اعتراضا على «رسوم التقاضي».. المحامون ينفذون قرار النقابة العامة بالإضراب عن حضور الجلسات أمام محاكم الجنايات    1700عام من الإيمان المشترك.. الكنائس الأرثوذكسية تجدد العهد في ذكرى مجمع نيقية    رئيس «الدلتا التكنولوجية»: بدء أعمال التصحيح فور انتهاء امتحان كل مادة    انفوجراف| أسعار الذهب مع بداية اليوم الأحد 18 مايو    ارتفاع أسعار الطيور بأسواق الإسكندرية.. والدجاج الأبيض ب120 جنيها للكيلو    "طلعت مصطفى" تدرس فرص توسع جديدة في الساحل والخليج وشمال أفريقيا    جذور أشجار السبب.. حل مشكلة ضعف المياه بقرية ميت أبو الكوم بالإسماعيلية    الحج السياحي 2025 | موافي: السبيل السليم للحج هو الطريق المعتمد لأداء المناسك    الإسكان تطرح كراسات شروط حجز 15ألف شقة بمشروع سكن لكل المصريين.. الأربعاء    رئيس مركز صدفا بأسيوط يتفقد أعمال الصرف الصحي بقريتي مجريس وبني فيز    «صحة غزة»: خروج جميع مستشفيات شمال القطاع عن الخدمة    بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يقوم بأول جولة بالسيارة البابوية    زيلنسكى ونائب ترامب وميلونى.. الآلاف يحضرون حفل تنصيب البابا لاون 14    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا منذ بداية الحرب    الزمالك يعلن مقاطعة اجتماع رابطة الأندية لغياب الشفافية والعدل    آرسنال في مواجهة صعبة أمام نيوكاسل يونايتد    شوبير يحرج نجم الأهلي السابق ويكشف حقيقة تمرد رامي ربيعة    أرقام التواصل مع البعثة الطبية المصرية خلال موسم الحج 2025    رغم تنازل والدها.. «النقض» تؤيد حكم إعدام قاتلة والدتها «سيدة بورسعيد»    حبس المتهمين باستدراج شاب بواسطة سيدة وسرقته بالإكراه فى الحوامدية 4 أيام    إصابه 13 شخصا في حادث تصادم بالمنوفية    متحف الحضارة يستقبل وفدًا صينيًا ويستضيف معرض «ألف كوب»    حلقة «في حب عادل إمام» مع صاحبة السعادة الليلة    مهرجان المسرح العالمي يسدل الستار على فعاليات دورته الرابعة بإعلان الجوائز    رامي رضوان: نشر خطاب سعاد حسني لعبد الحليم حافظ خيانة    وزير الثقافة: افتتاح ثلاثة قصور ثقافة بأبوسمبل وأخميم وجاردن سيتي قريبًا    فيديو.. مصطفى الفقي ينفعل ويهدد بالانسحاب خلال لقاء مع قناة العربية: عملية استدراج.. أنتم السادة ونحن الفقراء    تشغيل أول مركز تخصصي متكامل لطب الأسنان بزهراء مدينة نصر    محافظ الدقهلية يجري زيارة مفاجئة إلى عيادة التأمين الصحي في جديلة    مصرع شخصين وإصابة 19 آخرين إثر اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين    المدارس الثانوية تعلن تعليمات عقد امتحانات نهاية العام للصفين الأول والثاني الثانوي    إخماد حريق اشتعل داخل مطعم فى النزهة    سحب 944 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    في ذكرى ميلاده ال 123، محطات فى حياة الصحفي محمد التابعي.. رئاسة الجمهورية تحملت نفقات الجنازة    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    الأزهر للفتوى: أضحية واحدة تكفي عن أهل البيت جميعًا مهما بلغ عددهم    متى تقام مباراة اتلتيكو مدريد ضد ريال بيتيس في الدوري الاسباني؟    بسبب نهائي أفريقيا.. بيراميدز يشكو من تعنت رابطة الأندية ومجاملة الأهلي    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    تصميم الأطفال وراثيًا يهدد التوازن الإنساني.. الخشت يطلق جرس إنذار من الكويت بشأن تحرير الجينوم البشري    10 استخدامات مذهلة للملح، في تنظيف البيت    عاصفة ترابية تضرب الوادي الجديد.. والمحافظة ترفع درجة الاستعداد    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    رئيس جامعة القاهرة: الجامعات الأهلية قادرة على تقديم برامج تعليمية حديثة.. ويجب استمرار دعمها    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا    أهداف السبت.. رباعية البايرن وثلاثية باريس سان جيرمان وانتصار الأهلى وبيراميدز في الدوري المصري    يمتلكون قدرة سحرية على إدراك الأمور.. 5 أبراج تجيد اتخاذ القرارات    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    أسعار الأرز الشعير والأبيض «عريض ورفيع الحبة» اليوم الأحد 18 مايو في أسواق الشرقية    ما بين الحلويات.. و«الثقة العمومية»!    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    هزيمة 67 وعمرو موسى    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر الشريف.. يروي حكاية حبه لنساء أحطن به حيا وميتا في فيلم مغربي
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 01 - 2014

نظر النجم عمر الشريف فى عيون الجمهور، ووجهه يكسوه نضارة شاب فى الثمانين من عمره، وتحدث عن ذكرياته مع السينما قبل أن يباغتنا بالقول إنه صاحب الجثمان الذى يتأهب الجميع لمواراته التراب، وأنه كان يتمنى لو أنه اعد العدة لهذه اللحظة.
