عاجل- استقرار سعر السبيكة الذهبية وزن 5 جرامات اليوم الأحد 19    أسعار الفاكهة في أسواق أسوان اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025    اليوم طقس خريفي مائل للبرودة صباحًا والعظمى بالقاهرة 30 درجة    فاضل 64 يومًا.. الشتاء يبدأ رسميًا 21 ديسمبر ويستمر 88 يومًا و23 ساعة    مصرع شابين في حادث تصادم مأساوي بطريق قليوب قرب مزلقان العادلي    رئيس «تصديري الحاصلات الزراعية»: النباتات الطبية والعطرية أهم القطاعات التصديرية الواعدة (صور)    شرطة نيويورك: متظاهرون كثيرون يشاركون في الاحتجاجات    «الخارجية» تنظم ندوة بمناسبة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    سعر الدولار الآن أمام الجنيه بالبنك المركزي المصري والبنوك الأخرى قبل بداية تعاملات الأحد 19 أكتوبر 2025    محافظ الجيزة يتابع التزام مواقف سيارات السرفيس والنقل بالتعريفة الجديدة    موعد بدء امتحانات نصف العام واختبارات شهر أكتوبر 2025    أطول تلاتة في الجونة.. احمد مجدي يمازح أحمد السعدني وخالد سليم    بافرح لما راجل يديني مصحف.. منة شلبي: «الساحر» نقطة تحول في حياتي.. ولا اعترف بلقب النجمة    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    نقيب الصحفيين: بلاغ لوزير الداخلية ووقائع التحقيق مع الزميل محمد طاهر «انتهاك صريح لقانون النقابة»    خالد الغندور: بيراميدز زعيم القارة الأفريقية بلا منازع واستعاد هيبة دوري الأبطال    بوني يقود إنتر لانتصار ثمين على روما في كلاسيكو الكالتشيو    أحمد سعد يغادر إلى ألمانيا بطائرته الخاصة استعدادًا لحفله المنتظر    أحمد العوضي يدخل قلوب الجمهور بعد استجابته لحلم طفلة محاربة للسرطان: "أوامرك يا ليلى"    فتح فصل ثانوي مزدوج جديد لتخصص استخلاص وتصنيع الزيوت النباتية في مطروح    وفاة ضابط شرطة في حادث مأساوي على طريق الإسماعيلية الصحراوي    زيلينسكي: ترامب لم يعطني ردًا حاسمًا لصواريخ توماهوك    «العمل العربية» تشارك في الدورة ال72 للجنة الإقليمية بالصحة العالمية    التعليم توضح الفئات المستفيدة من أجهزة التابلت 2025-2026.. من هم؟ (إجراءات وضوابط التسليم)    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة    توابع زيادة البنزين، ارتفاع جديد في أسعار الجبن الأبيض والرومي والشيدر بالأسواق    وزارة السياحة والآثار تنفي التقدّم ببلاغ ضد أحد الصحفيين    موعد مباراة منتخب المغرب ضد الأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب والقنوات الناقلة    شبانة: أداء اليمين أمام مجلس الشيوخ مسئولية لخدمة الوطن والمواطن    عملوها الرجالة.. منتخب مصر تتوج بكأس العالم للكرة الطائرة جلوس    نتنياهو يعلن نيته الترشح مجددًا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    مصرع عروسين اختناقًا بالغاز داخل شقتهما ليلة الزفاف بمدينة بدر    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    أتلتيكو مدريد ينتصر على أوساسونا بالدوري    زيكو: بطولتي الاولى جاءت أمام فريق صعب ودائم الوصول للنهائيات    إصابة 10 أشخاص بينهم أطفال في هجوم كلب مسعور بقرية سيلا في الفيوم    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    اتحاد الكرة يهنئ نادي بيراميدز بعد التتويج بكأس السوبر الإفريقي    مكافأة على سجله الأسود بخدمة الانقلاب .. قاضى الإعدامات المجرم "عصام فريد" رئيسًا ل"مجلس شيوخ العسكر" ؟!    