يسعى الجيش الإسرائيلى إلى تهدئة الأجواء الهستيرية التى يشيعها مشهد تدفق الناس على مراكز توزيع الأقنعة الواقية. وعلى الرغم من الظل الكثيف الذى تثيره الذكرى الأربعون لحرب يوم الغفران «حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973» ففى تقدير الجيش الإسرائيلى أن احتمال انجرار إسرائيل إلى المواجهة التى تقترب بين الولاياتالمتحدة وسوريا ضئيل. لكن على الرغم من ذلك، فالاستعداد مطلوب، وهذا هو السبب الذى دفع المجلس الوزارى فى جلسة خاصة عقدها أمس إلى إقرار سلسلة من الخطوات الطارئة. إن توقيت الهجوم الأمريكى على سوريا مرتبط اليوم بتطورين: الأول مرتبط بسوريا وما يمكن أن تفعله قبل القصف المنتظر، والثانى ما يمكن أن يحدث من بعده. فى هذه المرحلة يبدو أنه من الصعب على الولاياتالمتحدة أن تقصف قبل مغادرة مراقبى الأممالمتحدة سوريا. الإدارة الأمريكية تفضل إنهاء المسألة قبل انعقاد المؤتمر الدولى الذى يشارك فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما منتصف الأسبوع المقبل، لذا فإن الموعد المرتقب للهجوم هو ما بين يوم الخميس وحتى يوم الاثنين. فى هذه الأثناء من المنتظر أن يحاول نظام الأسد عرقلة رحيل المراقبين من أجل ضمان بقائه، كما من المنتظر أيضا أن توافق واشنطن على مساع للتوصل إلى تسوية دبلوماسية فى اللحظة الأخيرة. ●●● بعد التحذيرات التى أطلقها بالأمس رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان، جاء دور التهدئة. إذ تحاول إسرائيل أن تشرح لمواطنيها أنها ليست طرفا فيما يحدث، وأن الهجوم شأن أمريكى، وأن ثمة احتمالا ضئيلا لحدوث تدخل إسرائيلى فى حال قرر الرئيس الأسد الانتقام من الهجوم الأمريكي بمهاجمة أهداف إسرائيلية. إن الخبراء الاستخباراتيين يستبعدون حدوث مثل هذا السيناريو، لأنه فى رأيهم سيؤدى إلى نتيجة معاكسة لتلك التى يريدها الأسد. فمن مصلحة النظام السورى تقصير مدة المواجهة مع الأمريكيين واحتواء الأضرار والعودة إلى صراعه ضد الثوار. فإذا نقل النظام الصراع ضد إسرائيل، فإنه سيعرض بقاءه للخطر بل وحتى بقاء الرئيس شخصيا. ولكن على الرغم من هذا كله، فإن إسرائيل تستعد للسيناريو الأسوأ. فقد سمح المجلس الوزارى المصغر للجيش بدعوة بعض فرق الاحتياطى وطواقم خاصة. وتقرر أن يستدعى فى هذه الفترة نحو ألف جندى إلى قيادة الجبهة الداخلية وإلى منظومة الدفاع الجوى والقيادات المختلفة فى سلاح الجو وشعبة الاستخبارات. وفى الوقت عينه سينشر تدريجيا بطاريات الصواريخ الاعتراضية «القبة الحديدية». وقد نُصبت بطاريتان فى منطقة الشمال، ويجرى درس نصب بطارية ثالثة. ورفعت قيادة المنطقة الشمالية فى الجيش درجة التأهب فى الفرق المنتشرة على طول الحدود. وتتوقع إسرائيل أن يقوم الأمريكيون بإخطارها مسبقا بموعد الهجوم، لكن هذا قد يجرى قبل ساعات معدودة من القصف، خوفا من تسرب المعلومات. ما لا تقوله المؤسسة العسكرية للجمهور بصوت عال وواضح، هو أنها لا تملك ما يكفى من الأقنعة الواقية للجميع. حتى فى الأزمة الحالية، فإن نحو 60% فقط من المواطنين مزودون بأقنعة واقية. ولم تخصص الحكومة ميزانية لإنتاج أقنعة جديدة يمكن أن تلبى طلب الجميع، وليس فى إمكان المصانع تلبية الزيادة الكبيرة فى الطلب على الأقنعة خلال وقت قصير.
مراسل عسكرى «هاآرتس» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية