مرت جماعة الإخوان بالعديد من المحطات القضائية على مدار تاريخها، ما بين قضايا المطالبة بإلغاء قرارات حلها ومنحها شرعية ممارسة نشاطها، وبين المحاكمات التى طالت قياداتها وأعضاءها على مدار عهدى الرئيسين جمال عبدالناصر وحسنى مبارك تحديدا. بدأت علاقة الإخوان بالمحاكم عقب صدور قرار رئيس الوزراء الأسبق محمود فهمى النقراشى بحل الجماعة عقب حرب فلسطين عام 1948، حيث أقام مؤسسها ومرشدها الأول حسن البنا دعوى قضائية ضد القرار، تم قبولها بعد 3 سنوات. وتواصلت مسيرة الإخوان فى أروقة القضاء، التى كان الجزء الأكبر منها أمام المحاكم العسكرية، حيث مثلوا أمامها 9 مرات كانت أهمها على الإطلاق فى الخمسينيات والستينيات حيث تضمنت الأحكام حالات إعدام وسجن طويل الأمد لقيادات الصف الأول بالجماعة، سعيا لمنعها من الظهور مجددا بعد حلها بقرار مجلس قيادة الثورة عام 1954. إلاّ أن القضايا الخاصة بشرعية الجماعة باتت الأكثر إثارة للجدل، نظرا لتشابك وتعقيد تفاصيلها. «الشروق» استعرضت أهم محطات الإخوان مع القضاء على مدار 65 عاما. 1 - القضاء الإدارى 1951: الانتصار الأول للجماعة. حكم ببطلان قرار وزارة الداخلية بحل الجماعة وعدم السماح لها بمباشرة نشاطها، وإلزام وزير الداخلية بسحب قراره بالاستيلاء على مقر الإخوان ورده إلى الجماعة. المحكمة أكدت فى هذا الحكم أن الجماعة شرعية وقامت بتوفيق أوضاعها ك«جمعية» وفقا لدستور 23 وقانون الجمعيات الصادر 1945، بل إن الحكومة اعترفت بها وسمحت لها بإصدار صحيفة «الإخوان المسلمون» ومنحتها بعض الإعانات، وأن الأمر العسكرى الصادر 1948 بحلها «مؤقت ويجب إلغاء آثاره بعد عام واحد ولا يترتب عليه انعدام الجمعية». 2 - القضاء الإدارى 1952: إلغاء أول قرار بالحل. حكم نهائى برئاسة المستشار عبدالرزاق السنهورى بإلغاء الأمر العسكرى بحل الجماعة، باعتبار أن الأحكام العرفية التى كانت مفروضة آنذاك لا تحصن قرار الحل «وإلاّ أصبح من سلطة الحاكم العسكرى القضاء نهائيا على الجمعيات». قالت المحكمة فى حيثياتها إن الإخوان قننوا أوضاعهم كهيئة خيرية اجتماعية، وأن انحراف بعض أعضاء الجماعة لطريق الإرهاب لا يعنى القضاء على شخصية الجماعة المعنوية، مشيدة بدور الإخوان فى حرب فلسطين من خلال شهادتى قائدى حملة فلسطين اللواءين أحمد المواوى وفؤاد صادق. 3 - محكمة الشعب 1954: تصفية القيادات. بدأت حملة اعتقالات فى صفوف الإخوان عقب محاولة اغتيال عبدالناصر بالمنشية، وعرضوا على محكمة استثنائية مشكلة من أعضاء مجلس قيادة الثورة. وهى تعتبر ثانى محاولة فعلية لتصفية الجماعة بعد قرار النقراشى بحلها، حيث صدرت أحكام بالسجن من 10 إلى 25 عاما ضد العشرات من قيادات الصفين الأول والثانى بالجماعة، أبرزها إعدام 7 من القيادات البارزة أهمهم عبدالقادر عودة ومحمد فرغلى ويوسف طلعت، وخفف الحكم على المرشد حسن الهضيبى إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. 