حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 ديسمبر    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب قبالة محافظة آوموري باليابان    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    بعد أنباء تحذير دولة عربية، هل يتلقى العراق ضربات عسكرية وشيكة؟    عائشة بن أحمد: مصر محطة صعبة لكنها تصنع النجومية    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    هل إعادة عرض مسلسل "أم كلثوم" رد غير مباشر على فيلم "الست"؟    الفنانة شيرين تعليقا على وفاة سمية الألفي: جمعني بها مسلسل «لاعبون بالنار».. وكانت سيدة فاضلة    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    سبرتاية مشتعلة تسفر عن حريق بشقة وإصابة 3 أطفال بالطالبية    تطور جديد في اتهام "هدى الإتربى" لطبيب أسنان باستغلال صورتها    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حولنا حدائق الفسطاط من مقلب قمامة إلى أبرز معالم الشرق الأوسط    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    اتحاد الكرة: حسام حسن وعدنا بلقب أمم إفريقيا.. وفينجر رشح مدير فني لتعيينه    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى البحث عن المشترك
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 09 - 2013

كنت فى الطائرة صباح ذلك اليوم؛ الرابع عشر من أغسطس 2013؛ الذى كانت كل الشواهد تدل بوضوح «رغم أوهام الهتافات» أننا سائرون اليه.. ثم إلى ما بعده. ورغم أن القاعدة البصرية تقول إن الصورة قد تكون أوضح وأكثر تكاملا إذا نظرت إليها من بعيد، إلا أننى لم أكن أتصور أن المشهد الذى بدا يومها معقدا يمكن اختزاله، ولو إلى حين فى خبر واحد فقط. إلا أننى أحسب أن هذا ما كان. فما أن استقر بى المقام مساء ذلك اليوم فى الفندق «اللندنى» البعيد، حتى نعى لى الناعى أننى «شخصيا» فقدت اثنين كانا يعتبرانى، مجازا أبا لهما، بل وكثيرا ما التقيتهما معا. ولعلها ليست مفارقة أن أحدهما من «القوات الخاصة»، والثانى من الذين كانوا فى «رابعة».. ولعل فى هذا «مع الإقرار بأن لله الأمر كله؛ من قبلُ ومن بعد»، تلخيصٌ لما كنا قد وصلنا اليه. أو بالأحرى لما أوصلونا اليه.. كما يبقى فى حقيقة أن الدماء ربما قد اختلطت، بعد أن امتزجت قَطْعا بتراب «وطن واحد» أهمية «البحث عن المشترك»..
هكذا أنهيت مقالى الأحد الفائت، ويهذا أبدأه هذا الأحد.
●●●
«فى البحث عن المشترك» كان عنوانا اخترته لمقال تأسيسى مهم لواحد يعرف لهذا الوطن قْدرَه وقَدَره؛ «طارق البشرى» نشرته له «وجهات نظر» فى فبراير 2009 ، وقد لا يحتاج المرء أن يقرأ المقال، على أهميته الفكرية ليكتشف كم هى المساحة المشتركة بين أبناء وطن انصهر فى بوتقة حضارة تمتد بتاريخه المركب آلاف السنين. إذ يكفيه أن ينظر الى تلك اللحظة العبقرية التى ردد فيها المصريون جميعهم؛ مسلمون ومسيحيون، أغنياء وفقراء، شيوخ وشباب، رجال ونساء، محجبات وحاسرات الرأس… دعاء القنوت خلف الشيخ محمد جبريل فى ميدان التحرير ظهيرة الحادى عشر من يناير 2011 حين كان المصريون «يدًا واحدة» قبل أن تفرقهم أوهام «مشروع» من أحاط نفسه بمرايا لا يرى فيها إلا نفسه. وثقافة «آرية» تمايز نفسها عن «الأغيار».
وسط حالة «اللا يقين» الوبائية التى تجتاح مجتمعا غرق فى بحر من الأوهام والمبالغات والادعاءات والأكاذيب.. والدماء، يقول الاختصاصيون أن الناس يلوذون عادة بأحد الجانبين، يتمترس كل منهم فى أيهما داخل «صندوق مغلق» من أفكار مسبقة يجد فيها راحته النفسية واطمئنانه «الخادع أحيانا» أنه على صواب. شىء من هذا حدث فى مصر التى تقف الآن فى «مربعين» يصم كلا منهما الآخر، دون تحرير للمصطلحات وتدقيق للمعانى، إما بالإرهاب أو بالإنقلاب.
