لتعزيز وعي الأمة، «البحوث الإسلامية» يطلق مسابقة بحثيَّة بعنوان: "أهل القبلة كلهم موحدون"    سعر الريال القطرى اليوم الثلاثاء 8 -7-2025 فى البنوك الرئيسية    وكيل اتصالات النواب عن حريق سنترال رمسيس: نريد خطة عاجلة لإعادة هيكلة الخدمة    "بتكوين" تتراجع تحت ضغط الرسوم الأمريكية الجديدة وموجة حذر بالأسواق    وزيرا الكهرباء وقطاع الأعمال يبحثان التعاون في مجالات تحسين كفاءة الطاقة    نتنياهو تعليقا على مقتل 5 جنود: "صباح صعب"    ردا على رسوم ترامب.. ماليزيا: سنواصل التفاوض مع واشنطن لتسوية القضايا العالقة    ربنا يرحمهم.. أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس (إنفوجراف)    انطلاق جلسة النواب لاستكمال مناقشة مشروع قانون الرياضة    الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة    انتشار سيارات الإطفاء وخزانات استراتيجية بمحيط حريق سنترال رمسيس    وزير الصحة: 27 مصابا فى حادث حريق سنترال رمسيس وانتشال 4 جثامين    أجواء شديدة الحرارة ورطوبة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة    القضاء الإداري تعيد قضايا عرض فيلم "الملحد" للمرافعة لحضور ممثل عن وزارة الثقافة    ذات يوم 8 يوليو 1972.. إسرائيل ترتكب جريمة اغتيال المناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى الذى أخلص لمقولته: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين»    بجوار سنترال رمسيس.. كل ما تريد معرفته عن تاريخ معهد الموسيقى العربية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد مركز أورام أسوان ومستشفي أسوان التخصصى    التنسيقية تشارك في الاجتماع الثاني للقائمة الوطنية من أجل مصر لانتخابات الشيوخ    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    طعنة في قلب الصداقة.. خلاف مالي تحول إلى جريمة قتل بالمطرية    تعرف على الطرق البديلة عقب قرار غلق الطريق الإقليمي لمدة أسبوع    التقديم الإلكتروني للصف الأول الثانوي 2025.. رابط مباشر وخطوات التسجيل والمستندات المطلوبة    بالأرقام.. جون إدوارد يفاجئ فيريرا بصفقة سوبر في الزمالك (خاص)    تنسيق الجامعات 2025.. أماكن أداء اختبارات القدرات لكليات علوم الرياضة    منة بدر تيسير ل أحمد السقا: «تعامل بشيم الرجال.. وربنا رد على اللي ظلم»    هل تنبأ فيلم «ريستارت» بقطع الإنترنت عن مصر؟ تامر حسني يجيب (فيديو مسرب)    "طلقنى" يجمع كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربينى للمرة الثانية في السينما    ترامب: أود رفع العقوبات عن إيران في الوقت المناسب    قوات الاحتلال تضرم النيران في منزل داخل مخيم نور شمس شرق طولكرم    ريبيرو يحسم مصير رباعي الأهلي    والد ماسك: ترامب وابني فريق واحد.. وتصرفات إيلون تزيد اهتمام الجمهور بما يفعله الرئيس الأمريكي    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    نتنياهو يُسلّم ترامب خطاب ترشحه لجائزة نوبل ويطرح الخيار الحر لتهجير سكان غزة    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    رغم غيابه عن الجنازة، وعد كريستيانو رونالدو لزوجة ديوجو جوتا    احمي نفسك وأنقذ غيرك، هيئة الدواء تطالب بهذا الإجراء فورا حالة ظهور أي آثار جانبية للأدوية    نتنياهو يريد آلية مع الولايات المتحدة لمنع إيران من إعادة بناء برنامجها النووى    اتحاد بنوك مصر: البنوك ستعمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء رغم التأثر بحريق سنترال رمسيس    رسميا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    وسط صراع ثلاثي.. الأهلي يحدد مهلة لحسم موقف وسام أبوعلي    وفاء عامر تتصدر تريند جوجل بعد تعليقها على صور عادل إمام وعبلة كامل: "المحبة الحقيقية لا تُشترى"    بعد حريق سنترال رمسيس..