«5 أيام متصلة».. تفاصيل جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة دمياط    وظائف شركة WE 2025 | فرص عمل لحديثي التخرج برواتب مجزية    محافظ المنوفية يفاجئ عيادة الشهداء الشاملة للتأمين الصحي لمتابعة انتظام العمل    بنك CIB يقرر زيادة رأس المال إلى 33.779 مليار جنيه    أمريكا تخفض الرسوم الجمركية على الشحنات الصينية إلى 54%    مقتل شخص جراء استهداف غارة إسرائيلية لدراجة نارية في بلدة حولا جنوب لبنان    أنشيلوتي يجهز قائمته الأولى قبل السفر للبرازيل    شمال سيناء تتعرض لموجة رياح حارة محملة بالأتربة    إطلاق الدورة الخامسة لمسابقات الأسبوع العربي للبرمجة لعام 2025    مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يطلق مسابقة جديدة لأفلام المصنوعة الذكاء الاصطناعى    وزير الثقافة يزور صنع الله إبراهيم بعد خضوعه لجراحة.. ويطمئن قراءه على حالته الصحية    "عبدالغفار" يترأس أول اجتماع للجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    "ليسو الوحيدون".. ريجيكامب يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك معه    الخط الثالث للمترو يقلل زمن التقاطر بسبب مباراة الزمالك وبيراميدز    بسبب أولوية المرور.. مقتل شاب طعنا في مشاجرة بشبرا الخيمة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعذيب طفلة بالشرقية (تفاصيل صادمة)    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    د.أحمد ماهر أبورحيل يكتب: تكافل وكرامة انتقل بالحكومة من الأقوال إلى الأفعال    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    وزير الدفاع يشهد افتتاح المؤتمر الدولي العلمي للكلية الفنية العسكرية لعام 2025    بإطلالة صيفية.. سلمى أبو ضيف تتألق في أحدث ظهور لها (صور)    صبحي خليل: إصابة بنتي بالسرطان كانت أصعب لحظة في حياتي    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    توريد 282 ألف طن من القمح لشون وصوامع المنيا    موعد والقناة الناقلة ل مباراة الأهلي والزمالك اليوم في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    ندوه بالعريش لتوعية السيدات بأهمية المشاركة السياسية    طلب إحاطة في البرلمان حول إغلاق قصور الثقافة: تهديد للوعي والإبداع في مصر    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    قلق أممى لمواجهة سكان غزة التجويع المتعمد وخطر المجاعة    مشكلة أمنية.. واشنطن بوست تفجر مفاجأة حول الطائرة القطرية المهداة لترامب    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    التموين: إطلاق شوادر عيد الأضحى 20 مايو الجارى لتوفير احتياجات المواطنين    البنك الأهلي يوقع بروتوكول مع مجموعة أبوغالى لتوريد وتسليم سيارات "جيلي" بمصر    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    اليوم.. وزير الرياضة يفتتح البطولة الأفريقية لمضمار الدراجات    صحة المنوفية تتابع سير العمل بمستشفى بركة السبع المركزي    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    20 مصابًا في تصادم مروع بين أتوبيس وسيارة نقل ثقيل بالشرقية    التشكيل المتوقع للزمالك أمام بيراميدز بالدوري    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الأسبوع القادم: أمطار ورياح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    جدول أعمال زيارة ترامب الخليجية فى ظل ديناميكيات إقليمية معقدة    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة في لاكيلا للحسرة والسخرية
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 07 - 2009

قدمت قمة لاكيلا التى جمعت زعماء الدول الصناعية دليلا جديدا يضاف إلى قائمة طويلة تؤكد أن مجموعة الثمانية فقدت دافع وجودها. كنا نتابع باهتمام التحضيرات لعقد دوراتها السنوية، نقرأ تصريحات الزعماء والمسئولين، ونستعد بالاطلاع على التقارير الاقتصادية والاستراتيجيات المعلنة، وندقق فى مواقف المستشارين الذين يقرر الرؤساء اصطحابهم إلى القمة، ونهتم بأعداد أعضاء الوفود، ونتابع كتابات كبار الصحفيين العالميين المشهود لهم بالخبرة والتجربة الطويلة فى شئون الاقتصاد الدولى والعلاقات بين الدول العظمى. كانت دورات قمة الثمانية درسا سنويا نجدد به معلوماتنا ونصقل الأدوات التى نستخدمها عندما تنعقد النية أو تتوفر الرغبة لتحليل سياسات دولية أو الحكم على مسارات الرأسمالية والعولمة واقتصاد السوق وتوازنات القوة.
