نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» الدولية، اليوم الثلاثاء، تقريرًا حول «المطالب الفئوية» التي تزايدت في مصر مؤخرًا، مشيرة إلى أنها «تعمق جراح السلطة الانتقالية» وتزيح «صراع السلطة والإخوان» من صدارة المشهد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. تشير الصحيفة إلى تظاهر آلاف العمال في شركات قطاع الغزل والنسيج، أمس الاثنين، بينما يواصل أطباء وصيادلة الدعوة إلى إضرابات جزئية في محاولة لتحسين أوضاعهم المادية والمهنية. وتقول إنه رغم نجاح الحكومة خلال الشهور الماضية في احتواء تململ قطاعات واسعة من العمال والمهنيين بالحديث عن إجراءات لتحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أن فشلها في الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور مع بدء العام الحالي أطلق شرارة الغضب، لكن من غير المعروف بعدما يمكن أن يكون عليه «حجم الحريق». يقول فيصل لقوشه، القيادي العمالي في شركة غزل المحلة، إن «20 ألف عامل دخلوا في إضراب عن العمل» مطالبين بوقف استبعادهم من تطبيق الحد الأدنى للأجور، الذي أعلنت عنه الحكومة نهاية العام الماضي بقيمة 1200 جنيه شهريًا. ويضيف ل«الشرق الأوسط» أمس: «نحن نطالب بتطبيق الحد الأقصى للأجور على جميع القطاعات بلا استثناء لتوفير الاعتمادات المالية، وبعدها يمكن بحث تطبيق الحد الأدنى على الجميع أيضًا». ويشكو الموظفون المستهدفون بتطبيق الحد الأدنى من تردي أوضاعهم أيضا، ويقولون إن الرقم الذي تطرحه الحكومة لا يتناسب مع ارتفاع الأسعار. وفي مصر يعاني نحو 40% من السكان من الفقر، بحسب تقارير دولية. وتزايدت الضغوط الاقتصادية على شرائح اجتماعية واسعة منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل ثلاث سنوات، بسبب الاضطراب السياسي والأمني. تقول داليا موسى، مسؤول ملف العمال في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن عامًا من حكم مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، شهد أكبر موجة للاحتجاجات العمالية، التي بلغت بحسب تقرير للمركز نحو أربعة آلاف فعالية احتجاجية. ولم تحظ نسبة الاحتجاجات العمالية في عهد مرسي، وتأثيرها على سقوط نظامه بعد عام واحد من الحكم بالتحليل الكافي، وظلت التوترات السياسية حجر الزاوية في التعامل مع المظاهرات التي خرجت في 30 يونيو الماضي. وتضيف موسى: «لا توجد حتى الآن إحصائية موثقة بشأن الاحتجاجات العمالية ما بعد 30 يونيو، لكن بالتأكيد تراجعت هذه الاحتجاجات بشكل واضح». وتعزو موسى تراجع الاحتجاجات العمالية والمهنية لأمرين، الأول: تأثير الخطاب الإعلامي المتعلق ب«الحرب على الإرهاب» الذي ضرب البلاد، في أعقاب سقوط نظام الإخوان، وتجاوبا مع آمال دولة ما بعد الإخوان. وثانيا: الخوف من «بطش» السلطات. وتعكس الاحتجاجات العمالية بحسب د.عمار علي حسن، الباحث في العلوم السياسية، ظاهرة نجاح الثورات من الناحية السياسية وفشلها في ترجمة هذا النجاح اجتماعيًا واقتصاديًا. يقول حسن إنه «مع دخول البلاد مضمار السباق الرئاسي، يسعى العمال إلى لفت الانتباه ووضع مطالبهم على مكتب أي رئيس مقبل»، ويشير أيضًا إلى تقارير أمنية ل«دور محتمل» لجماعة الإخوان في تأجيج هذه الاحتجاجات لإرهاق السلطات الحالية. ويضيف: «ليس لدي معلومات عن دور الإخوان، لكن بعض العمال المحسوبين على اليسار يتحدثون عن ذلك أيضا، وبشكل عام لم يكن للإخوان دور في صفوف العمال؛ لكنهم حاولوا خلال السنوات الثلاث الماضية اختراق الحركة العمالية.. وربما بدأ هذا يثمر الآن». وتقول الجريدة إن تنامي الاحتجاجات العمالية قد يعيد تشكيل المشهد السياسي، ويحيي مجددًا الاحتجاجات في البلاد، بحسب مراقبين. ونظم عمال شركة لاستصلاح الأراضي، مظاهرة أمس أيضًا أمام مقر بنك تتبعه الشركة، وحاولوا اقتحام المقر في وسط القاهرة. ويطالب عمال الشركة بصرف مستحقاتهم المتأخرة، وتطبيق الحد الأدنى للأجور أيضًا. كما نظم أصحاب «التاكسي الأبيض» مظاهرات بسياراتهم أمام مقر وزارة المالية بمدينة نصر، وهددوا بالإحجام عن سداد الأقساط المفروضة عليهم، واتهموا الوزارة بخداعهم في تقييم أثمان السيارات الجديدة. ولا تزال وزارة الصحة تسعى لاحتواء غضب الأطباء والصيادلة. ودخل الأطباء خلال الأسابيع الماضية في إضرابات جزئية، للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين أوضاع المستشفيات، كما يستعد الصيادلة لتنفيذ إضراب مماثل.