ذكر الكاتب البريطاني روبرت فيسك أنه للمرة الأولى في التاريخ الحديث، يبدو أن "الحرب ضد الإرهاب"- وتحديدًا ضد تنظيم القاعدة- تخاض من قبل الأنظمة في الشرق الأوسط بدلاً من الولاياتالمتحدة، مع أنها ما زالت تستهدف مسلحيها، وأحيانًا تقصف أعراسًا ومنازل مدنيين في باكستان. وقال «فيسك»- في مقال له أوردته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية على موقعها اليوم الاثنين- إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربي في مصر، والرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، والرئيس الإيراني حسن روحاني، وحتى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، هم من يقاتلون الآن من وصفهم ب«الإرهابيين»؛ بحسب ما قال فيسك. ووصف «فيسك» هذا الأمر بأنه "كالوحدة العربية"، التي لم نرها من قبل، كما أنها تمثل عودة جديدة للإمبراطورية العثمانية، في ظل التحالفات التي باتت تشهدها المنطقة؛ على حد قول «فيسك». ومع ذلك، أشار «فيسك» إلى وجود فروق في هذا الصدد، حيث يقول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "إن بلاده تدعم المسلحين العلمانيين في سوريا، الذين يقاتلون المتمردين الإسلاميين، الذين بدورهم يقاتلون نظام الأسد، على الرغم من أن الولاياتالمتحدة لا تزال تريد الإطاحة به". وتابع: "وفي الوقت نفسه، تضخ دولة عربية أموالا كثيرة لدعم تنظيم جماعة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابع للقاعدة، الذين يقفون في مواجهة الجيش السوري الحر العلماني وجيش نظام بشار الأسد على حد سواء". وفي غضون ذلك، ألقت السلطات اللبنانية القبض على ماجد بن محمد الماجد، وهو أحد أشد المطلوبين التابعين لتنظيم القاعدة، في السعودية، وقد فارق الحياة أثناء فترة احتجازه في لبنان، ويعد القائد المزعوم لكتائب عبد الله عزام، وهي جماعة تابعة لتنظيم القاعدة، والتي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على السفارة الإيرانية في بيروت في نوفمبر الماضي. وبناء على ذلك، تساءل «فيسك» كيف يستطيع لبنان تجنب التورط في النزاع السوري، عقب أن اعتقل «ماجد» من قبل السلطات اللبنانية؟ وأوضح «فيسك» أن دعم الولاياتالمتحدة للجيش اللبناني لا يزال مستمرا، كذلك دعمها للمالكي، من خلال تقديم الصواريخ والطائرات، أثناء تصديه للقاعدة في محافظة الأنبار.. لافتا إلى أنه يبدو أن التنظيم يعيد نفسه في مدينتي الفلوجة والرمادي، اللتين تشهدان حاليا أعنف اشتباكات بين الجيش العراقي وقبائل السنة، التي تقاتل بدورها جماعات تنظيم القاعدة المحلية، تمامًا كما يحدث في سوريا بين الجيش السوري الحر في قتاله ضد الجماعات نفسها التابعة لتنظيم القاعدة؛ بحسب «فيسك». ومن ناحية أخرى، ألمح «فيسك» إلي مفارقة أخرى، حيث في الوقت الذي لم يوجه فيه «كيري» دعوة إلى إيران لحضور مؤتمر جنيف 2، قال إنها قد تلعب دورًا مهمًا ولو حتى على هامش المؤتمر، بينما يبدو أن القوى الرئيسية في المعارضة السورية لن تشارك في المؤتمر.. مشددا على أن هذه المفاوضات لن تؤتي ثمارها كما يحدث في المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، والتي لا يزال «كيري» متفائلا بشأنها. واختتم الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" مقاله بصحيفة «الإندبندنت» متسائلاً بشأن من الذي يمكن أن يتذكّر الصحوة العربية أو الربيع العربي، في ظل هذه الأحداث والتطورات العنيفة التي تمتلئ بها الساحة السياسة حاليًا؟