قال الدكتور «معتصم»: لقد جئت قبل موعد الغداء لأرى «نوسة».. وماذا قرأت من كتاب «عصر العلم»! نوسة: لقد جئت يا خالى فى وقت أكثر من مناسب.. فالأصدقاء يريدون فهم «الفيمتو ثانية» التى يقولون إنها أهم اكتشاف علمى بعد نظرية النسبية! الدكتور: عظيم يا «نوسة».. لقد قرأت الكتاب كله! نوسة: نحو مائة وخمسين صفحة! الدكتور: وما رأيك؟ نوسة: كتاب ممتع يجمع بين الحياة الشخصية للدكتور «زويل» والحياة العملية! الدكتور: عظيم مرة أخرى! نوسة: ولكن.. الدكتور: ولكن ماذا؟. نوسة: هناك الكثير من أسماء الشخصيات الأجنبية التى قابلها الدكتور «زويل» أو تعاملت معه! الدكتور: صحيح.. ولكن كان هذا ضروريا، لأنه كرجل متواضع يحب أن يذكر أسماء أصحاب الفضل فيما قدمه من إنجاز مدهش! جلسوا حول مائدة مستديرة من الخيرزان.. وسرعان ما جاءت أم «نوسة» ترحب بأخيها وتحضر للجميع المشروبات الساخنة! الأم: الغداء سيكون جاهزا فى الثانية والنصف كالمعتاد! نظر الدكتور «معتصم» فى ساعته وقال: أمامنا ساعة للحديث مع الأصدقاء! الأم: والمغامرون مدعوون جميعا للغداء معنا! أبدى المغامرون اعتذارهم، وعاد الحديث إلى مجراه.. لوزة: أريد أن أعرف يا دكتور لغز «الفيمتو ثانية»! الدكتور: إنه ليس لغزا يا «لوزة»، ولكنه حقيقة علمية! عاطف: إن أى شىء لا تفهمه «لوزة» يصبح لغزا! الدكتور: كل شىء لا يكون مفهوما يمكن أن يكون لغزا! ابتسمت «لوزة» وقالت: إذن أنا لم أخطئ! الدكتور: المهم.. ما هى الثانية يا «لوزة»؟! بدأ الارتباك على وجه «لوزة» وأخذت تنظر إلى المغامرين تستنجد بهم فقال محب: إنها واحد على ستين من الدقيقة والدقيقة هى واحد على ستين من الساعة! لوزة: «والفيمتو ثانية»! فكر الدكتور «معتصم قليلا» ثم قال: إنها واحد على مائة مليون من ألف مليون من الثانية! ابتسم الدكتور «معتصم» وهو يرى علامات الدهشة والذهول على وجوه المغامرين الخمسة، وقال «تختخ» بعد لحظات: هذا رقم لا يمكن تخيله! الدكتور: معك حق! محب: المهم.. ما قيمة هذه السرعة؟! الدكتور: بهذه السرعة يمكن تصوير تفاعل الخلايا، وهى مسألة مهمة جدا فى الطب والفزياء والكيمياء وعن طريقها يمكن تحقيق تقدم علمى مذهل فى شتى جوانب العلم والحياة! ساد الصمت بعد هذه الوجبة الدسمة من المعلومات، وقالت «نوسة»: غدا سيلقى الدكتور «زويل» محاضرة فى مكتبة «مبارك»! الدكتور: نعم.. وسأذهب لحضورها! نوسة: هل يمكن يا خالى أن نذهب معك؟! الدكتور: طبعا.. إن سيارتى «البويك» العجوز تستطيع أن تتسع لكم جميعا! نوسة: أليست هناك أى مشكلة فى الذهاب معك؟! الدكتور: مطلقا! لوزة: ألا يعترضون على وجود أطفال فى محاضرة العالم الكبير؟! الدكتور: بالعكس.. خاصة أن الدكتور «زويل» يضع آمال «مصر» فى التقدم على العلماء الصغار! اشتبك المغامرون الخمسة فى مناقشة الرحلة المثيرة إلى «الجيزة» والمحاضرة التى سيستمعون إليها.. وموعد ذهابهم مع الدكتور «معتصم»، وفى هذه اللحظة ظهرت السيدة «فرانسوا» وكلبتها «الشى واوا» الصغيرة التى أسرعت تدخل الحديقة لتلعب مع «زنجر» وأخذ الكلبان يتقافزان ويدوران فى الحديقة، بينما تقدمت السيدة «فرانسوا» للسلام على الحاضرين. وقالت، تقدم نفسها: أنا جارتكم وزوجى يعمل مصورا فى التليفزيون الفرنسى، وهو مكلف بإعداد فيلم وثائقى عن عالمكم المشهور الدكتور «زويل»! قال تختخ: سنرى الدكتور «زويل» اليوم فى مكتبة «مبارك» فهل سيحضر زوجك إلى هناك؟! فرانسوا: طبعا.. زوجى «جان» يتابع خطوات الدكتور «زويل» حيثما كان! نوسة: وستذهبين معه؟. فرانسوا: طبعا.. فأنا أيضا مهتمة بهذا العالم الكبير! وظهرت فى هذه اللحظة والدة «محب» و«نوسة» وأعلنت أن الغداء جاهز وكل الموجودين مدعوون! اعتذرت السيدة «فرانسوا» وكذلك «تختخ» و«عاطف» و«لوزة» شاكرين لها