هذه المرة اختلفت استعداداتنا. لم نقرأ على غير عادتنا لا بسبب تقصير من جانبنا، ولكن لأننا لم نجد ما يستحق القراءة. ولم نعقد ندوات أو حلقات النقاش كما كنا نفعل عشية كل دورة من دورات انعقاد القمة، لا لصعوبة غير عادية فى عقدها ولكن لأننا لم نجد موضوعا يستحق التركيز عليه والاجتماع من أجل مناقشته وسبر أغواره، ولم نجد عددا كافيا مستعدا للتضحية بساعة أو أكثر لمناقشة التوقعات من قمة غير ذات موضوع.
ولم نكن ظالمين للقمة. فقد خرج أوباما من القمة ليعلن أن جماعة الثمانية أنهت دورها وفقدت مع انتهائه سبب وجودها وحان أوان النظر فى أسلوب جديد لتوجيه اقتصاد العالم وجماعة مختلفة تتولى القيادة. ولم نكن مندفعين فى حكمنا على القمة قبل انعقادها فقد سبقنا لولا دى سيلفا رئيس البرازيل عندما قال فى فرنسا وهو فى طريقه إلى القمة إن مجموعة الثمانية لم يعد يوجد سبب يبرر وجودها.
كانت قمة لاكيلا كاشفة أكثر من أى قمة عقدتها مجموعة الثمانية منذ سنوات عديدة. كشفت حقيقة أن المجموعة لا تفى بوعودها التى تقطعها على نفسها فى بياناتها الختامية وتصريحات أعضائها. لم يظهر على حكومة إيطاليا أى حرج يكون قد نتج عن استضافتها القمة رغم أنها الدولة التى قصرت أكثر من أى دولة صناعية أخرى فى تقديم المعونة التى تقررت فى قمم سابقة.
ففى هذه القمم قررت المجموعة العمل على تخفيض معاناة الشعوب الأفريقية وتعويضها عن الأضرار التى تحل بها بسبب سياسات الحماية التى تمارسها دول الاتحاد الأوروبى وبخاصة فرنسا وتمارسها أيضا الولايات المتحدة. وفى تقرير نشرته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية قبل انعقاد قمة لاكيلا أعلنت المنظمة أن الدول الغنية أخفقت فى تدبير مبلغ 23 مليار دولار للوصول بالمعونة الدولية إلى مبلغ الخمسين مليارا الذى تعهدت به المجموعة.
والمعروف أن إيطاليا قررت تخفيض 56٪ من نصيبها فى المعونة دون العودة إلى الدول الأعضاء فى المجموعة ودون الاعتذار للدول النامية التى تلقت وعودا بالمعونة وانتظرت الوفاء بها. وتردد قبل انعقاد مؤتمر لاكيلا أن الحكومة الإيطالية بصدد إجراء مزيد من التخفيض بنسبة10٪. هكذا بدت إيطاليا قبل المؤتمر وخلال انعقاده الدولة الأشد تقصيرا فى تسديد المعونة المقررة. قصرت فرنسا بمبلغ1.249 مليون وألمانيا بمبلغ497 مليونا، والولايات المتحدة بمبلغ 263 مليونا واليابان بمبلغ 13مليونا، وقصرت بريطانيا بمبلغ 448 مليونا ولكنها وعدت المؤتمر بزيادة كبيرة فى العام القادم.
******
وعلى كل حال، لا أحد فى أفريقيا أو غيرها من الأقاليم التى تعانى مشكلات الجوع والفقر الشديد يصدق الأرقام التى تذيعها الدول الغنية. بدا هذا الأمر واضحا حين انضمت المؤسسات الدولية التى تعمل فى حقلى الغذاء والزراعة إلى منظمات وجمعيات المجتمع المدنى للدعوة لأن تكون قمة لاكيلا المنبر الذى توجه منه أصابع الاتهام إلى دول بعينها قصرت فى تنفيذ التعهدات التى التزمت بها القمم السابقة. لذلك تعمدت مصادر أمريكية وبريطانية الإعلان عن خطة جرى إعدادها قبل انعقاد القمة تهدف إلى إقامة صندوق بميزانية قدرها 15 بليون دولار لمحاربة الجوع فى الدول الفقيرة، على أن يجرى الإنفاق منه على امتداد السنوات الثلاث القادمة.
وبعد انتهاء جلسات القمة خرج أوباما ليعلن أمام الصحفيين أن المؤتمر قرر رفع ميزانية الصندوق إلى عشرين مليارا. كان الإعلان بالشكل الذى ظهر فيه إشارة مكشوفة إلى الرأى العام الأفريقى ليعرف أن الفضل يعود إلى الرئيس أوباما فى إقرار هذه الزيادة.