ولأن المشهد فى حقيقته «وخطورته» أكثر اتساعا من واقعة هنا أو حدث هناك، وأكثر عمقاً مما قد يبدو للكثيرين، وأكثر تعقيدا من قواميس جامدة للعلوم السياسية، يظل النقاش حول «تفاصيل» ما جرى مضيعة للوقت واستنزافًا للوطن.
لكل طرف روايته الخاصة «المتحيزة بالضرورة»، ووسط حال هكذا يحتاج الوطن الى من يرحمه من التيه فى بحور التفاصيل ومن ضياع الوقت والجهد فى «التحقيق» فى أوراق قضية امتلأت بشهادات الزور والروايات المتناقضة.
تحت العنوانين الكبيرين «إرهاب / انقلاب» يبدو وكأن الطرفين مختلفان حول «كل» شىء .. وذلك صحيح فقط لمن لا يريد أن يفكر خارج صندوقه المغلق. فإذا كان «المشترك» تعريفا هو ما يتفق عليه الجميع (بعد أن نطرح ما اختلفوا عليه جانبا) ما رأيكم إذن فى أن نضع جانبا هذه الاختلافات غير القابلة واقعيا للاتفاق حولها. ونمضى للأمام بما يمكن أن يكون «إن أردنا الحفاظ على هذا الوطن» محلا لاتفاقنا جميعًا. أو بالأحرى ما لا يمكن أن يختلف عليه اثنان، وأظنه كثير، أو أتمنى ذلك. ويمكن أن نراه بداية لا بد وأن يندرج فى إطار محددات ثلاثة أشرت اليها هنا مرارا وتكرارا ”وقبل أن تسيل الدماء”:
1 - أن الوطن قبل كل ما نقول أننا نريده لهذا الوطن. وأن أمن مصر القومى ووحدة أراضيها فوق كل اعتبار. وأن «تماسك جيشها» وقوته هما الضمان الأول لأمن مصر وشعبها. وعلى الجميع مصريين «وأشقاء» أن يدرك حقيقة أن جيش مصر هو الجيش «العربى» الوحيد الباقى فى المنطقة، بعد أن جرى ما جرى فى العراق وليبيا وسوريا.
2 - أن عثرات الطريق وارتباكاته «وخطاياه» لا ينبغى أن تثنينا عن المضى قدما على طريق الديموقراطية «الحقيقية» لنبنى دولة حديثة معاصرة «لجميع أبنائها بلا استثناء» تليق بمصر فى عالم اليوم. ولا تسمح بالعودة الى نظام فاسد مستبد خرج الناس يطالبون بإسقاطه فى 25 يناير. (راجع «الشروق» 28 يوليو 2013).
3 - أن الاشتراطات الخمسة المتعارف عليها للتحول الديموقراطى Transitional Justice والتى غابت «أو غُيبت» عن المرحلة الانتقالية الطويلة (عامان ونصف حتى الآن) ينبغى أن تعود لمكانها الطبيعي؛ فهما وإدراكا وسياسات، وإصلاحًا للمؤسسات لا «هدمًا» لها. أملا فى أن نلحق بما فاتنا، وحتى لا نبكى مرة أخرى على اللبن المسكوب (راجع «الشروق»: 24 فبراير 2013).
إذا اتفقنا على ذلك. وأظن أحدًا ليس بوسعه أن يجاهر «صراحة» بغير ذلك يمكن لنا أن نقرأ «بصدر يتسع، وعقل يتفهم» ما طُرح من مبادرات وبيانات بعضها رسمى مثل مبادرة زياد بهاء الدين التى تبنتها الحكومة المؤقتة، وبعضها غير رسمى حاوله الكثيرون من المهمومين بهذا الوطن. منه ما نشر، ومنه ما ينتظر. ولعل المساحة هنا لن تتسع لتفصيل كل ما لا بد وأن يكون ملتزما بإطار هذه المحددات الثلاث، وإن كنت قد أشرت الى بعض منها هنا (الشروق 28 يوليو 2013)، كما حاولت بلا فائدة استدعاءها بطرح «أسئلة غائبة» لم يجب عنها أحد، وأخرى كان مصيرها كذلك.