الدعوة وانفض الاجتماع. فى مساء اليوم وفى الخامسة تماما ظهرت السيارة «البويك» العجوز أمام فيللا «نوسة» و«محب» وكان المغامرون جميعا فى الانتظار.. فتح الدكتور «معتصم» أبواب السيارة، وقفز المغامرون إلى داخلها وهم يتضاحكون.. ولم يلتفتوا إلى «زنجر» الذى تسلل إلى السيارة واختبأ تحت الكراسى دون أن يشعر به أحد. سرعان ما كانت السيارة الضخمة تدخل زحام الكورنيش فى طريقها إلى «الجيزة»، وقالت «نوسة» التى كانت تجلس بجوار خالها الدكتور «معتصم»: أخشى أن نتأخر يا خالى! قال الدكتور بهدوء: سنصل فى موعدنا بإذن الله هبط المساء سريعا فى تلك الأمسية الشتوية، وما كادوا يدخلون إلى «الجيزة» حتى كان الظلام قد عم الكون.. وكان الزحام فى أشده عندما وصلوا إلى شارع «مراد»، ثم انحرفت السيارة إلى شارع «الطحاوية» حيث المكتبة.. وكانت المفاجأة أن لا مكان للسيارة فقد تجمع مئات الزوار الذين جاءوا لحضور المحاضرة بسياراتهم هناك.. وأخذ الدكتور «معتصم» يدور ويدور حول المكتبة فى الشوارع الفرعية وعلى الكورنيش دون جدوى. أوقف الدكتور السيارة وقال للمغامرين: أسرعوا أنتم لحجز المقاعد حتى أجد مكانا للسيارة وألحق بكم.. ولم يكد المغامرون يفتحون الأبواب حتى وجدوا «زنجر» يقفز مثلهم إلى الشارع، وكانت مفاجأة فماذا سيفعلون فى هذا الزحام ومعهم «زنجر»؟! اتجهوا فى الزحام الشديد إلى باب المكتبة.. كانت هناك طوابير لا تنتهى أمام الباب.. وسرعان ما انفصلوا عن بعضهم.. ووجدت «لوزة» نفسها وحيدة وليس معها سوى «زنجر» ولم تعرف ماذا تفعل خاصة فى الظلام والزحام! وقفت حائرة و«زنجر» يدور ويلف حولها.. ثم كانت المفاجأة الثانية عندما تركها وأسرع إلى سيارة من طراز «شيروكى» الفخمة.. ورفع ساقه ثم تبول على إطار السيارة.. وفى هذه اللحظة حدث ما لم يكن فى الحسبان. فقد شاهدت «لوزة» باب السيارة «الشيروكى» يفتح وشخصان قويان يحملان فتاة ويلقون بها فى السيارة التى انطلقت مسرعة رغم الزحام الشديد.. كانت لحظات خاطفة كالبرق.. وكان «زنجر» ينبح وهو يتجه إلى «لوزة» التى وقفت مذهولة.. ماذا ستفعل الآن؟.. كل ما فكرت فيه هو الاتجاه إلى باب المكتبة لتحاول الدخول وهى لا تعرف إذا كانوا سيسمحون لها أم لا.. وماذا تفعل فى «زنجر»! أخذت تشق طريقها فى الزحام وهى تكاد تبكى و«زنجر» يتبعها دون أن يراه أحد فى الظلام كأنه جزء من الظلام السائد. كان عقلها مزدحما بالأفكار أكثر من ازدحام الشارع.. فمن هى الفتاة المخطوفة؟! ومن الخاطفون؟ وكيف تم خطفها فى الزحام دون أن يتدخل أحد؟! وهل عليها أن تبلغ الشرطة؟ وكيف تصل إلى الأصدقاء؟ وكيف تدخل المكتبة؟.. وهى فى هذه الحال المرتبكة سمعت من ينادى اسمها، ووجدت صديقها السمين «تختخ» يشير إليها.. فأسرعت بقدر ما سمح لها الزحام إليه وهى سعيدة بأن وجدت صديقها العزيز. قال «تختخ» وهو يفتح ذراعيه: أين ذهبت؟ لم ترد «لوزة» فقد كانت فى غاية الارتباك.. وعاد «تختخ» يقول: أين كنت ولماذا تبدين شاحبة؟. قالت لوزة: لقد خطفوا الفتاة! تختخ: أى فتاة؟. لوزة: لا أعرف.. ولكنهم خطفوها! تختخ: هل أنت متأكدة يا «لوزة»؟ لوزة: نعم.. خطفوا الفتاة فى سيارة سوداء من نوع «شيروكى».. وأنا أعرف هذه الماركة لأن ابن عمى «حسام» عنده واحدة مثلها! لم يدر «تختخ» ما يقول فصمت قليلا، وقالت «لوزة»: أين بقية المغامرين؟! تختخ: لقد دخلوا إلى المكتبة وقد عدت للبحث عنك! لوزة: وماذا سنفعل؟! تختخ: سندخل المكتبة فورا، فقد وصل الدكتور «زويل» منذ قليل! لوزة: وأين الدكتور «معتصم»؟. تختخ: لا أدرى يا «لوزة» تعالى ندخل المكتبة وفى الأغلب سنجده! لوزة: والفتاة المخطوفة؟! تختخ: أرجوك يا «لوزة» لا تقولى لى إن هناك لغزا وراء هذه الفتاة.. فقد تكاثرت ألغازك ولا أدرى ماذا نحل أولا!