فى مواجهة النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ يتمثل واجب المطالبين بالديمقراطية والمدافعين عن قيمها فى النضال السلمى والعمل المستمر ودون استعلاء لإقناع القطاعات الشعبية بمراجعة مواقفها وتفضيلاتها، وتبيان واقع أن التنظيم الديمقراطى هو الضامن الوحيد لحقوقهم وحرياتهم ومناط الأمل لدفع دولهم ومجتمعاتهم نحو التقدم والمساواة والعدل، وتفنيد المقولات التبريرية للقمع وللظلم ولهيمنة الديكتاتور الفرد أو الحزب الواحد أو المكون العسكرى الأمنى أو شبكات الفساد. وبهذه الروح ولهذه الأهداف، أدعو المصريات والمصريين مجددا إلى الاستفاقة ومراجعة مواقفهم من أوضاعنا الراهنة، أدعو الناس ولا أخاطب النخب السياسية والاقتصادية والمالية والإعلامية التى تخلت عن الديمقراطية وروجت لتدخل الجيش فى السياسة وقبلت المشاركة فى ترتيبات ما بعد 3 يوليو 2013، أدعو الناس ولا أخاطب نخبة اليمين الدينى التى لم تسع لبناء الديمقراطية حين سيطرت على موقع الرئاسة وموقع الأغلبية البرلمانية قبل 3 يوليو 2013. أدعو كل من أيدوا تهليلا أو صمتا القمع والممارسات الأمنية ومهدوا بذلك لعودة هيمنة المكون العسكرى الأمنى على السياسة وسيطرة أبواقه على المساحة العامة فى مصر إلى المراجعة، فالقمع لا حدود عقلانية له والممارسات الأمنية لا رشادة ولا إنسانية فيها ولنا فى إلقاء القبض على المستشار محمود الخضيرى مثال صادم، والمسار الحتمى الوحيد لهم إذا لم يواجههم الناس هو المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان والانتقاص من الحريات. أدعو كل من دافعوا عن فض الاعتصامات بالقوة ومنع التجمعات والمسيرات والتظاهرات وساندوا الإجراءات الاستثنائية والاعتقالات لأنها طالت أولا الإخوان وعناصرهم وحلفائهم إلى المراجعة، فالفض والمنع لن يوظفا فقط ضد من تختلفون معهم فكريا وسياسيا ولنا فى تعامل الأجهزة الأمنية مع تجمعات. وتظاهرات معارضى القانون المعروف شعبيا بقانون التظاهر ومعارضى محاكمة المدنيين عسكريا دليل واضح، والإجراءات الاستثنائية لن تترك المجموعات المعارضة لهيمنة المكون العسكرى الأمنى والمدافعة عن مبادئ الديمقراطية بتوجهات ليبرالية أو يسارية دون عقاب. أدعو كل من استساغوا المساومة على حقوق الإنسان والحريات وتبرير الانتهاكات بمعايير مزدوجة وقبلوا تمرير قانون قمعى يجرم التجمع والتظاهر السلمى ووافقوا على «دسترة» محاكمة المدنيين عسكريا بحجج استبدادية واهية تتجاهل وجود نصوص قانونية مستقرة تكفى لمحاسبة غير الملتزمين بسلمية التظاهر والمتورطين فى العنف تحريضا أو ممارسة إلى المراجعة، فالانتهاكات والقوانين القمعية والنصوص الدستورية القمعية تستهدف تهجيرنا جميعا كمواطنات ومواطنين من المساحة العامة والسياسية وإخضاعنا تهليلا أو صمتا لهيمنة المكون العسكرى الأمنى والذى أبدا لن يحقق لا التقدم ولا المساواة ولا العدل. أدعو كل من زيفت الأبواق المسيطرة حاليا على الإعلام وعيهم وصدقوا تشويه المدافعين عن حقوق الإنسان بغراء الخلايا الإخوانية النائمة والطابور الخامس واستجابوا للترويج لمقولات فاشية الإقصاء والتفويض الشعبى ولتجاهل الحقوق والحريات إلى المراجعة، فالدول والمجتمعات حين تبتغى التقدم والمساواة والعدل تواجه الإرهاب والعنف وتهديدات السلم الأهلى بالتزام بالقانون وسيادته وتقاوم الانتهاكات كى تمنع تراكم الظلم والمظالم، تواجه وتقاوم بمساءلة ومحاسبة وبعدالة انتقالية غير انتقائية، تواجه وتقاوم دون تخل عن القيم والإجراءات الديمقراطية ودون وضع للمكون العسكرى الأمنى فوق المساءلة والمحاسبة وفوق الدولة والمجتمع. إلى المصريات والمصريين، وليس إلى النخب، هذه لحظة للمراجعة، فلا تضيعوها. غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر