ذكر تقرير مؤسسة «جالوب» العالمية لاستطلاعات الرأي، أن قوة العلاقة بين الارتباط بالعمل ومستوى الرفاهة، يتمثل في أن «ثُلث الأشخاص المرتبطين بالعمل يشعرون بالرفاهة، بينما تنخفض النسبة إلى 10% في حالة العمال المنفصلين». وعرف تقرير «جالوب» الرفاهة بتقييم البشر لحياتهم على أنها جيدة من حيث التعليم والصحة والدخول وتوقعاتهم لهذا التقييم في المستقبل، ووفقا لهذا التعريف فإن 9% من المصريين يشعرون بالرفاهة و70% يكافحون للبقاء في هذه الحياة و20% يعانون من البقاء أحياء. وأضاف التقرير، أن مصر تشترك مع فلسطين في المركز الثالث في أقل نسبة إحساس بالرفاهة عالميا، بينما احتلت سوريا الصدارة ب3% مرفهين فقط من شعبها. وقال التقرير، إن 13% من بين الموظفين المصريين مرتبطون بمؤسساتهم ويشتركون في تطويرها ودفعها للأمام، بينما 55% ليسوا إلا «سائرين نياما» كما سماهم التقرير، لا فائدة منهم ولا ضرر، و32% يضرون بالمؤسسات التي يعملون فيها ويعطلون عملها، هذا ما توصلت إليه مؤسسة «جالوب» العالمية لاستطلاعات الرأي، في نتائج الاستطلاع الذى أجرته حول انتماء الموظفين لمؤسساتهم وأثره على إنتاجية المؤسسات وكفاءتها وربحيتها في مناطق مختلفة من العالم. وهذا يعنى أن مقابل كل 2 من الموظفين الذين يطورون مؤسساتهم في مصر هناك 5 زملاء يعطلونها، و8 ممن أطلقت عليهم جالوب «السائرون نياما في العمل». ووفقا لتعريف جالوب، فإن العاملين «المرتبطين» بالمؤسسة هم الفئة التي تحب عملها وتقود الابتكار داخل المؤسسة، أما فئة «غير المرتبطين» فوصفتهم جالوب بأنهم «يمشون نياما في العمل»، وهم يعطون الوقت ولكن ليس الطاقة أو العاطفة أو الإبداع، بينما عرفت جالوب فئة المنفصلين أو المنسحبين بأنهم يعبرون باستمرار عن استيائهم من العمل، وكل يوم عمل لهؤلاء هو تقويض وتعطيل لما حققه زملاؤهم «المرتبطون». وعن أسباب دراسة جالوب لأهمية انتماء الموظفين لمؤسساتهم، يرى جيم كليفتون رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لجالوب، أن «أداة الشركات للحصول على نصيب أكبر من السوق العالمية، هي مضاعفة شعور العاملين بالانتماء لمؤسساتهم»، حيث وجدت جالوب أن «المؤسسات التي تضم عاملين أكثر انتماء وإخلاصا، تحقق جودة وأرباحا وإنتاجية أعلى، ومعدلات حوادث وتغيب وسرقة أقل، مقارنة بالمؤسسات التي تضم عاملين أقل انتماء». الانتماء يعزز الأرباح ويرى كليفتون أن «الدول التي لا تنمو بشكل كاف لتشغيل مواطنيها هي عرضة بشكل أكبر للاضطرابات السياسية أو الثورات»، وبما أن اقتصاد العالم لم يعد ينمو بالسرعة الكافية منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، «فهذا يعنى أن قادة مؤسسات الأعمال لهم دور مهم في إنقاذ الدول من الاضطرابات، عن طريق توفير بيئة عمل جيدة وجاذبة ودعم مؤسساتهم لتصبح أكثر استقبالا للعمالة وأقدر على المنافسة في سوق عالمي سيتزايد حجمه من 60 تريليون دولار اليوم إلى 200 تريليون دولار خلال ال30 عاما القادمة». وليس غريبا أن دول الربيع العربي التي تعرضت