جلس فوق مدفنه، وبجواره كلب يتبول على قبره فى مشهد استهلالى قوى للفيلم المغربى «روك القصبة» تنطق صورته المدهشة بحكاية الحياة والموت وما بينهما، وهنا ينفتح الكادر على اتساعه لنرى عالما حقيقيا ينبض بصراع أزلي بين أفكار المرأة والرجل فى الشرق، وهو ما كشفت عنه بالتتابع أحداث العمل الذى عرض على شاشة مهرجان دبى السينمائي الدولي مشاركا في مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة.
عنوان الفيلم يوحى بأننا سنكون أمام عمل عن موسيقى الروك الشهيرة، حيث إنه مأخوذ من أغنية قديمة بالاسم نفسه لفريق الروك الإنجليزي «كلاش» منذ30 عاما، لكن المخرجة الواعدة ليلى مراكشى فاجأتنا بموضوع مغاير انحازت فيه للمرأة «التى يحصى الله دموعها ويصب غضبه على من يبكيها» حسبما انتهى الفيلم على لسان راويه عمر الشريف ايضا، وهو ينظر الينا نفس نظرة البداية.
فى منزل عتيق على أطراف مدينة طنجة المغربية، تحيطه حديقة تلفها الاشجار لتقيه اشعة شمس الصيف الحارة تدور احداث الحكاية، تجتمع ثلاث اخوات ووالدتهن وخادمة عجوز بعد وفاة الاب ورجل البيت، وعلى مدار ثلاثة ايام تجرى فيها مراسم تشييع الجثمان والعزاء تتصاعد العواطف وتتأرجح بين دموع وابتسامات، لتكشف التفاصيل وقع العادات والتقاليد على اجيال مختلفة من النساء انطلاقا من علاقتهن بالاب البرجوازى السيد حسن الذى كان مهيمنا على بناته بآليات مختلفة، ولتبوح النساء وتثور ولتحاول أن تكون.
فالعائلة هنا تجتمع لدفن كبيرها الذى لا يريد طيفه مغادرة المنزل، حيث يظهر ويتكلم مع حفيده الذى طالما اشتاق لرؤيته فى مشاهد بدا فيها الراوى والمتوفى السيد حسن «عمر الشريف» فى ابهى صوره على الشاشة، يؤدى بمزاج خاص، ورشاقة متناهية، وبروح مبدعة تلهم طاقات بشر جمعت بين التسلط والشاعرية.
السؤال الذى اندفع بداخلى: من قال ان عمر الشريف سيعتزل التمثيل؟!، ربما يعتزل التعاون مع مخرجين لم يستطعوا اظهاره بشكل لائق، لم يستوعبوا قدراته وتوظيفها جيدا فى اعمالهم، لكنه ابدا لن يعتزل التمثيل وقد ابهر الجميع فى فيلمه الاخير الذى يحمل رقم 80.
الشريف نفسه الذى اضاف للعمل بخبرته وتألقه الكثير كان قد اكد انه كان يبحث بعد فيلمه «المسافر» عن تجربة جديدة ومختلفة بالنسبة إليه، يعود بها للسينما، وهذا ما وجده فى هذه التجربة التى يراها جديدة عليه تماما». ولا ننسى هنا قول مخرجته ليلى مراكشى بخصوص اختيارها لعمر شريف فى هذا الدور: «عمر الشريف طبع طفولتى كما طبع طفولة اجيال كاملة من محبى السينما وهو احب السيناريو. قبوله العمل معى كان الهدية الاكبر لهذا الفيلم».
تتناول المخرجة المغربية عالم هو نوع من جنة مفقودة يظل كل شىء فيها معلقا، تقرب الواقع من الحلم، كما يجتمع فيها الحاضر بالماضى الذى يفرض نفسه فى اللحظة ويفجرها حيث تفتح الدفاتر وتصفى الحسابات وتنكشف الاسرار.
