قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن ناثان براون: إن الكلمة الأخيرة التي تحدد مستقبل النظام الدستوري، ستكون في يد الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، وترشحه للرئاسة سيدفع لزيادة صلاحيات الرئيس، بينما عدم ترشحه سيدفع نحو زيادة نفوذ مؤسسات الدولة. وأوضح براون، في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي»، أمس الجمعة: «ببساطة تحديد مستقبل الدستور المصري يتوقف على كلمة السيسي ب«نعم» أو «لا»، فيما يتعلق بترشحه للرئاسة». وأشار إلى أنه رغم ذلك لا يقلل من شأن القضايا التي يتم مناقشتها في لجنة الخمسين، فالمسائل التي يصعب التوصل إلى اتفاق بشأنها تتصف بالأهمية، وتشمل علاقة الدين بالدولة، ووضع القوات المسلحة، والنظام الذي سيتم على أساسه انتخاب البرلمان القادم، بل وحتى وجود مجلس الشورى من عدمه، وكذلك وضع المؤسسات القضائية. وقال براون: إن المواد الذي تم إحراز تقدم بشأنها سيكون تأثيرها في حياة المصريين بطيئًا للغاية، خاصة في ظل الإطار القانوني المصري، وهياكل الدولة الاستبدادية، مما لن يغير شيئًا بين ليلة وضحاها. واهتم براون بالإشارة إلى مفارقة «بينما تناقش لجنة الدستور مواد تحرير الإعلام من سيطرة الحكومة، تظل وسائل الإعلام الإسلامية مغلقة، وبينما يتداول أعضاء لجنة الخمسين قضية الحريات السياسية يتم حظر حزب الحرية والعدالة .. وفي الوقت الذي تتم مناقشة آليات التظاهر، يتم التضييق ومطاردة مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي». وأوضح براون أنه إذا قرر السيسي المشاركة في الانتخابات الرئاسية، سيعمل الدستور الذي تنتجه اللجنة على تقوية منصب الرئاسة، الذي هيمن على الدولة المصرية منذ انتهاء الملكية، ولكن في حالة عدم خوضه الانتخابات ستعمل المؤسسات الرئيسية للدولة المصرية بقدر أكبر من اللامركزية، «وكلا الطريقين لن يؤدي إلى الديمقراطية» حسب رأي براون. وتحدث براون عن رؤيته لمستقبل مصر في حالة فوز السيسي بالرئاسة قائلا: «إذا أصبح السيسي رئيسًا لن تصبح المؤسسة العسكرية معزولة، والأجهزة الأمنية التي عملت على إضعاف حكم الرئيس مرسي سوف تطيع الأوامر، إذا كان هناك رئيس قوي من القوات المسلحة». وأشار براون إلى أن شعبية السيسي، وربما فوزه الساحق أيضًا بمنصب الرئيس، ستثير خوف البرلمانيين ومعظم الأحزاب السياسية، وسيعود حكم مصر مجددًا إلى منصب الرئاسة، ولكن سيختلف الوضع عما كان عليه في الحقبة الناصرية وعهد مبارك، «أي لن تظل سياسة الحزب الواحد قائمة». وشدد على أنه «من المرجح أن تواجه رئاسة السيسي بعض العقبات، حيث سيبقى نفوذ العديد من المؤسسات والجهات الفاعلة، حتى لو ضعفت مواجهتهم للرئيس، كما سيبقي الرئيس عينًا ساهرة تضمن ألا يستخدم الجيش مكانته المتميزة للتكاتف حول منافس بعينه، بالإضافة لأنه ربما يصعب السيطرة على برلمان ممزق». وقال براون: إن تحول السيسي من منصبه الحالي إلى الرئاسة لن يكون تقليلا من شأنه، ولكنه سيكون «صداعًا» له، وربما على المدى الطويل قد يفقد بعض أنصاره، وتحديدًا إذا استمر تدهور الخدمات العامة، جنبًا إلى جنب مع الظروف الاقتصادية العامة.