لأعوام من الاحتجاجات هي ما استحوذت على أعلى نسب الانسحاب من العمل، وأقل نسب الانتماء للعمل، حيث احتلت تونس المرتبة الأولى في نسبة الموظفين المنفصلين عن شركاتهم، تليها الجزائر في المركز الثاني، وسوريا في المركز الثالث، ثم مصر في المركز العاشر، أما عن نسبة المرتبطين بالعمل في سوريا فهي «صفر»، وبذلك فالسوريون أقل موظفي العالم انتماء لأعمالهم، بينما كانت النسبة 13% في مصر، وهى نفس النسبة العالمية. ووفقا لاستطلاع جالوب، فإن ثلث موظفي الشرق الأوسط، صرحوا بأنهم كانوا في حالة من الغضب في اليوم السابق للمسح، وهى أعلى نسبة في العالم. وقد كشفت الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق التي وقعت في مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا في عام 2011؛ عن تيار من الإحباط لدى العديد من سكان منطقة الشرق الأوسط، وكثير منها ناجمة عن الظروف الاقتصادية السيئة والبطالة المنتشرة على نطاق واسع. إلا أن انخفاض الانتماء للمؤسسات ليست ظاهرة عربية فقط كما يظهر التقرير. الصين الأعلى نموا والأقل انتماء بينما كان العالم يمر بأزمته المالية، ويجاهد ليحقق رقما موجبا في خانة النمو، كان معدل نمو الاقتصاد الصيني قد وصل إلى خانة العشرات وليس الآحاد فقط، ولكن انخفاض معدلات انتماء العاملين الصينيين لمؤسساتهم يهدد استمرار هذا النمو. تبلغ نسبة العاملين المنتمين لمؤسساتهم فى الصين 6%، أي أقل من نصف المتوسط العالمي 13%، وهى من أدنى المستويات في العالم، هذا في الوقت الذى يتجه اقتصاد الصين للاعتماد بشكل أكبر على تشجيع الطلب المحلى بدلا من التصدير للخارج، وهذا يعنى أن الخطوط الأمامية لشركات الصين، ستزداد حاجتها إلى موظفين قادرين على جذب انتباه الزبائن والاحتفاظ بهم وبناء سمعة تجارية قوية، وتنمية ارتباط المستهلكين بمنتجات الشركة، وهذا لن يتم بواسطة موظفين لا يشعرون بالانتماء لمؤسساتهم. المشكلة الأكبر أن أقل معدلات الانتماء في الصين تكون في موظفين المبيعات وعمال الخدمات، 4% فقط من هؤلاء منتمون لمؤسساتهم، وعلى الصين أن تعتمد على هؤلاء في جذب المستهلكين، فالموظف المرتبط بالشركة هو الوحيد القادر على خلق المستهلك المرتبط. ومن ضمن مشاكل الصينيين أنهم غير راضين عن حياتهم بالشكل الكافي، حيث لم تنعكس معدلات النمو على تحسين أحوال الصينيين، فقد ارتفعت نسبة الصينيين الذين يشعرون بأن حياتهم مرفهة من 13% في عام 2006، إلى 20% فى 2012، وهذا النمو أقل بكثير من النمو الذى شهده الناتج الاقتصادي. المملكة المتحدة.. انتماء أعلى في خلال العامين الماضيين عندما كانت إنجلترا تواجه ركودا اقتصاديا، بقى عدد الناس المتحمسين للعمل والمرتبطين به شبه ثابت، وكما أوضحت سنوات الأزمة المالية أن الإنجليز كانوا اكثر انخراطا فى العمل مقارنة بباقي الاقتصادات الرئيسية في أوروبا، حتى أفضل من ألمانيا قائدة اقتصاد اليورو. تقول جالوب: إنه في ظروف مثل الأزمات المالية ينخفض توقع الموظفين لتحسن أحوالهم أو حتى بقائهم فى الوظيفة، لكن