مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    الداخلية تواصل تطوير خدماتها: منافذ جديدة وتقنيات ذكية لتيسير الإجراءات على المواطنين | فيديو    «نقل الكهرباء» توقّع عقد إنشاء محطة محولات بلبيس الجديدة    انقطاع التيار الكهربائي عن الحديدة غرب اليمن جراء 20 غارة إسرائيلية    وزيرا خارجية تركيا وإيران يناقشان المحادثات النووية في قمة بريكس    كشف صادم عن أضرار غير مسبوقة لحقت بمعهد «وايزمان» للعلوم في إسرائيل    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 7 يوليو 2025    دنيا ماهر: لا يشغلني التريند.. ومستعدة للزواج مرة آخرى    انتهاء الجلسة الأولى من محادثات وقف إطلاق النار في قطر دون نتيجة حاسمة    جهاز تصفيف الشعر السبب في حريق صالون حريمي بالشروق    تفاصيل موافقة النواب على تعديلات قانون الرياضة    وزير خارجية فرنسا ل نظيره الإيراني: نطالب بالإفراج الفوري عن مواطنينا المحتجزين    تصعيد دموي في غزّة والضفة: عشرات الشهداء وعين على مفاوضات الدوحة    على طريقة غادة والي.. فنانة دانماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحاتها    إنبي يوضح موقف عبد الناصر محمد بعد انتقاله للزمالك    الأهلي ينتظر وصول عرض رسمي يتخطى ال10 مليون دولار للموافقة على بيع وسام أبو علي    قبل جوتا.. 4 أندية تقرر حجب رقم قميص لاعبها    مع اقتراب نصف النهائي.. ترتيب القوى في مونديال الأندية 2025    سلة الاتحاد السكندرى تتعاقد مع أحمد عزب لمدة 3 مواسم    أحمد حمودة: حسام عبد المجيد لم يقدم شيئا للزمالك وتجديد عبد الله الصفقة الأفضل    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    مصدر فلسطيني: انطلاق المفاوضات في قطر بشأن الهدنة في غزة    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غزة: نرفض الإدعاءات الأمريكية باستهداف مؤسسة الإغاثة الإنسانية.. إيران: عدوان إسرائيل يحمل عواقب وخيمة على السلام عالميا.. ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على إنهاء الحرب    سرقوا توكتوك وصاحبه تحت الإكراه .. محاكمة لصوص مدينة نصر أمام الجنايات    وفاة فتاة عشرينية متأثرة بإصاباتها في حادث طريق "بلبيس - مسطرد"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة فيديو الجيزة المثير للجدل    المرور في ثوب جديد.. تطوير شامل وتحول رقمي لخدمة المواطن    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مواقع تابعة لحزب الله في لبنان    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    25 صورة من عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر    يوتوبيا: قصة المدينة الفاضلة التي وُلدت كبديل للطغيان والفساد    عن "دار العلوم" العزيزة أتحدث    يتحدث 5 لغات واهتم بمتابعة الأهلي.. 20 معلومة عن يانيك فيريرا مدرب الزمالك الجديد    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    سعر الذهب اليوم الإثنين 7 يوليو محليا وعالميا في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة    "التموين" تُعاقب 13 موظفًا بعد تجاوزاتهم في صرف السلع التموينية    محافظ القاهرة: مستمرون في حصر العقارات الآيلة للسقوط وإزالة عقار مائل بحي طرة    "سينما 30" و"مرسل إلى" يحصدان أفضل عرض بالمهرجان الختامي للفرق المسرحية    إدوارد يكشف عن إصابته بالسرطان    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    سفير أنقرة: ندعم الاستثمارات التركية و500 فرصة عمل جديدة فى مجال المنسوجات    وليد سعد: لحنت أغاني مؤثرة في مشوار عمرو دياب ومبسوط بنجاح «هلونهم»    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    أسعار البلح السيوي وتمور سيوة اليوم في أسواق مطروح    تجهيز مركز طب أسرة الزهراء بطور سيناء استعدادًا لبدء التشغيل (صور)    تأثير التونة على الكوليسترول- تزيده أم تخفضه؟ "فيديوجرافيك"    المغرب    الموعد الرسمي لصرف مرتبات يوليو 2025 بالزيادات وجدول الحد الأدنى للأجور    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    دعاء السفر.. اللهم احفظنى فى سفرى وارزقنى السلامة    تأجيل إضراب أزمة الرسوم القضائية المميكنة للتشاور    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر والرباط.. زوبعة أم خلاف عابر؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 11 - 2013

كتب جاك روسولييه، أستاذ فى الجامعة العسكرية الأمريكية، مقالا تحليليا نشر بالموقع الالكترونى لمركز كارنيجى للشرق الأوسط، تناول فيه تفاقُم الخلاف مؤخرا بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية، وأنه يتمحور حول النفوذ الدبلوماسى للبلدَين أكثر منه حول حقوق الإنسان.
