بشرى سارة بشأن ضريبة التصرفات العقارية.. وزير المالية يكشف التفاصيل    محاكمة كبرى لعمالقة السيارات الأوروبية في لندن.. بسبب التلاعب    البيت الأبيض: لقاء مثمر بين المسؤولين الأمريكيين والأوكرانيين في ميامي    هي دي الاستعدادات، فرنسا تواجه البرازيل وكولومبيا وديا قبل كأس العالم 2026    الأردن يتطلع للتألق في كأس العالم 2026.. «النشامي»: مُستعدون لمواجهة الكبار    أمواج تصل إلى 3 أمتار، تحذير من اضطراب كبير في الملاحة بالبحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة    إجراءات صارمة بعد فيديو السخرية من مدرسة الإسكندرية    بث مباشر.. ليفربول يواجه ليدز يونايتد في معركة مصيرية للبريميرليج الليلة    اليوم، ضعف المياه عن 10 قرى بالأقصر بسبب انقطاع الكهرباء عن محطات العديسات    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    كشفتها الأجهزة الأمنيةl أساليب جديدة لغسيل الأموال عبر المنصات الرقمية    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    ملامح خريطة دراما رمضان 2026    في ذكرى رحيله.. «واحد من الناس» يحتفي بعمار الشريعي ويكشف أسرارًا لأول مرة    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    آمال ماهر تتألق بأغانى من السنة للسنة ولو كان بخاطرى فى مهرجان الفسطاط.. صور    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    بوتين: نسعى لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول واحترام سيادتها    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    شاهد لحظة نقل الطفل المتوفى بمرسى المعديات فى بورسعيد.. فيديو    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    قوات الاحتلال تعتقل عددا من الشبان الفلطسينيين خلال اقتحام بلدة بدو    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفع الشوارع على الرماح
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 11 - 2013

خذ هذا المشهد: فى مكان ما بالعراق، بعد عودة الناس من صفين، وبعد أن رفع الأمويون المصاحف على الرماح وهم على وشك الهزيمة، وبعد أن أدرك على بن أبى طالب أنهم يريدون كسب الوقت واستخدام الحيلة فى المفاوضات وشق صف جيشه فنهى أنصاره عن الاستجابة، وبعد أن عصاه أنصاره فقبلوا بالتحكيم، ثم اكتشفوا أنه خدعة ولاموه، وقف وخاطبهم قائلا: «أناشدكم بالله أتعلمون أنهم، حيث رفعوا المصاحف، فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله، قلت لكم إنى أعلم بالقوم منكم، إنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إنى صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال، أمضوا على حقكم وصدقكم فإنما رفع القوم هذه المصاحف خديعة ودهنا ومكيدة، فرددتم علىّ رأيى وقلتم: لا بل نقبل منهم، فقلت لكم اذكروا قولى لكم ومعصيتكم إياى، فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطتُ على الحكمين أن يُحييا ما أحيا القرآن وأن يُميتا ما أمات القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكما فى القرآن وإن أبيا فنحن من حكمهما برآء».
خذ عندك المشهد الثانى، الوليد بن يزيد بن عبدالملك بن مروان، الذى رفع قومه المصاحف على الرماح واحتكموا إليها، وزعموا أنها حكمت لهم، فى قصره بالشام يقرأ سورة إبراهيم: «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ. وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ»، فيدعو بالقوس والكنانة ويرمى المصحف بالسهام وهو يقول «أتُوعِدُ كل جبارٍ عنيدٍ/ فها أنا ذاك جبارٌ عنيدُ/ فإن لاقيتَ ربَّكَ يومَ حشرٍ/ فقل ياربِّ مزقنى الوليدُ».
ذكرت هذا الكلام من كثرة استناد الفلول إلى حشود الثلاثين من يونيو كمصدر لشرعية عودتهم إلى الحكم. إن الأمويين حين أرادوا إحراج على رفعوا المصاحف على الرماح، كأنهم كانوا يقولون له، أنت تزعم أن الحكم لك بشرعية هذا الكتاب الذى جاء به ابن عمك، فها نحن نحاكمك إليه، فأدى التحكيم فى النهاية إلى أن يتربعوا على العرش بحجة أنهم يحترمون الكتاب ويحكمون به، ثم ما لبثوا أن رموا الكتاب نفسه بالسهام.
إن الأمويين كانوا يحاكمون عليا إلى المصحف الذى هو أساس شرعيته، تماماً كما يلوح لنا الفلول اليوم بالحشود التى كانت أساس شرعية ثورتنا. الحشود هنا هى المصحف، يتذرعون بها حتى يحكموا ثم يرمونها لاحقاً بالسهام.
يا سيادة الحاكم الواثق الآمر المقتدر القاهر الظاهر، بدلاً من التلويح بالمصحف إقرأ ما فيه، وبدلاً من التلويح بحشود الثلاثين من يونيو أو غيرها أقرأ هتافاتها ومطالبها، خرجوا للديمقراطية لا لاستبدادك، خرجوا للاستقلال لا للتعاون الأمنى مع إسرائيل، خرجوا ضد ما رأوه حلا وسطا مزريا بين الثورة وبين نقيضها، وأنت نقيضها، خرجوا لاستكمال الثورة لا للقضاء عليها كما تفعل أنت، فلا تلوح بالحشود، هذه الحشود ليست حشودك، كذبت عليها وعنها وتكلمت باسمها زورا وظلما، لا ترفع المصحف على رماحك فرفع المصاحف لا يجوز لك.
•••

أكتب هذا اليوم لا من باب النظر إلى الماضى بل من باب الإنذار من المستقبل، لأننى أراه يتكرر، وكل قمع يحصل فى البلد يحصل باسم حشود هى بريئة منه. ثم إن الأمر تعدى مصر إلى فلسطين، فهناك دعوات لما يسمى بحركة تمرد فى غزة، والعاقل من اعتبر بغيره، إن «التمرد» على حكومة غزة، رغم كل مشاكلها، ومشاكلها كبيرة، بدون بديل مقاوم لن يصب إلا فى مصلحة أوسلو، ولن يكون فى فلسطين من قوة قادرة على منع توقيع اتفاق تتنازل بموجبه منظمة التحرير الفلسطينية نيابة عن الشعب الفلسطينى عن حق العودة والقدس وعن ثمانية وسبعين بالمائة من أرض فلسطين، عن حيفا ويافا وعكا والناصرة وعسقلان وبيسان وطبرية وتوقع، باسمى وباسمك وباسم أبنائنا إلى آخر الدهر أن هذه مدن إسرائيلية لا حق لنا فيها إلا أن نزورها سياحاً فى يوم من الأيام. نعم لقد ارتكبت هذه الحكومة ما لا يطاق، خرجت من حلف يسلحها إلى حلف وعدها بالمال، ولم تجرَ انتخابات منذ تولت، والبعض فيها تفرَّغ ليصبح مصمم أزياء مسلحاً يلاحق الشباب والفتيات بل وحتى التماثيل فى واجهات الدكاكين بسبب ما يلبسونه، أدرى بهذا كله، ولكن التغيير بدون بديل أكثر ثورية وأكثر مقاومة بوضوح فى بلد تحت الاحتلال سيكون خطوة للوراء.
•••
إن حركة تمرد فى مصر، لم تتمرد على فض الاعتصامات وإغلاق قنوات التلفزيون وقتل الناس وحرق جثثهم واعتقال بنات المدارس، رموا مصحفهم بألف سهم وسهم، ولا أعلم عن تمرد تؤيده الشرطة والعسكر، آمَنُ تمرد وأسهلُ تمردٍ وأرغدُ تمردٍ فى التاريخ، كذلك فلا أفهم تمردا فى فلسطين تؤيده دولة الاحتلال، ويجلس المتحمسون له مع الاحتلال جذلين، هذا ليس تمردا، هذا يسمى العكس تماما، يسمى تعاونا مع الاحتلال، من تعاونَ تَعاوناً فهو مُتَعَاوِنْ. وقد قلت من قبل، إن أى حراك يهدد المقاومة اللبنانية لا يكون ثوريا، وإن أى حراك يهدد المقاومة الفلسطينية فليس حراكا ثوريا.
أيها الناس، فى مصر وفى فلسطين، أمضوا على حقكم وصدقكم إنما يرفعون الشوارع على رماحهم خديعة ودهنا ومكيدة، يرفعونها اليوم ليرموها بالسهام غدا، لقد عرفناهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.