أجرت "بوابة الشروق" حوارًا مع الإعلامي عاطف عبد الجواد حول سياسة الصحف الأمريكية، ومدى تأثيرها على الرأي العام وصناع القرار في الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى اختلاف التغطية في عصري الرئيس السابق حسني مبارك والمشير عبد الفتاح السيسي. ويعد عاطف عبد الجواد أحد المتخصصين في الاعلام الامريكي حيث عمل لسنوات طويلة مراسلا من العاصمة واشنطن لعدد من وسائل الاعلام وعلى رأسها الخدمة العربية لهيئة الاذاعة البريطانية. كماأن لديه دراسات في الاعلام أخرها كتابه "على الهواء". يبدأ عاطف عبد الجواد حديثه بالقول إن الصحف الأمريكية بكل تعليقاتها على الأحداث في مصر لا تأخذ وجهة نظر، ولا يوجد عداء شخصي بين هيئة التحرير في صحيفة ما وبين ما يحدث في مصر. أجرت بوابة الشروق حوارًا مع الإعلامي عاطف عبد الجواد حول سياسة الصحف الأمريكية، ومدى تأثيرها على الرأي العام وصناع القرار في الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى اختلاف التغطية في عصر الرئيس السابق حسني مبارك والمشير عبد الفتاح السيسي. صحف "ليبرالية" وصحف "محافظة" تنقسم الصحف الأمريكية إلى مجموعتين، الأولى هي «الصحف الليبرالية» وتشمل واشنطن بوست، ونيويورك تايمز، ولوس أنجلوس تايمز، وبوسطن جلوب. أما المجموعة الثانية فهى مجموعة الصح" اليمينة المحافظة"، ومنها «وول ستريت جورنال» وهي بطبيعتها للأعمال التجارية وأسواق المال ورجال الأعمال، وأيضًا «واشنطن تايمز». ولكن كل هذه الصحف الأمريكية لها نفوذ كبير على صنع القرار السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة، خاصة الصحف الكبري؛ لتأثيرها على قطاع كبير من الرأي العام الأمريكي. هناك أمريكيون كثيرون ربما لا يتابعون تفاصيل التطورات السياسية، ويعتمدون في ذلك على ما تقوله هذه الصحف في المقال الافتتاحي وصفحة الرأي التي تعبر عن وجهة نظر هيئة التحرير في هذه الصحيفة. ما مدى ارتباط الصحف الأمريكية بالمؤسسات السياسية؟ لا يوجد انتماء معين أو قرابة معينة بين جميع الصحف الأمريكية والمؤسسات المختلفة مثل البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع، ولكن هناك من يمثل هذه الصحف في هذه المؤسسات. على سبيل المثال، مراسل صحيفة واشنطن بوست في وزارة الدفاع الأمريكية طبيعة عمله تفرض عليه أن يخلق لنفسه مصادر لمحاولة معرفة أدق الأسرار وفرص السبق الصحفي، وهذه هي الصلة الوحيدة، ولكن لا يمكن أن نقول أن الصحف الأمريكية تنتمي ومقربة لوزارة الدفاع، حتى في المجلات المتخصصة التي تتعامل بدرجة أساسية مع الأسلحة وأخبار الجيش. ما تأثير هذه الصحف على صناع القرار ؟ يتوقف تأثير ما تقوله الصحف على الرأي العام وبالتالي تأثير الصحف على صناع القرار في الولايات على «القضية التي يتعاملون معها». فعلى سبيل المثال، إذا كانت القضية قضية "سياسة خارجية" لا تمس الأحوال اليومية للأمريكيين بصورة مباشرة «يقل النفوذ»، ولكن إذا كان للصحيفة موقفً معينً من برنامج أوباما للرعاية الصحية، وهو الذي يحوذ على اهتمام عدد كبير من الشعب الأمريكي، ما تقوله الصحيفة ينظر إليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما والبيت الأبيض والكونجرس بعناية واهتمام كبيرين مع إدراكهم أن ما تقوله الصحيفة سيؤثر بدرجة أكبر على الرأي العام الأمريكي. هل تعكس الصحف الأمريكية وجهة نظر المؤسسات؟ الصحف الأمريكية بصورة عامة صحف مستقلة تمامًا عن الخط السياسي سواء للبيت الأبيض أو الحكومة أو الوزارات المختلفة. ولكن يكون هناك في أوقات كثيرة تماثل أو تأييد بين وجهة نظر الصحيفة والسياسة السائدة. على سبيل المثال، عندما طرح الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش مبررًا لقرار الحرب على العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل هناك، انطوى هذا القرار على صحف أمريكية تبنت هي أيضًا غزو العراق استنادًا على مسألة وجود الأسلحة، ولكن هذا التأييد بين الصحيفة وتوجه الحكومة لم يستمر طويلًا، ما أن شكت في عدم صحة هذا المبرر تبرأت هذه الصحف من سياسة بوش وبدأت تنتقدها وتهاجمها. ما هي أوجه اختلاف تغطية الصحف الأمريكية لعهدي مبارك والسيسي؟ هناك اختلاف من صحيفة لأخرى. على سبيل المثال هناك نفوذ كبير لصحيفة «واشنطن بوست» إلى جانب وجودها في العاصمة، وقربها من البيت الأبيض، وهي ليبرالية ولكنها منذ 11 سبتمبر 2001، بدأت تنجذب إلى اتجاه اليمين أكثر من غيرها من الصحف الليبرالية، وهي منذ عهد مبارك أخذت خطًا ثابتًا في انتقاد حكومة مبارك وأخذت تحث بوش وأوباما في الضغط على مبارك لتعديل السياسات لأخذ خطًا ديمقراطيًا. وأطلقت على مبارك «المستبد والديكتاتور»، كما كانت هناك مشاجرات علنية معروفة بين مبارك ومراسل واشنطن بوست في القاهرة دفعت الأخير إلى ترك القاهرة. هناك الصحف اليمينة مثل «وول ستريت جورنال» التي تأخذ خطًا أكثر تشددًا إزاء أي عسكري، أو ما تراه انقلابًا عسكريًا، أو أي تدخل عسكري في العملية السياسية وبالتالي لا تقبل «وول ستريت جورنال»على الإطلاق فكرة حكم عسكريين لأي بلد. أما بالنسبة للوقت الحالي، فالصحف الأمريكية في أحيان كبيرة تحكم بمعايير الديمقراطية الأمريكية والاستقلالية في التعبير، وتتمتع أيضًا بموقف أكثر حكمة من موقف الحكومة الأمريكية؛ لأنها تنظر إلى الأمر بعيدًا عن المصالح الحكومية التي قد تكون مصالح متبادلة بين الحكومة الأمريكية وحكومة عسكرية في مكان ما. نجد «واشنطن بوست»، والصحف الأمريكية الليبرالية واليمينية تعارض مسألة إزاحة العسكريين لرئيس أو حكومة اتفق الجميع على أنها جاءت بانتخابات نزيهة حرة إلى حد كبير، وتعتقد أن إزالة هذا الرئيس أو الحكومة يجب أن يتم أيضًا عن طريق صناديق الاقتراع بعد مرور الفترة الرئاسية المحددة. بدون شك تعتقد هذه الصحف أن السيسي جاء بحركة التخلص من الحكومة السابقة نزولًا عن إرادة شعبية، ولكنها ترى أيضًا أن هذا لا يعطي السيسي ولا حتى الشعب المصري صلاحية استمرار حكم الجيش في مصر. وإنما كان ينبغي من وجهة نظر هذه الصحف أن يكون السيسي هو بنفسه أول شخص يقول للشعب المصري «نحن نريد عهدًا ديمقراطيًا جديدًا، هذا يعني أنني كرجل عسكري سأبقى في الثكنات أراقب أمن مصر وحدودها، وهذا واجبي الأول، وأطلب من الشعب المصري أن يختار الآن بانتخابات حرة نزيهة رئيسًا مدنيًا»؛ لأن مصر في المستقبل تقوم على الآتي هناك حاجة ملحة لترسيخ الفصل بين الدين والدولة وأيضا الجيش والحكم من جهة أخرى. في النهاية قال عبد الجواد إن الصحف الأمريكية تنظر في انتقادها وتعليقاتها على مصر إلى السياسة التحريرية أو طبيعية هذه الصحيفة، فهي تؤيد نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعارض حكم العسكريين وعودتهم بعد أن ظن المصريون أنهم تخلصوا من هذا الحكم العسكري في 25 يناير، لكي نأتي الآن لنعود كأننا لم نفعل شيئًا في يناير. فالصحيفة تريد أن يكون 25 يناير هي نقطة الفصل الواضحة والنهائية بين حكم العسكريين في مصر والذي أمتد لأكثر من ستين عاما، بالإضافة إلى أن هذه الصحف تنظر إلى مصلحة الولاياتالمتحدة في أي علاقة تربطها بأي دولة.