ساد ارتياح عالمى عقب اتفاق جنيف بين إيران والدول الكبرى (5+1) الذى يتعلق بالأساس بالملف النووى الإيرانى. وعلى الرغم من ذلك، فقد استقبلته دول الشرق الأوسط بالتوجس أو فى أحسن الأحوال بالترحيب الحذر. هذا التغير فى اتجاهات الدول الكبرى، الذى يتوقع أن تكون له انعكاسات طويلة الأمد على منطقة الشرق الأوسط وربما العالم، يأتى فى لحظة فارقة للدولة المصرية التى تشهد تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة، وتقوم فيه الخارجية المصرية بإعادة ترتيب أوراقها ورسم استراتيجية خارجية جديدة قائمة على الانفتاح على كل الدول وإقامة علاقات متوازنة تخدم المصالح المصرية. وقد يمثل هذا التقارب الإيرانى الغربى، تحديا كبيرا للسياسة الخارجية المصرية أو ربما فرصة ذهبية لتأكيد استقلالية القرار المصرى واستعادة مصر لدورها الإقليمى. فالاتفاق يزيد الترتيبات الإقليمية فى الخليج تعقيدا؛ ففى حين رحبت دول الإمارات والبحرين والكويت وعُمان وقطر بالصفقة، معلنة تفاؤلها حيال إمكانية تلطيف الأجواء بين دول الخليج وطهران، أعلنت السعودية عن تخوفها من التقارب الإيرانى الغربى الذى قد يقوى النفوذ الإيرانى الشيعى فى المنطقة. وفى ظل التعاون المصرى السعودى الذى يشمل النواحى السياسية والاقتصادية بل والعسكرية، فمن المتوقع أن تسفر الزيارتان المتعاقبتان لنبيل فهمى، وزير الخارجية المصرى، للرياض عن تعميق هذا التعاون، لمواجهة أى اتساع مرتقب لنفوذ الدولة الإيرانية فى ظل الاتفاق الأخير. نذكر أن قبل الاتفاق بحوالى شهر، أعلن نبيل فهمى عن استعداد بلاده للعب دور الوسيط بين السعودية وايران، وهو ما يؤكد ليس فقط عمق العلاقات المصرية السعودية ولكن أيضا يعبر عن استعداد مصر لإقامة علاقات مع ايران بما لا يخل بالتلاحم بين مصر والسعودية. تبقى، مع ذلك، القضية السورية محل خلاف بين كل من مصر وايران والسعودية، فهى إما أن تمثل مفتاح انفراجة فى العلاقات بين هذه الدول أو تعقدها