مع بدء الاستفتاء على مسودة دستور 2013، وتصدر بعض الداعين الى التصويت عليه ب«نعم»، بدا لافتا غياب بعض الرموز الذين تصدروا مشهد الاستفتاء الأول بعد ثورة 25 يناير فى مارس 2011، وكانوا نجوما لتلك المرحلة، ومع اختلاف الأسباب الداعية إلى اختفاء بعض هؤلاء، فإن غيابهم ظاهرة تستحق الرصد. محمد البرادعى غادر الرجل مشهد الفعل السياسى قبل 4 شهور باستقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية، منتصف يوم 14 أغسطس الماضى، اعتراضا على طريقة فض اعتصامى النهضة ورابعة العدوية. كان الرجل إحدى أيقونات ثورة يناير، بل ومفجرها الأول فى عيون محبيه، وأحد رموزها فى رأى المتابعين. البرادعى كان فى مقدمة من عارضوا ورفضوا التعديلات التى أدخلتها لجنة «البشرى» على دستور 1971، بعد ثورة يناير، معتبرا أنه كان من الأفضل تشكيل لجنة لكتابة دستور جديد لمصر. وفى ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر، أصبح البرادعى منسقا لجبهة الإنقاذ الوطنى التى اتخذت موقفا بمقاطعة الاستفتاء على دستور 2012، ووجه الرجل العديد من الرسائل المصورة للرئيس السابق محمد مرسى يدعوه فيها لوقف التصويت على الدستور حتى لا يزداد الوطن انقساما والسعى إلى خلق توافق مع القوى السياسية وصياغة دستور معبر عن كل المصريين. لم يعلن البرادعى موقفه من التعديلات الأحدث للدستور، والتى جاءت ضمن ترتيبات خارطة الطريق وكان أحد المشاركين فى إعلانها فى 3 يوليو 2013. وائل غنيم عرفه المصريون بعد ظهوره على شاشات الفضائيات كمؤسس لصفحة «كلنا خالد سعيد»، صاحبة المبادرة بالدعوة للتظاهر ضد عنف الداخلية وقانون الطوارئ فى ذكرى عيد الشرطة عام 2011، وتسببت تركيبته المهنية كموظف بارز فى شركة «جوجل» العالمية والشخصية كشاب يمثل صناع الثورة فى تعميق شهرته. كان غنيم واحدا من الرموز الرافضة للاستفتاء على مسودة الدستور فى 2012، وخاض محاولات للتوفيق بين المرشحين الرئاسيين المحتملين، إبان حكم المجلس العسكرى. دخل غنيم حالة اختفاء، وتوارى عن المشهد عقب عزل مرسى، إلى أن عاد للظهور عقب نشر تسجيلات منسوبة إليه، ليُعلن أنه فضل الابتعاد عن المشهد السياسى منذ 3 يوليو. ريم ماجد عرفت الإعلامية ريم ماجد بأنها واحدة من قلائل فى وسائل الإعلام، تجمع ما بين النجاح المهنى وإعلان الموقف السياسى، على خلاف ما يفعله إعلاميون كُثر، يتحرجون من إعلان توجهاتهم. ظهرت ريم فى كثير من الوقفات الاحتجاجية اعتراضا على محاكمات عسكرية للمدنيين، أو للتضامن مع نشطاء تم القبض عليهم، مثلما حدث بعد القبض على الداعين لتظاهرة أمام مجلس الشورى رفضا لقانون «تنظيم التظاهر» الذى أقرته حكومة الدكتور حازم الببلاوى. لم تظهر ريم ماجد على شاشات الفضائيات منذ 3 يوليو 2013، عقب الإطاحة بحكم مرسى التى لم تخف معارضتها له ولجماعته. عمرو خالد كان رفض الداعية الشهير للتعديلات الدستورية، فى 2011، ظاهرة لافتة، خاصة أن معظم الدعاة اتخذوا موقفا مخالفا بإعلان الموافقة على تلك التعديلات بسبب ما اعتبروه حفاظا على المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية. مع بدء تأسيس الأحزاب خاض الرجل مع مجموعة من الشباب تجربة إقامة «حزب مصر» الذى كان يعول عليه البعض لأن يكون رقما فى الحياة السياسية بسبب شعبية عمرو خالد الجارفة خاصة فى الأوساط الشبابية. ظهر خالد فى مشهد إعلان مرسى الدستورى، فى نوفمبر 2012، والذى كان أحد أسباب إسقاطه، وحاول الداعية الشهير أن يمارس دور الوسيط لحل الأزمة السياسية إلا أن مساعيه باءت بالفشل. فى 18 يوليو 2013 أعلن حزب مصر، استقالة مؤسسه عمرو خالد، واعتزال السياسة والتفرغ التام للرسالة الإصلاحية والدعوية والدور الاجتماعى والتنموى، التى رأى الداعية أنها لا تتناسب مع العمل السياسى. من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، الدكتور سعيد صادق، أن كل موجة ثورية لها رموزها وأبطالها وأيضا أعداؤها، وطبيعة كل مرحلة تتطلب إفراز رموزها ونجومها، إذ يتناسب دور الناشط الذى يستطيع الهتاف مع مرحلة ثورية عبر المظاهرات فى الشوارع، فيما يكون المنظر السياسى نجما فى مرحلة ترتيب الأولويات والحديث عن المستقبل، أو مناقشة التعديلات الدستورية أو غيرها. وأضاف صادق أن بعض الرموز من النشطاء أو السياسيين أدركوا أن المرحلة ربما لا تكون مناسبة لظهورهم، فيما لايزال آخرون يستغربون عدم تقبل الجمهور لكلامهم، لافتا إلى أن الوعى السياسى أو إثارة الانتباه للأحداث السياسية لم يعد يتطلب توجيها أو إرشادا من أشخاص فى تلك المرحلة على الأقل، خصوصا أن وسائل الإعلام تفعل ذلك بشكل يومى، مدللا على ذلك بنسخ مسودة الدستور التى أعدتها لجنة الخمسين والتى تمت طباعتها وبيعها وترويجها بشكل غير مسبوق.