4 - المحكمة العسكرية 1965 : ظهور التنظيم القطبى. عرفت باسم «قضية إحياء التنظيم» لكنها فى الحقيقة كانت إيذانا لبداية جيل من المؤمنين بأفكار سيد قطب، الذى كان على رأس المتهمين فى هذه القضية، إلى جانب نحو 207 متهمين آخرين، صدرت أحكام بالسجن من 7 إلى 25 عاما على 136، وتم إعدام قطب و6 قيادات آخرين. القضية تضمنت 4 دعاوى حركتها نيابة أمن الدولة العليا، وترأس المحكمة الفريق أول فؤاد الدجوى، ووجهت للإخوان تهم محاولة تغيير الدستور بالقوة وقلب نظام الحكم والتخطيط لاغتيال عبدالناصر. 5 - القضاء الإدارى 1992: تحصين حل الجماعة. حكم برفض دعوى الإخوان إلزام الدولة بإعادة الجماعة لمباشرة نشاطها الرسمى، أكدت فيه المحكمة أن المادة 191 من دستور 1956 تنص صراحة على تحصين جميع القرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة، وعدم جواز الطعن فيها أمام أى هيئة قضائية، ومن هذه القرارات قراران بحل الجماعة فى 14 يناير و4 ديسمبر 1954 ومصادرة أموالها. وقالت المحكمة أيضا إن صدور جريدة للجماعة لا يعتبر دليلا على وجودها أو قيامها قانونيا. 6 - المحكمة العسكرية 1995 : ضربة مزدوجة للقيادات الجديدة. فى ظل تعارض بين أحكام القضاء الإدارى والإدارية العليا حول صحة قرار الرئيس الأسبق حسنى مبارك بإحالتهم للقضاء العسكرى، قضت المحكمة العسكرية العليا فى قضيتين بسجن 54 قياديا بارزا بالجماعة مددا تتراوح بين 3 و5 سنوات، وجهت لهم تهم إحياء تنظيم الإخوان، وتم اعتقالهم جميعا خلال اجتماعين لمجلس شورى الجماعة. من بين المحكوم عليهم فى القضيتين: عبدالمنعم أبوالفتوح، عصام العريان، خيرت الشاطر، محمد حبيب، محمود عزت. 7 - «المفوضين» مارس 2013: الإخوان بلا كيان. تقرير قضائى يؤكد عدم وجود كيان قانونى للجماعة بعد قرارى الحل عام 1945 وتحصينهما بالدستور، وذلك فى الطعن المتداول حتى الآن أمام المحكمة الإدارية العليا والذى أقامه قادة الجماعة لإلغاء حكم القضاء الإدارى عام 1992، ولم تحدد حتى الآن جلسة لنظر الطعن. التقرير أوضح أن الإخوان لم يوفقوا أوضاعهم كجمعية أو هيئة قبل ثورة يوليو أو بعدها، كما أن مقيمى الدعوى وعلى رأسهم المرشد الأسبق عمر التلمسانى ليست له صفة فى رفع الدعوى لأنه ممثل لكيان غير قانونى. 8 - «المفوضين» سبتمبر 2013 : الجمعية الجديدة باطلة. تقرير قضائى يوصى بحل «جمعية الإخوان المسلمين» التى أشهرت فى 19 مارس الماضى، وذلك فى الدعوى المقامة أمام محكمة القضاء الإدارى لحل الجمعية، والقضية مؤجلة إلى 22 نوفمبر المقبل. قال التقرير إن وزارة التأمينات أشهرت الجمعية لحماية الإخوان، ولمنع الحكم فى الدعوى التى كانت تهدف لحل الجماعة، وكان محددا للفصل فيها يوم 20 مارس الماضى، مشيرا أيضا إلى أن «النيابة العامة أثبتت انحراف الجمعية وأعضائها عن شروط العمل الأهلى وممارستهم نشاطا مسلحا مخالفا للقانون». 9 - محكمة الأمور المستعجلة سبتمبر 2013: حظر الجماعة. أقام قيادى بحزب التجمع دعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة لحل الجماعة، ومصادرة المقار المملوكة لها، والتحفظ على أموال قياداتها، على سند من «قيامها بالمخالفة للدستور والقانون، وأن هناك ضررا يعود على المجتمع من اشتغال أعضائها بالسياسة، وممارستهم أعمال عنف». ولم تصدر المحكمة قرارها حتى مثول الجريدة للطبع.