سيوفر الصندوق للدول المستفيدة مشروعات زراعية طويلة الأمد على أمل أن تثمر هذه المشروعات فى الأجل الطويل «أفريقيا جديدة» مصدرة للمحاصيل الغذائية! كان جليا أن إدارة أوباما تقف وراء هذا التطور، خاصة أن أوباما نفسه كان يدعو خلال الحملة الانتخابية إلى استبدال المعونة النقدية بالمشروعات الزراعية بهدف تشجيع المزارع الأفريقى على توفير الغذاء لنفسه بدلا من أن يحصل على معونة نقدية ليشترى بها غذاءه من الخارج.
كان مثيرا للانتباه العدد الكبير من الانتقادات للجماعة وسلوك أعضائها. تركزت الانتقادات على إخفاقها فى تفادى الأزمة المالية العالمية وضعف استجابتها لمشكلة الجوع المتفاقمة.
تردد أيضا فى الدوائر الدبلوماسية والإعلامية الحديث عن حالة فوضى وارتباك شديدين رافقت خطوات الإعداد للمؤتمر. كانت إيطاليا قد ألمحت إلى أنها تنوى عقد القمة فى جزيرة سردينيا، أحد أهم منتجعات إيطاليا وأرقاها، ثم قرر برلسكونى فجأة نقل الاجتماعات إلى مدينة لاكيلا الجميلة التى شوهها الزلزال وبقيت آثاره على مبانيها وطرقاتها. وقيل فى تبرير هذا القرار إن السنيور برليسكونى أراد للقمة أن تجتمع فى جو «مأساة» ليتشجع القادة الأغنياء وينظروا باهتمام وإنسانية إلى شعوب تعيسة تعانى جوعا أو عطشا أو دمارا.
******
أتصور أنه حين يتدنى تفكير أحد قادة مجموعة الأغنياء إلى هذا الحد، يصبح من الصعوبة بمكان على الأمم الفقيرة بل الشعوب كافة، أن تثق فى قادتها ومصائرها، أو تنتظر خيرا من مجموعة كانت تدعى القدرة على قيادة العالم. وأعتقد أنه من دواعى الحسرة، والسخرية أيضا، وكلاهما متوفر فى قطاعات عديدة فى الرأى العام فى عواصم كثيرة، معرفة أن هذه القيادات السياسية كانت هى ذاتها أحد أهم أسباب الفوضى الاقتصادية التى خربت النظام الرأسمالى وأحدثت أزمة عالمية، وأن هذه القيادات ذهبت إلى لاكيلا واجتمعت ورحلت دون أن تضع خطة أو مشروع خطة مشتركة للتعامل مع الأزمة المالية العالمية، ولا أقول خطة أو مشروع خطة مشتركة يتفادى بها العالم تكرار هذه الأزمة مستقبلا.
وتتعمق الحسرة، والسخرية أيضا، عندما يوافق زعماء القمة على مناقشة قضايا القيم وسخونة الجو والفقر وانتشار الأسلحة النووية وقضايا الإرهاب فى الشرق الأوسط، فى ضيافة دولة يتفاخر رئيس وزرائها بفضائحه الأخلاقية ولا يخجل من تراكم الاتهامات ضده بالفساد والرشوة وتلاعبه بالقوانين لمنع محاكمته أمام القضاء. بهذه الموافقة الجماعية، يقول القادة للشعوب، هذه قدوتكم، هكذا يجب أن يكون سلوك قادتكم. لذلك كان مثيرا لسخرية أشد أن يتوجه الرئيس الأمريكى أوباما من إيطاليا حيث نموذج الحكم الرشيد متوجها إلى غانا برسالة تبشير يعظ فيها حكام أفريقيا العالم النامى بالابتعاد عن الفساد وسوء السلوك.
******
تفاديا لحسرة اشتدت وسخرية ازدادت كان يجب على أوباما أن يلقى بالعظة نفسها فى لاكيلا ليستيقظ الكبار ويصبحوا قدوة لحكام آخرين قبل أن يخص حكام أفريقيا وشعوبها بدروس عن الخير والشرف. وكان جديرا به أن يأخذ بنصيحة جوردون براون ويعلن عدم احترام إيطاليا لعهودها التى قطعتها على نفسها فى القمم الماضية، ويطلب منها ومن غيرها من الدول الأوروبية التوقف عن ممارسة التمييز العنصرى والدينى ضد الملونين و«الآخرين»أمثاله. كان جديرا به أن يفعل هذا قبل أن يحط فى أكرا ويطالب الدول المعدمة باحترام العهود والالتزامات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.