قطعت بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية نصف الطريق فى تفويضها الممدّد المرتقب تجديده مرة أخرى خلال مداولات مجلس الأمن الدولى فى أبريل 2014. فى غضون ذلك، نجحت الجهود الدبلوماسية الجزائرية فى تطويق الرباط فى مسألة حقوق الإنسان الشائكة فى الأراضى المتنازع عليها فى الصحراء الغربية، فيما يبدو وكأنه استراتيجية مدبَّرة بتأنٍّ شديد، وتبادل مدروس للحجج.
بدأ كل شىء مع الخطاب الذى ألقاه الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة فى 28 أكتوبر الماضى خلال مؤتمر للتضامن مع قضية الصحراء الغربية فى أبوجا فى نيجيريا، وقد دعا فيه إلى توسيع تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. ليست الفكرة جديدة، فقد جُرِّبت فى مجلس الأمن الدولى العام الماضى ولكن من دون أن تتكلّل بالنجاح، مع العلم بأن قرار مجلس الأمن الصادر حول الصحراء الغربية فى العام 2013 أتى على ذكر مراقبة حقوق الإنسان فى تلك المنطقة.
المكان الذى انعقد فيه المؤتمر وسياقه وكذلك غياب ممثّلين عن الدولة المغربية، كل هذه العوامل جعلت الخطوة الجزائرية تبدو محاولة غير مؤاتية، وإن تكن متوقّعة، لتصعيد حدّة التوتّر فى العلاقات الثنائية. ربما ساهمت محطّات عدة متلاحقة أو مرتقبة فى دفع الجزائر نحو اتّخاذ قرار فجائى بتجديد الدعوات لإضافة مراقبة حقوق الإنسان إلى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية، وتتمثّل هذه الأحداث بالزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى البيت الأبيض، وانتخاب المغرب (إلى جانب الجزائر) فى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والاضطرابات التى تحدّثت عنها التقارير فى بلدتين أساسيتين فى الصحراء الغربية (العيون والسمارة) فى أكتوبر الماضى، والتى تزامنت مع الجولة الميدانية التى قام بها مبعوث الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، إلى المنطقة، والضغوط التى تمارسها المنظمات الأهلية (على غرار هيومن رايتس ووتش) وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكى، على البيت الأبيض لإضافة مراقبة حقوق الإنسان إلى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية. فكل هذه العناصر جعلت التوقيت مؤاتيا جدا بالنسبة إلى الجزائر.

وقد وقع المغرب فى الفخ الجزائرى عبر استدعاء سفيره فى الجزائر للتشاور، وكذلك من خلال الانتقادات حادّة اللهجة التى وجّهها الملك محمد السادس إلى الجزائر وتعبيره عن غضبه من نواياها العدائية، فى الخطاب الذى ألقاه فى 6 نوفمبر الحالى، فى الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء (ضم الصحراء الغربية). وهكذا حقّقت الجزائر مآربها بالضرب على الوتر الحسّاس لدى الرباط: حقوق الإنسان والوضع المجتمعى الهش فى الصحراء الغربية.
ولم ينجح اعتذار المغرب بخفرٍ عن نزع العلم الجزائرى عن مبنى القنصلية الجزائرية فى الدار البيضاء، فى تهدئة الغضب الجزائرى. إلا أن الجزائر لم تردّ على هذه الخطوة على مستوى تمثيلها الدبلوماسى فى المغرب، فيما يؤشّر ربما إلى أنها سجّلت مكاسب سياسية فى مواجهة الدبلوماسية المغربية الأقل حنكة التى لا تزال بحاجة إلى اكتساب بعض المهارات فى التحكّم بالغضب.
لم يأتِ الحوار الصريح بين البلدَين، عقب هذه الحادثة، بأى جديد، بل سمح للجزائر بأن تحافظ على الهدوء والثبات فى مواجهة ما اعتبرته ردّ فعل مبالغا فيه من جانب الرباط وإخفاقا فى إدارة شئون الدولة. واستطاعت الجزائر أن تعيد تأكيد موقفها بأن قضية الصحراء الغربية تتعلّق بالتخلّص من الاستعمار، وبأن السبيل الأفضل لمعالجتها يقع ضمن إطار الأمم المتحدة، وبالتالى يجب ألا تؤثّر فى العلاقات الثنائية مع المغرب، فى حين تعتمد الرباط موقفا دفاعيا فى موضوع حقوق الإنسان. تبدو الجزائر، على الرغم من ادّعائها عدم التدخّل فى شئون الصحراء الغربية، غير مستعدّة للتنازل عن المطالبة بضم حقوق الإنسان إلى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية. ولم يأتِ هذا الشجار غير الدبلوماسى إلى حد ما، بجديد فى السياسات، بل زاد من حدّة التشنّج فى العلاقات الثنائية، كما أبرز الفشل فى عزل الصحراء الغربية عن هذه العلاقات. فى الإجمال، تتضاءل أكثر فأكثر حظوظ التقدّم نحو التوصّل إلى تسوية دائمة للنزاع على الصحراء الغربية.