ذات يوم مع زويل    الخارجية الأميركية تزعم نية حماس شن هجوم واسع ضد مواطني غزة وتحذر من انتهاك وقف إطلاق النار    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    ياسر جلال: أقسم بالله السيسي ومعاونوه ناس بتحب البلد بجد وهذا موقف الرئيس من تقديم شخصيته في الاختيار    المستشار الألماني: الاتحاد الأوروبي ليس في وضع يسمح له بالتأثير على الشرق الأوسط حتى لو أراد ذلك    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    الاحتلال يشن حملة مداهمات واعتقالات في الضفة الغربية    لا مزيد من الإحراج.. طرق فعالة للتخلص من رائحة القمامة في المطبخ    الطعام جزء واحد من المشكلة.. مهيجات القولون العصبي (انتبه لها)    فوائد شرب القرفة باللبن في المساء    أتلتيكو مدريد يتخطى أوساسونا في الدوري الإسباني    أخبار 24 ساعة.. زيادة مخصصات تكافل وكرامة بنسبة 22.7% لتصل إلى 54 مليار جنيه    برج الثور.. رمز القوة والثبات بين الإصرار والعناد    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية مجتمعية للأزمة الاقتصادية

منذ أن كنت طالبا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فإن الود بينى وبين الأرقام غير متصل ويكاد يكون مفقودا، ذلك أن الأرقام رغم ما تعبر عنه من لغة صارمة فإننى دائما كنت أتذكر كلمة لعلال الفاسى «بين الأرقام تتوه القضايا الكبرى»، أرقام تقال هنا وهناك حول الاقتصاد المصرى وموقفه بعد الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو تؤكد أن الاقتصاد فى حال أزمة وربما فى حال تدهور؛ كل هذه الأوضاع أثرت على المواطن البسيط الذى افتقد القدرة على توفير احتياجاته اليومية والمعيشية بما فيها رغيف الخبز، وبرغم ذلك فإن المطروح من قبل المسئولين للخروج من هذه الأزمات هو فقط تصريحات تحيل المشكلات إلى أسباب خارجية فمشكلة الخبز بسبب الجفاف فى روسيا، وأما انقطاع الكهرباء فتحيله إلى تأخير شحنة وقود من دولة خليجية، وهكذا.
وبغض النظر عن الأرقام التى تأتى من هنا أو هناك، من مصادر رسمية أو غير رسمية، من مصادر أجنبية أو مصرية، فإن الأمر المؤكد أن الأوضاع الاقتصادية لم تتحسن بعد الانقلاب ونظن أن الوضع الانقلابى لن يجلب تحسنا بل سيزيد الطين بلة وربما تدهورا، والأزمة الاقتصادية لا يمكن حلها من منظور مالى تأتى الأموال فيه من باب القروض والديون.
●●●
إن مفهوم الاقتصاد الذى نعرفه يجب أن يشير إلى القصد والمقاصد، وإلى الاعتدال والتوسط، وإلى المعاش والأمان والثقة، وكذلك فإنه من المهم أن نشير إلى أن الاقتصاد صار يوصف بالسياسى (الاقتصاد السياسى) والذى يشير إلى أن المسألة الاقتصادية هى بالضرورة تمس مساحات السياسة وتتفاعل معها.
وأول ما نشير إليه فى ذلك الشأن أن من أسباب الأزمة الاقتصادية القيام بانقلاب عسكرى تتفاقم معه المشكلات، وبعبارة مجملة فإن الانقلاب شبهة فى عالم الاقتصاد.
أما الأمر الثانى الذى نشير إليه فى هذا المقام إنما يتعلق بذلك التفاعل بين الاقتصادى والأمنى، وهو ما تشير إليه الآية القرآنية (أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف)، وهو أمر يشير إلى اتساع مفهوم الأمن لنصل إلى مفهوم (الأمن الإنسانى الشامل)، وهو أمر يتأكد أن مفهوم الأمن لا يجوز النظر إليه بأنه مهمة لأجهزة أمنية ولكنه إشارة إلى صناعة الأمن كمفهوم ممتد لا يمكن فصله عن قيمتى العدل، والحرية؛ غاية الأمر فى ذلك أنه لا أمن مع ظلم ولا أمن مع بطش، ومن هنا وجب التأكيد بأن الأمان فى العدل، وفى الحرية بما ينتج الاستقرار الحقيقى والأمن الإنسانى الشامل. هل يمكن تصور أى تقدم فى مواجهة الأزمة الاقتصادية فى ظل حظر التجول المعاشى، وقانون الطوارئ الطاغى، ومناخ عدم الأمن وتكميم الأفواه والمطاردات والاعتقالات لا يوفر مناخ العيش الكريم والعمل المقيم.