متي تعود خدمات الاتصالات في القاهرة والجيزة؟    من البيت.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (الرسوم والأوراق المطلوبة)    التعليم العالي يوافق على إنشاء جامعة العريش التكنولوجية.. التفاصيل الكاملة    5 وظائف جديدة في البنك المركزي .. التفاصيل والشروط وآخر موعد ورابط التقديم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    مفاجآت غير سارة في العمل.. حظ برج الدلو اليوم 8 يوليو    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    في حريق سنترال رمسيس.. وجميع الحالات مستقرة    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    الدكتورة لمياء عبد القادر مديرًا لمستشفى 6 أكتوبر المركزي (تفاصيل)    لعلاج الألم وتخفيف الالتهاب.. أهم الأطعمة المفيدة لمرضى التهاب المفاصل    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر والرباط.. زوبعة أم خلاف عابر؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 11 - 2013

كتب جاك روسولييه، أستاذ فى الجامعة العسكرية الأمريكية، مقالا تحليليا نشر بالموقع الالكترونى لمركز كارنيجى للشرق الأوسط، تناول فيه تفاقُم الخلاف مؤخرا بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية، وأنه يتمحور حول النفوذ الدبلوماسى للبلدَين أكثر منه حول حقوق الإنسان.
قطعت بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية نصف الطريق فى تفويضها الممدّد المرتقب تجديده مرة أخرى خلال مداولات مجلس الأمن الدولى فى أبريل 2014. فى غضون ذلك، نجحت الجهود الدبلوماسية الجزائرية فى تطويق الرباط فى مسألة حقوق الإنسان الشائكة فى الأراضى المتنازع عليها فى الصحراء الغربية، فيما يبدو وكأنه استراتيجية مدبَّرة بتأنٍّ شديد، وتبادل مدروس للحجج.
بدأ كل شىء مع الخطاب الذى ألقاه الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة فى 28 أكتوبر الماضى خلال مؤتمر للتضامن مع قضية الصحراء الغربية فى أبوجا فى نيجيريا، وقد دعا فيه إلى توسيع تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. ليست الفكرة جديدة، فقد جُرِّبت فى مجلس الأمن الدولى العام الماضى ولكن من دون أن تتكلّل بالنجاح، مع العلم بأن قرار مجلس الأمن الصادر حول الصحراء الغربية فى العام 2013 أتى على ذكر مراقبة حقوق الإنسان فى تلك المنطقة.
المكان الذى انعقد فيه المؤتمر وسياقه وكذلك غياب ممثّلين عن الدولة المغربية، كل هذه العوامل جعلت الخطوة الجزائرية تبدو محاولة غير مؤاتية، وإن تكن متوقّعة، لتصعيد حدّة التوتّر فى العلاقات الثنائية. ربما ساهمت محطّات عدة متلاحقة أو مرتقبة فى دفع الجزائر نحو اتّخاذ قرار فجائى بتجديد الدعوات لإضافة مراقبة حقوق الإنسان إلى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية، وتتمثّل هذه الأحداث بالزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى البيت الأبيض، وانتخاب المغرب (إلى جانب الجزائر) فى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والاضطرابات التى تحدّثت عنها التقارير فى بلدتين أساسيتين فى الصحراء الغربية (العيون والسمارة) فى أكتوبر الماضى، والتى تزامنت مع الجولة الميدانية التى قام بها مبعوث الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، إلى المنطقة، والضغوط التى تمارسها المنظمات الأهلية (على غرار هيومن رايتس ووتش) وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكى، على البيت الأبيض لإضافة مراقبة حقوق الإنسان إلى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية. فكل هذه العناصر جعلت التوقيت مؤاتيا جدا بالنسبة إلى الجزائر.