بعيدا عن تبادل الروايات والروايات المضادّة بين طرفَى النزاع، تصبّ مسألة حقوق الإنسان فى مصلحة الولايات المتحدة، كونها تسلّط الضوء على قضية الصحراء الغربية من منظار يوحّد بين أفرقاء لا يجمع بينهم الكثير، والمقصود بذلك المحافظين الجدد والديمقراطيين المثاليين، وذلك فى إطار الترويج لمقاربة قائمة على الحقوق من أجل تسوية النزاع بالاستناد إلى استفتاء لتقرير المصير.
ليست بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية الوحيدة التى لا تندرج حقوق الإنسان ضمن نطاق تفويضها، بين البعثات التابعة للأمم المتحدة والمكلّفة حفظ السلام فى الزمن الحديث. واقع الحال هو أن هذه البعثة فريدة بين نظيراتها فى الشرق الأوسط فى كونها تضع تقارير عن حقوق الإنسان فى منطقة عملها، على الرغم من أنها لا تمتلك تفويضا محددا فى هذا المجال. فضلا على ذلك، فإن بعثات حفظ السلام المماثلة التى أنشأتها الأمم المتحدة فى مطلع التسعينيات للإشراف على انتخابات تقرير المصير والعمليات الانتقالية فى أفريقيا الجنوبية (بينها بعثة الأمم المتحدة للتحقق فى أنجولا، ومجموعة الأمم المتحدة للمساعدة فى العمليات الانتقالية، وعملية الأمم المتحدة فى موزمبيق) لم تتضمّن تفويضا قائما فى ذاته لمراقبة حقوق الإنسان أو وضع تقارير عنها، على الرغم من أن العمل على فرض مراعاة حقوق الإنسان فى الانتخابات، وآليات التصويت، وأنشطة الشرطة، والإفراج عن السجناء السياسيين، وسواها من الأمور، اشتمل ضمنا على تفويض لمراقبة حقوق الإنسان ووضع التقارير عنها. أصبح تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية غير ذى مغزى فى الإجمال، فلا الأمم المتحدة ولا أى طرف فى النزاع يدعم خطة التسوية التى وُضِعت فى عام 1991. بدلا من ذلك، تدعم جبهة البوليساريو والجزائر خطة بايكر للسلام، فيما يتمسّك المغرب بخطته الداعية إلى إرساء الحكم الذاتى فى الصحراء الغربية. ليس هناك حيّزٌ كافٍ للمفاوضات وسط الإملاءات الداخلية والدبلوماسية الملحّة التى تفرض على المغرب والجزائر استعراض عضلاتهما فى مسألة الصحراء الغربية والتنافس على النفوذ الإقليمى. وهكذا ظهرت مسألة حقوق الإنسان بمثابة متنفّس يعبّر الفريقان من خلاله عن غضبهما ويتبادلان الملامة فى المأزق الشديد الذى بلغه النزاع على الصحراء الغربية.

لكن ونظرا إلى أن حقوق الإنسان ليست مجسّدة فى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية ووظائفها، يبقى أى نقاش حول انتهاكات حقوق الإنسان فى الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين الصحراويين خارج اختصاص الأمم المتحدة، الأمر الذى يؤدّى إلى استمرار الفراغ السياسى والدبلوماسى الذى يؤثّر سلبا فى «مناخ بناء الثقة» بين المغرب والجزائر، ويقوّض بالتالى آفاق الحوار بين البلدَين. ومن شأن الضغوط المستمرة التى تُمارَس على الولايات المتحدة وفرنسا، حليفتَى المغرب، داخل مجلس الأمن، أن تفرض أيضا اعتماد مقاربة مؤسّسية للتوصّل إلى إطار مؤسّسى مناسب وضرورى وملحّ لمعالجة مسائل حقوق الإنسان، مع تحوّل الديناميكية العامة للمفاوضات حول الصحراء الغربية من مخططات السلام والحكم الذاتى، إلى حقوق الإنسان والوضع الداخلى فى الصحراء الغربية. نظرا إلى أن بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية تعانى أكثر فأكثر من غياب الفاعلية، غالب الظن أنها لن تكون فاعلة أيضا فى مراقبة حقوق الإنسان فى حال أضيفت إلى تفويضها. بل يجب النظر فى اعتماد إجراء خاص داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إما من خلال مُقرِّر خاص أو خبير مستقل فى أوضاع حقوق الإنسان فى الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين الصحراويين فى جنوب غرب الجزائر، وإما عبر الاستعانة بمُقرِّرين وخبراء ومجموعات عمل متخصّصين فى مسائل مثل الاعتقال التعسّفى والاختفاء القسرى أو غير الطوعى، للتحقيق فى القضايا المتعلّقة بالأوضاع فى الصحراء الغربية. إنّ اعتماد آلية شفّافة وخاضعة بالكامل إلى المساءلة لمراقبة حقوق الإنسان (آلية دولية الطابع وممأسسة) فى الصحراء الغربية، أفضل من الاستغلال السياسى الحالى الذى يؤثّر سلبا فى المساعى المعقّدة والهشّة التى تُبذَل من أجل إطلاق عملية تفاوضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.