فقط أضيف أنه حتى وإن كان حقيقيا أن لا عاقل أو منصف بوسعه أن يدافع عن ما فعله الإخوان ببسطائهم وجماعتهم والوطن. كما لا عاقل أو منصف بوسعه أن يغض الطرف عن جرائم ترتكب يوميا بحق جنود بسطاء «لا وزر لهم» فى سيناء وفى غيرها، إلا أن لا أحد أيضا بوسعه أن يغض الطرف عن ما وصلت اليه تحقيقات النيابة بشأن ما حدث فى سيارة الترحيلات، أو عن «عداد للضحايا» من الجانبين تتراقص أرقامه أمامنا كل يوم وساعة. كما لا أحد بوسعه أن يتقبل كل هذا التجاوز الإعلامى لحقوق الانسان، وكل تلك الجرائم «المهنية» التى نراها على شاشات التليفزيون. ولأن الجريمة لا تبرر الجريمة، فلست مع الذين يقولون بأن جرائم منصة رابعة، وهى كانت أكثر من أن تحصى؛ تحريضًا وكذبًا وخداعًا للمحتشدين بتسويق أوهام دحضها الواقع، تبرر خطابًا إعلاميا «مجَرَّمَا» بالتعريف. وعلينا جميعًا أن نعود سريعًا الى ما ينبغى أن يكون عليه الإعلام؛ التزاما بمهنية أخذها الهوى بعيدًا بعد أن سحقتها سنابك التطرف والتطرف المضاد. باختصار، كما أن صيحات «التكفير» مرفوضة، كذلك صيحات «التطهير» أو الإقصاء. وكما أن الحفاظ على الوطن يتطلب إدانة «ومحاسبة» كل ما كان ومازال من محاولات هدمه أو حرقه، فإن الحفاظ على مستقبل هذا الوطن يتطلب أيضا كل ما من شأنه الحفاظ على تماسكه ولحمته الوطنية، فضلا عن حرص لا بد منه على «ديمقراطية المستقبل»، وأننا وإن اضطررنا الى إجراءات استثنائية استوجبتها «مؤقتًا» أوضاع استثنائية. فالأطباء منا يعرفون أن محاولة علاج المرض بجرعة «زائدة» من الدواء قد تودى بحياة المريض. فاقتصدوا يرحمكم الله.
●●●
وبعد..
فرغم حقيقة ما تعلمناه من أن «الأثر يدل على المسير»، إلا أننا واقعيًا للأسف قد لا نعترف، أو نتفق أبدا حول من الذى “تسبب” فى أن نصل الى تلك النقطة الحرجة التى وصلنا اليها. ولكنى، رغم ذلك أدعو الله أن يكون هناك بقية من عقل تسمح بأن نتفق على خطورتها وعلى ضرورة أن نخرج منها.
ثم.. قد يكون من الحقيقى أن بين المصريين من تاه بين حقائق ومبالغات وهواجس وأكاذيب من يخيرونهم «قسرًا وافتراءً» بين ما يصفونهما بفاشيتين؛ دينية وبوليسية، يخوفهم هؤلاء من هذه، ويخوفهم الآخرون من تلك. وكأن لا بديل آخر. أو وكأنهم لا يستحقون بديلا آخر. إلا أننى متفائلا أتذكر ما قاله لى مواطن بسيط أشرت الى مقولته هنا قبل أسابيع. إذ ربما لا يعرف المصريون تحديدا ماذا يريدون. ولكنهم فى الأغلب يعرفون بوضوح «ما لا يريدون». فهم ببساطة، كما أوجز لي: لا يريدون مبارك «وجماعته» ولا مرسى «وجماعته» كما لا يريدون دولة «بوليسية» تتنكر لما عرفه العالم الحديث من حريات وحقوق إنسان.
أحلام المصريين بسيطة جدا. وممكنة جدًا.
أن يتركهم كل هؤلاء وهؤلاء. يستمعون الى إذاعة القرآن الكريم فى الصباح.. والى إذاعة أم كلثوم عند الخامسة بعد الظهر. ويربوا أبناءهم فى مجتمع يحكمه «العدل والحق والمساواة”. هل تريدون أن تعرفوا كم هى مساحة المشترك بيننا؟ إهدأوا قليلا.. واسألوا بسطاءكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.