وقد وقع المغرب فى الفخ الجزائرى عبر استدعاء سفيره فى الجزائر للتشاور، وكذلك من خلال الانتقادات حادّة اللهجة التى وجّهها الملك محمد السادس إلى الجزائر وتعبيره عن غضبه من نواياها العدائية، فى الخطاب الذى ألقاه فى 6 نوفمبر الحالى، فى الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء (ضم الصحراء الغربية). وهكذا حقّقت الجزائر مآربها بالضرب على الوتر الحسّاس لدى الرباط: حقوق الإنسان والوضع المجتمعى الهش فى الصحراء الغربية.
ولم ينجح اعتذار المغرب بخفرٍ عن نزع العلم الجزائرى عن مبنى القنصلية الجزائرية فى الدار البيضاء، فى تهدئة الغضب الجزائرى. إلا أن الجزائر لم تردّ على هذه الخطوة على مستوى تمثيلها الدبلوماسى فى المغرب، فيما يؤشّر ربما إلى أنها سجّلت مكاسب سياسية فى مواجهة الدبلوماسية المغربية الأقل حنكة التى لا تزال بحاجة إلى اكتساب بعض المهارات فى التحكّم بالغضب.
لم يأتِ الحوار الصريح بين البلدَين، عقب هذه الحادثة، بأى جديد، بل سمح للجزائر بأن تحافظ على الهدوء والثبات فى مواجهة ما اعتبرته ردّ فعل مبالغا فيه من جانب الرباط وإخفاقا فى إدارة شئون الدولة. واستطاعت الجزائر أن تعيد تأكيد موقفها بأن قضية الصحراء الغربية تتعلّق بالتخلّص من الاستعمار، وبأن السبيل الأفضل لمعالجتها يقع ضمن إطار الأمم المتحدة، وبالتالى يجب ألا تؤثّر فى العلاقات الثنائية مع المغرب، فى حين تعتمد الرباط موقفا دفاعيا فى موضوع حقوق الإنسان. تبدو الجزائر، على الرغم من ادّعائها عدم التدخّل فى شئون الصحراء الغربية، غير مستعدّة للتنازل عن المطالبة بضم حقوق الإنسان إلى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية. ولم يأتِ هذا الشجار غير الدبلوماسى إلى حد ما، بجديد فى السياسات، بل زاد من حدّة التشنّج فى العلاقات الثنائية، كما أبرز الفشل فى عزل الصحراء الغربية عن هذه العلاقات. فى الإجمال، تتضاءل أكثر فأكثر حظوظ التقدّم نحو التوصّل إلى تسوية دائمة للنزاع على الصحراء الغربية.

بعيدا عن تبادل الروايات والروايات المضادّة بين طرفَى النزاع، تصبّ مسألة حقوق الإنسان فى مصلحة الولايات المتحدة، كونها تسلّط الضوء على قضية الصحراء الغربية من منظار يوحّد بين أفرقاء لا يجمع بينهم الكثير، والمقصود بذلك المحافظين الجدد والديمقراطيين المثاليين، وذلك فى إطار الترويج لمقاربة قائمة على الحقوق من أجل تسوية النزاع بالاستناد إلى استفتاء لتقرير المصير.
