المال، إلى جانب أن السوق لا تساعد على الإنتاج، نظرا لحالة الركود الشديدة، التى تشهدها الأسواق، مؤكدة أن مصر لن تستطيع جذب استثمارات جديدة إلا بعد أن يحدث استقرار سياسى واجتماعى. «البنوك تلجأ لتوظيف أغلب أموالها فى أدوات الدين الحكومية، لأنها منخفضة المخاطر مقارنة بعمليات إقراض الأفراد والشركات والتى تكاد منعدمة وضعيفة خاصة فى مجال القروض الكبرى» قال سليم. وأشار سليم إلى أن البنوك لديها فوائض اموال كبيرة ولكنها لا تريد المخاطرة بها واستثمارها فى مشروعات حقيقية ذات عائد على الاقتصاد القومى بينما تفضل استثمارها فى أذون الخزانة بعائد مرتفع بدون أى مخاطرة، لذا لجأت بعض البنوك إلى تخفيض العائد على الودائع رغبة منها فى عدم استقبال ودائع جديدة بسبب ارتفاع تكلفتها على البنك ولا يوجد أوجه استثمارات متاحة. ومن المتوقع حسب الخبراء أن تشهد اسهم القطاع المدرجة فى البورصة قفزات سعرية كبير خلال النصف الثانى من العام خاصة مع تحقيق كامل بنود خارطة الطريق وبدء الدولة فى تنفيذ المشروعات التنموية العملاقه المخطط لها والتى ستخذب استثمارات خارجية ومحلية مما يدر أرباحا تشغيلية هائلة على البنوك لترتفع نتائج اعمالها وبالتالى تتحسن أسعار أسهمها.