هذا غير وارد في حالة ارتفاع معدلات المشاركة والانتماء للمؤسسة، لأن توقعاتهم هنا تكون عاطفية وليست عقلانية، وهذا الذى يُمكن الشركات من مقاومة الاتجاه العالمي لتحويل أماكن العمل لأماكن «بائسة»، بل على العكس فإن أوقات الأزمات تُحفز على بذل جهد أكبر لجعل الموظفين أكثر ولاء للمؤسسة وأكثر تفاؤلا بالمستقبل. وهو ما أدى إلى انتعاش الاقتصاد الإنجليزي بعد عامين من الركود، في الوقت الذى فشلت فيه اقتصادات أوروبية كبرى مثل إيطاليا وفرنسا فى الخروج من دائرة الركود أو حتى الانكماش. وعلى الرغم من أن إنجلترا ليست أفضل دول العالم حالا في الحصول على خدمات الموظفين أصحاب الولاء العالي، حيث يُصنف 17% من العاملين في إنجلترا فقط على أنهم مرتبطون بالعمل، إلا أن حفنة من أفضل أماكن العمل في العالم كانت في انجلترا، وهى الشركات التي تحتفظ ب9 عمال مخلصين بالمؤسسة مقابل كل عامل منفصل ومعوق للمؤسسة. الشرطة فى أمريكا اللاتينية في عام 2010 بدأت أجهزة الشرطة في أمريكا اللاتينية تنفيذ مبادرة تهدف إلى خلق علاقة أكثر إنسانية وثقة بين رجال الشرطة والمواطنين، وهذا بعد أن اقتنع كبار القادة في أجهزة الشرطة أن العقلية العسكرية «الحصول على النتائج بأي ثمن» قد أدت إلى العديد من النتائج السيئة، منها زيادة الضغوط في مكان العمل بشكل لم يكن له مبرر، وانعدام التوازن بين عمل الضباط وحياتهم، كما تضررت سمعة الشرطة سواء لدى المجتمعات المحلية أو لدى منظمات حقوق الإنسان. وعندما قامت جالوب بإجراء أول مسح لها على الضباط، وجدت أن الفرق التي يقودها ضباط أكثر ارتباطا بالمبادرة كانت تحقق نتائج جيدة فيما يخص خفض معدلات الجريمة، وحققوا أفضل درجات رضى المواطنين، مقارنة بالنتائج السيئة التي حققها الضباط الأقل ارتباطا بالمبادرة، وفى المسوح التالية وجدت جالوب تفوقا واضحا لصالح الضباط المنتمين من حيث عدد المقبوض عليهم والمضبوطات، وانخفاض ملحوظ فى معدلات الجريمة. وكما توضح دراسة الحالة هذه، فإن ارتباط الموظفين ومشاركتهم لا يؤدى فقط إلى تحسن أداء المؤسسات الربحية بل يمكن أن يشمل التحسن المؤسسات العامة غير الربحية، ويمكن للعاملين المنتمين للمؤسسات أن يحسنوا من مكان العمل حتى لو كان مكان العمل هذا هو المجتمع كله. أسئلة تحدد مدى الانتماء للمؤسسة - تطرح جالوب على الموظفين 12 سؤالا.. «صواب» أم «خطأ» 1 أنا أعلم ما هو المتوقع منى في عملي. 2 لدى الأدوات التي أحتاجها لأقوم بعملي بشكل صحيح. 3 لدى فرصة كل يوم لأقوم بعملي بأفضل شكل ممكن. 4 في الأسبوع الأخير حصلت على الثناء على عملي الجيد. 5 مديري، أو شخص آخر فى العمل، يهتم بأمري الشخصي. 6 هناك زميل في العمل يشجعني على التنمية الذاتية. 7 يُؤخذ برأيي في العمل. 8 مهمة وغرض شركتي يجعلني أشعر بأهمية وظيفتي. 9 زملائي في العمل ملتزمون بأداء عمل جيد. 10 أعز أصدقائي زميل لي في العمل. 11 في ال6 أشهر الماضية أحد الزملاء تحدث معي عن تقدمي في العمل. 12 في العام الماضي في العمل كانت لدى فرص للتعلم والنمو.