ليست بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية الوحيدة التى لا تندرج حقوق الإنسان ضمن نطاق تفويضها، بين البعثات التابعة للأمم المتحدة والمكلّفة حفظ السلام فى الزمن الحديث. واقع الحال هو أن هذه البعثة فريدة بين نظيراتها فى الشرق الأوسط فى كونها تضع تقارير عن حقوق الإنسان فى منطقة عملها، على الرغم من أنها لا تمتلك تفويضا محددا فى هذا المجال. فضلا على ذلك، فإن بعثات حفظ السلام المماثلة التى أنشأتها الأمم المتحدة فى مطلع التسعينيات للإشراف على انتخابات تقرير المصير والعمليات الانتقالية فى أفريقيا الجنوبية (بينها بعثة الأمم المتحدة للتحقق فى أنجولا، ومجموعة الأمم المتحدة للمساعدة فى العمليات الانتقالية، وعملية الأمم المتحدة فى موزمبيق) لم تتضمّن تفويضا قائما فى ذاته لمراقبة حقوق الإنسان أو وضع تقارير عنها، على الرغم من أن العمل على فرض مراعاة حقوق الإنسان فى الانتخابات، وآليات التصويت، وأنشطة الشرطة، والإفراج عن السجناء السياسيين، وسواها من الأمور، اشتمل ضمنا على تفويض لمراقبة حقوق الإنسان ووضع التقارير عنها. أصبح تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية غير ذى مغزى فى الإجمال، فلا الأمم المتحدة ولا أى طرف فى النزاع يدعم خطة التسوية التى وُضِعت فى عام 1991. بدلا من ذلك، تدعم جبهة البوليساريو والجزائر خطة بايكر للسلام، فيما يتمسّك المغرب بخطته الداعية إلى إرساء الحكم الذاتى فى الصحراء الغربية. ليس هناك حيّزٌ كافٍ للمفاوضات وسط الإملاءات الداخلية والدبلوماسية الملحّة التى تفرض على المغرب والجزائر استعراض عضلاتهما فى مسألة الصحراء الغربية والتنافس على النفوذ الإقليمى. وهكذا ظهرت مسألة حقوق الإنسان بمثابة متنفّس يعبّر الفريقان من خلاله عن غضبهما ويتبادلان الملامة فى المأزق الشديد الذى بلغه النزاع على الصحراء الغربية.

لكن ونظرا إلى أن حقوق الإنسان ليست مجسّدة فى تفويض بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية ووظائفها، يبقى أى نقاش حول انتهاكات حقوق الإنسان فى الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين الصحراويين خارج اختصاص الأمم المتحدة، الأمر الذى يؤدّى إلى استمرار الفراغ السياسى والدبلوماسى الذى يؤثّر سلبا فى «مناخ بناء الثقة» بين المغرب والجزائر، ويقوّض بالتالى آفاق الحوار بين البلدَين. ومن شأن الضغوط المستمرة التى تُمارَس على الولايات المتحدة وفرنسا، حليفتَى المغرب، داخل مجلس الأمن، أن تفرض أيضا اعتماد مقاربة مؤسّسية للتوصّل إلى إطار مؤسّسى مناسب وضرورى وملحّ لمعالجة مسائل حقوق الإنسان، مع تحوّل الديناميكية العامة للمفاوضات حول الصحراء الغربية من مخططات السلام والحكم الذاتى، إلى حقوق الإنسان والوضع الداخلى فى الصحراء الغربية. نظرا إلى أن بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء الغربية تعانى أكثر فأكثر من غياب الفاعلية، غالب الظن أنها لن تكون فاعلة أيضا فى مراقبة حقوق الإنسان فى حال أضيفت إلى تفويضها. بل يجب النظر فى اعتماد إجراء خاص داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إما من خلال مُقرِّر خاص أو خبير مستقل فى أوضاع حقوق الإنسان فى الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين الصحراويين فى جنوب غرب الجزائر، وإما عبر الاستعانة بمُقرِّرين وخبراء ومجموعات عمل متخصّصين فى مسائل مثل الاعتقال التعسّفى والاختفاء القسرى أو غير الطوعى، للتحقيق فى القضايا المتعلّقة بالأوضاع فى الصحراء الغربية. إنّ اعتماد آلية شفّافة وخاضعة بالكامل إلى المساءلة لمراقبة حقوق الإنسان (آلية دولية الطابع وممأسسة) فى الصحراء الغربية، أفضل من الاستغلال السياسى الحالى الذى يؤثّر سلبا فى المساعى المعقّدة والهشّة التى تُبذَل من أجل إطلاق عملية تفاوضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.