جمعت عددا من الممثلات العربيات الموهوبات، ربما لإعطاء بعدا عربيا وعالميا، فإضافة إلى المغربيات مرجانة علوى التى تؤدى دور صوفيا الوحيدة الابنة الصغرى التى تتمرد على سلطة الوالد وذهبت للعيش فى الولايات المتحدة وصادقت مخرجا أمريكيا عملت معه وحققت ما كانت ترغب فيه من أن تكون ممثلة، لكن أدوارها كانت تقتصر فقط على تمثيل شخصية الإرهابية فى مسلسلات أمريكية، وعودتها إلى بيت العائلة مع ابنها الحفيد الذى تمنى لو رآه قبل أن يموت، تكون مناسبة لتصفية الحسابات مع اسرتها، ولبنى الزبال التى لعبت دور كنزة أصغر الأخوات، وهى فتاة مطيعة عملت معلمة بناء على رغبة الاب لكنها تمتلك حنكة فى التغلب على المصاعب. وهناك اللبنانية نادين لبكى التى شاركت بدور «ميريام» التى تبدو مصطنعة إلى أقصى حد ولا تهتم سوى بالمظهر وعمليات التجميل ولا تريد أن تكبر.
بينما جسدت بتلقائية ومشاعر محبطة، الفلسطينية هيام عباس دور الام التى تحاول ان تبدو قوية بعد علمها بخيانة زوجها مع الخادمة (فاطمة هراندى) وانجابه منها ولدا فى السر، لم تكشف عنه الاحداث الستار سوى عندما يحب هذا الولد احدى البنات الثلاث وكان الاب يرفض ارتباطهما دون ان يكشف ان الولد اخ للبنت التى انتحرت قبل ان تعرف الحقيقية، وتقرر الأم طرد الخادمة بعد ثلاثين عاما خدمت فيها العائلة، وسرعان ما تتكشف حقائق مثيرة حول الشقيقة التى انتحرت، وهى حامل، وابن الخادمة (عادل بن شريف) الذى أحبها، ورفض الأب بإصرار زواجهما حتى إنه أجبرها على مغادرة البلاد ليجهض مشروعهما تماما.
جميع الممثلات كن رائعات فى ادوارهن اللاتى قدمنهن بأكثر من محور وفى اعمار وادوار مختلفة تجسد التناقضات القائمة بينهن وكان الكلام عبرهن عن قضايا تخص المرأة شيئا استثنائيا، ورغم الأجواء التى بدت كميلودراما هندية صريحة وساذجة فى بعض المشاهد رب الأسرة تزوج الخادمة، بمعرفة الأم، وأنجب منها شابا كاد يتزوج أخته لولا انتحارها بعد تدخل الأب الذى كان يعلم أنهما من صلبه!، لكن قدرتها على إيجاد معادل بصرى لقضيتها، واعتماد نوع من السرد التأملى فى ظل سيناريو جذاب وحوار لا يقع فى فخ الخطابة، وحوار يتسم بخفة الظل، وإيقاع لا يعرف الترهل، وطاقم تمثيل منسجم بدرجة كبيرة، تقدم ليلى مراكشى فيلمها
تتكشف حلقات الفيلم عبر كوميديا خفيفة احيانا وسوداء احيانا اخرى شيئا فشيئا مع استكمال الاستعدادات لدفن الوالد المستمر فى الحياة والذى تأتى الحكاية على لسانه، وهو متوار يحضر طقوس الاستعدادات ويعلق عليها بعد ان يظهر انيقا وشاعريا ومحبا لكل النسوة اللواتى احطن به حيا وميتا.
ليلى مراكشى ادخلت بعض عناصر الحكاية الشخصية للمرأة العربية على السيناريو، مثل الامومة والبحث عن الهوية وتقاليد العائلة فى حالات الفقدان وغيرها من المواضيع.. حيث ارادت ان تقارن ما يجرى فى فيلمها باحداث العالم العربى، فحين يختفى الاب يتغير نمط الحياة والسلوك، يعلو صوت الثورة على التقاليد التى تمثلها سلطته وموته بالنسبة للنساء كان فرصة لهن ليكن بحرية اكثر من أى وقت ويبحن بكل ما كان خفيا فبرحيله تخلت البنات عن تحفظهن، وقهرن مخاوفهن، وانطلقن يناقشن ويتكاشفن ويختلفن ويغضبن ويتبادلن الاتهامات بقسوة، وبات الأمر المؤكد أن مرحلة جديدة بدأت، وانتهى من دون رجعة عصر الخوف والانفراد بالقرار واحتكار الحكمة فالكل كان يعيش كذبة كبيرة، وربما لهذا السبب اختارت المخرجة أن تُنهى أحداث فيلمها بعقد مصالحة بين الأطراف المتصارعة، الدعوة إلى لم الشمل، وذلك بعد ان يشاء القدر للعائلة ألا تجتمع بكامل أفرادها إلا فى جنازته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.