الأمر الثالث إنما يتعلق بما يمكن تسميته الأمن وتكلفة الديمقراطية والعملية السياسية؛ وهو أمر يتعلق بالهدر المتعمد من الحالة الانقلابية ومن المجالس العسكرية من إهدار المال العام المتعلق بكل عمليات التصويت التى قام بها الناخب المصرى استفتاء أو انتخابات برلمانية ورئاسية، وإلغائها بجرة سلاح والتى تكلفت فى إدارتها فحسب أكثر من ستة مليارات من الجنيهات.
الأمر الرابع إنما يتعلق بصناعة العنف والتكلفة المجتمعية التى لا تهدر الأموال فحسب ولكنها تهدر دماء الإنسان الموصوف بالكرامة والحرمة، إن هذا الأمر الذى يدخل المجتمع فى دائرة العنف المفرط، ومن المهم أن نشير إلى أن الاقتصاد السياسى المرتبط بسياسة التوافق تجعله بلا تكلفة، بينما العائد الاقتصادى والسياسى له عائد مضمون فى الثقة السياسية وتماسك الجماعة الوطنية، والعنف يبدد كل ذلك ويشتت طاقات المجتمع ويالها من تكلفة لا يمكن تقديرها بالمال أو بالحساب الاقتصادى، وفى هذا المقام فإن الاقتصاد مسألة أكبر من أن تترك للاقتصاديين والسياسة أكثر تعقيدا من أن تترك للسياسيين، وهذا وذاك لابد أن يراعى التكلفة المجتمعية والآثار السلبية على السلم الأهلى وصناعة عدم الاستقرار؛ ذلك أن هذا الحال الانقلابى لا يشير من أى طريق إلى الشروع فى أى عملية بناء أو نهوض؛ بينما يشير إلى عدة أمور مهمة من تكلفة الدم والقتل، ثمن الحرية وتكلفة الديمقراطية، توفير العيش الكريم كمهمة اقتصادية وإنسانية.
الأمر هنا يؤصل لمنظومة من القيم جامعة لنظام المجتمع العام والسلطان الفاعل، والعدل الشامل والأمن العام والخصب الدائم والأمل الفسيح؛ إن هذه أركان الأمن الإنسانى تتفاعل مع بعضها البعض وتشير من كل طريق إلى أن الانقلاب العسكرى يشكل منظومة مناهضة لكل معانى الأمن التى لا يمكن أن توفر مناخا اقتصاديا وتنمويا؛ أما الانقلاب فإنه يقطع الطريق على كل أمل فسيح بزراعة اليأس والاحباط ويسد الباب على كل مستقبل لحياة سياسية مستقرة وآمنة.
●●●
الاقتصاد فى النهاية اعتدال، فاعدلوا المعادلة ينعدل المعاش ويستقر الناس تكلفة الانقلاب عالية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا لأنه يضاد اقتصاد العدل ومعاش الكرامة، الأمن ليس كما يأتى على لسان حكومة الانقلاب مرحلة ننهيها، ولكنه حالة نصنعها ونبنيها، الأمن لا يتحقق بالقتل والترويع والتجويع، لكنه يتحقق بالعيش الكريم والعدل والتجميع، إن ما نريد أن نؤكده هو أن أفعال الانقلاب جعلت معاش الناس خراب وعلى عكس مابشرنا البعض بذلك، والظلم مؤذن بخراب العمران كما يؤكد بن خلدون، وما أظلم من الانقلاب كنذير خراب.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.