كتب جوناثان فريدلاند مقالا نشر بجريدة الجارديان بعنوان «النرجسية الصارخة دعوة للتواصل»، استهل الكاتب المقال بعرض نتيجة مسح أجراه محررو قاموس إكسفورد كشفت عن زيادة فى استخدام صورة الذات بنسبة 17 ألفا فى المائة. فنحن على غرار الأسطورة القديمة، لا نستطيع أن نتوقف عن التحديق فى انعكاس صورتنا. ويضيف الكاتب، للوهلة الأولى تبدو هذه الظاهرة واضحة للغاية. فهى تعنى حرفيا التركيز على الذات. والأكثر من ذلك، أنها أنانية من النوع السطحى. فالأمر لا يتعلق بالتركيز علىّ شخصيا، وإنما على صورتى. فهى تستدعى إصدار حكم بناء على المظهر وحده. فأنت تنشر صورة لنفسك وتنتظر الحكم، حيث تدعم قيمتك الذاتية موجة سعيدة من إشارات الإعجاب، أو تدمر بسبب العكس الصمت الهائل. ولكن على تويتر على الأقل، يقيم الأشخاص بعضهم بعضا من حيث الطرافة أو الأفكار، بدلا من تقييم شعر الشخص. ومن أجل فهم مدى هذه السطحية، تأمل التعليق الذى يرفق به الشخص صورته عند حضوره جنازة «أحب شعرى اليوم. أكره سبب ارتدائى لملابس جنازة». غير أن الإدانة لا يمكن أن تكون الرد الوحيد على ظاهرة منتشرة لهذا الحد، ومن الواضح أن عشرات الملايين يتلذذون بها. ويشى الطابع غير الرسمى للفظ «صورة ذاتية» بشىء حقيقى يتعلق بهذه الصور الذاتية الفورية: إن هؤلاء الناس لا يأخذون أنفسهم على محمل الجد. وعلى حد قول الفنانة جيليان ويرنج «كلمة صورة ذاتية رائعة حقا. فهى تغلف وقت: فورى وسريع ومضحك. فهى تبدو طريفة وبسيطة». وصحيح أيضا، أنه رغم أن التكنولوجيا ربما تكون جديدة، فإن الغريزة التى تشبعها ليست كذلك: فمنذ فجر التاريخ يتوق البشر إلى تصوير أنفسهم ووجوههم؛ سواء من خلال الرسم على الكهوف، أو عبر كاميرا الهواتف الذكية الآن. ••• وفى الختام يرى الكاتب أنه ربما يكون للصورة الذاتية ميزة التعويض، إلا أنها لا تهدف إلى أن ينظر إليها صاحبها وحده؛ ولكن الغرض المعتاد منها هو أن تنتقل عبر وسائل الاعلام الاجتماعية. وتعتبر كلمة «الاجتماعية» هنا هى المفتاح. فربما تركز هذه الصورة على الذات، لكنها تعبر أيضا على حاجة إنسانية أزلية للتواصل مع الآخرين. وفى هذا الصدد، فإن الصور الذاتية مثلها مثل أى شىء آخر فى العالم يبدو أنها تتعلق ب«الأنا». ولكن طبيعتها اجتماعية تكشف عن سعى شديد للعثور على «نحن».