القطاع السياحى كان أحد أهم القطاعات التى تأثرت سلبًا بتداعيات ثورة 25 يناير، وهو يتجرع كأس تراجع الأداء منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ليس فقط على مستوى انخفاض أعداد السائحين الأجانب، بل تأثر أيضا الاستثمار وإقامة مشروعات سياحية جديدة بمناخ عدم الاستقرار. سراج سعد الدين، رئيس هيئة التنمية السياحية، المسئولة عن تخصيص الأراضى للمشروعات السياحية، يتحدث ل«الشروق» عن أحوال القطاع وأهم المشروعات الجديدة المطروحة فى هذا المجال. • طرحت الحكومة فرصا استثمارية متنوعة خلال ملتقى الاستثمار الخليجى الذى عقد فى القاهرة فى بداية الشهر الحالى، فما هى أهم المشروعات التى طرحتها هيئة التنمية السياحية على المستثمرين الخليجيين؟ الهيئة طرحت 30 مشروعا، وهى مشروعات جاهزة للتنفيذ، فى جنوب رأس سدر، على مساحة 19 مليون متر، وفى المنطقة السياحية الثانية بالعين السخنة، بالإضافة للقصير، ومرسى علم، وجنوب مرسى علم، وجنوبالغردقة. وتتميز المشروعات المطروحة بوجود تنوع فى المنتج السياحى، فهناك مشروعات لمراكز تجارية، وسياحية، وعلاجية، ومدن ترفيهية، ومراكز مؤتمرات. وكان من الممكن أن نطرح عددا أكبر من المشروعات، لكن الهيئة أرادت أن تكتفى بتلك المشروعات، حتى «نجس بها نبض السوق». • وهل لدى الهيئة ثقة فى أن تلقى هذه المشروعات إقبالا من المستثمرين؟ علينا السعى والاجتهاد، وليس علينا إدراك النجاح، ومناخ الاستثمار يشهد تحسنا وإن كان بطيئا، والأهم أننا نحتاج لاستمرار المستثمر المصرى فى عمله، لأن تواجده يعطى مؤشرا ايجابيا لأى مستثمر عربى أو أجنبى، وبالفعل هناك العديد من المشروعات تحت التنفيذ يقوم بها مستثمرون مصريون فى مدينة مرسى علم، ورأس سدر، وهناك مشروعات انتهت بالفعل ويتبقى فقط افتتاحها. • وهل أبدى أى مستثمر رغبته فى تنفيذ أى من تلك المشروعات منذ طرحها؟ حتى الآن لا يوجد طلب فعلى لأى مشروع، لكن الملتقى الخليجى انتهى منذ أسبوعين، والنتيجة من المتوقع أن تظهر خلال الربع الأول من العام القادم. كل المعلومات المطلوبة عن هذه المشروعات متاحة أمام المستثمرين على الموقع الإلكترونى للهيئة، وأنا لدى تفاؤلا بأنها ستجد رواجا، فعلى الرغم من الأحداث السياسية المضطربة التى تشهدها البلاد فإن أحد أكبر المستثمرين العرب، وهى شركة «إعمار» أكدت أن السوق المصرية تتمتع بقوة شرائية كبيرة، ورغم ما يحدث قال محمد العبار، رئيس الشركة، خلال ملتقى الاستثمار أن شركته توقفت عن ضخ استثمارات جديدة فى المغرب، وتركز على استثمارها فى مصر. • هناك مشروعات سياحية يقوم مستثمرون عرب بتأسيسها فى مصر حاليا، فما أهم تلك المشروعات؟ هناك عدد من المشروعات منها مشروع إقامة أكبر بحيرة صناعية فى العالم، والتى تقيمها الشركة المملوكة للمستثمر السعودى عبدالرحمن الشربتلى، المخطط أن تقام فى مدينة نبق، كما أن الديار القطرية تعتزم انشاء «شرم العرب» جنوب مدينة الغردقة ب42 كم، وما زالت فى مرحلة إنهاء التعاقد، وهناك مشروع تقيمه مجموعة الخرافى فى شمال مرسى علم. • أعلنت الهيئة عن اعتماد لائحتها الجديدة فى نوفمبر الماضى، مؤكدة أنها لن تطرح أراضى وفقا لقانون المزايدات، بل سيتم التخصيص بالأمر المباشر. فماذا ستفعل إذا تقدم أكثر من طلب لتنفيذ مشروع واحد؟ الأفضل للاستثمار السياحى تخصيص الأرض بالأمر المباشر، لأن المزايدات ترفع أسعار الأراضى بينما الاستثمار السياحى طويل الأجل ولا يحقق عائدا سريعا مثل العقارى، لذلك فمن الظلم أن يحصل على الأراضى نظام المزايدات. ويكون التخصيص فى الأماكن التى يسمح فيها القانون بذلك، أو تمنح الأراضى بنظام حق الانتفاع بالنسبة للأراضى التى تمتد من طابا وحتى شرم الشيخ، حيث لا يسمح القانون بالتملك. وفى حالة تقدم أكثر من مستثمر سيتم الإعلان عن مفاضلة بين العروض المقدمة للهيئة، وستكون المفاضلة فى طريقة السداد والسعر المقدم، ولا يمكن تطبيق نظام البيع فى كل حالة، أو تطبيق نظام حق الانتفاع فى كل حالة. • وكيف يتم تقييم العروض المقدمة؟ العروض المقدمة تعرض على اللجنة المختصة لوضع القيمة التقديرية للمشروع المعلن عنه، وهى اللجنة المشكلة من قيادات الهيئة وتضم قيادات من الشئون القانونية، والتخطيط، ولها الحق فى الاستعانة بخبرات من الخارج. والهيئة انتهت من إعداد تقارير حول أسعار الأراضى فى أغلب المناطق المطروحة منذ 2011، وحتى نهاية يونيو من العام الحالى، وبالتالى فإن العروض المقدمة لأى مشروع ستخضع للمقارنة مع التقييمات التى تم وضعها. • وكيف تأثر المستثمر الحالى بالأوضاع التى عاشتها البلاد منذ ثورة 25 يناير؟ لاشك أن الثورة، وما تلاها من أحداث سياسية أدت إلى عدم استقرار الوضع السياسى مما دفع الكثير من المشروعات سواء سياحية أو غيرها إلى تعثر، وحدث تباطؤ فى معدلات التنفيذ. لكن المؤشر الأهم أنه لا يوجد مستثمر ترك الأرض وقرر عدم استكمال المشروع، لذا قررت الهيئة معاونة المشروعات السياحية المتعثرة، واتخذ مجلس الإدارة قرارا بأن تحصل الهيئة من مستثمرى طابا ورأس سدر 10% فقط من جملة المديونيات المتراكمة عليهم، لأنهم الأكثر تضررا، ويقومون بسداد جزء فى كل مرة يحتاجون فيها من الهيئة لإجراءات أو تراخيص لاستكمال المشروع، على أن تحصل 25% من جملة المديونيات المتراكمة على باقى المناطق السياحية، كما اتخذت قرارا بأنه فى حالة تقدم المستثمر لسداد غرامة تأخير تتعلق بعدم تنفيذ مشروعه فى الوقت المحدد فإنه يأخذ جدولا زمنيا لبرنامج معدل يضاف له مدة زمنية إضافية تحدد حسب نسبة ما تم إنجازه فى المشروع، تمكنه من إنهائه. فالهيئة تثبت للمستثمر أنها معه وليست ضده، وتأخذ بعين الاعتبار الظروف السلبية التى مرت بها البلاد وأثرت على المستثمرين، فأصعب شىء أن يتخذ قرار باستكمال مشروع، بينما أسهل شىء أن نقوم بإلغائه، لكن هذا لا يحدث الآن. • وكيف تأثرت ايرادات الهيئة، وما حجم التراجع فى الايرادات؟ هناك تأخر كبير فى تحصيل الإيرادات التى كان من المقرر أن تحصلها الهيئة، والإيراد الذى تحصله الآن غير مقبول، بدون الخوض فى حجم التراجع، ونسبته. • هناك مستثمرون لا يلتزمون أمام عملائهم بتنفيذ مشروعاتهم وفقا للجداول الزمنية، ومنهم من يتلكأ فى رد أموال العملاء. فكيف تواجه الهيئة هذا التلاعب؟ أنا لا أنكر أن هناك بعض المستثمرين، وخاصة فى مدينة رأس سدر ارتكبوا بعض الممارسات السلبية لكن فى النهاية العقد شريعة المتعاقدين، وأنا أستغرب من أى عميل يوقع عقدا مع شركة يكون ملتزما فيه بكل الواجبات تجاه الشركة، ولا يأخذ أى اجراءات احترازية يضمن بها حقه فى حالة عدم التزام الشركة بتنفيذ بنود العقد من حيث مواعيد أو شروط التسليم. • قبل 30 يونيو تقدمت أحدى الشركات البريطانية لعمل مدينة لسباق السيارات فى البحر الأحمر، لكنها أرسلت خطابا للهيئة بعد ذلك تقول أنها قررت التراجع انتظارا لما ستسفر عنه وقتها. هل عادت هذه الشركة؟ لا لم تتحدث هذه الشركة من جديد مع الهيئة بعد ثورة 30 يونيو، لكن ليس معنى ذلك أن الطلب الأجنبى على الاستثمار السياحى تراجع. • متى سيعود الاستثمار السياحى الأجنبى إلى مصر من جديد؟ الاستثمار السياحى الأجنبى لم يتوقف، هو فقط «يمرض لكن لا يموت»، وهناك فترات صعبة سبق وأن تعرض لها الاستثمار السياحى فى 1997 بعد حادث الأقصر، ثم انطلق الاستثمار السياحى بعدها بقوة. وأؤكد أنه فى الفترة الماضية لم يحدث توقف تام، ولكن من المؤكد أنه عندما تستقر الأوضاع سيعود الاستثمار الأجنبى، والربع الأول من العام القادم سيكون الفيصل إما أن توجد طلبات على الاستثمار السياحى وإما لا توجد.