أعتقد أن المبادرة التى دعى إليها نادر بكار مساعد رئيس حزب «النور»، لإنهاء مظاهر التسلح فى الشارع المصرى، دعوة جديرة بالدعم والاهتمام والوقوف خلفها بكل قوة، والمبادرة باختصار تعفى كل من يقوم بتسليم أى قطعة سلاح غير قانونية من المسئولية الجنائية، على أن تكون الفرصة متاحة لذلك لمدة أسبوعين، وبعدها تتم المحاكمات لكل من يتم ضبطه بأى سلاح، وأعتقد أن نادر بكار وضع يده على المشكلة الأساسية التى نعانى منها حاليا، وبالمناسبة هى مشكلة يعانى منها أيضا من يمتلك السلاح والتى ستنتهى غالبا بأمر من ثلاثة: قاتل أو ضحية، أو مسجونا بتهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، وفى الحالات الثلاث، فمن يمتلك السلاح هو من يروع المجتمع، ويرهبه، ويهدد أمنه وسلامه، وربما كان من الممكن ألا يكون لدينا ضحايا، لو لم يكن هذا السلاح متوافرا بهذه السهولة بين أيدى الكثيرين، خاصة فى ظل الأجواء المشحونة التى تنادى بالدماء على طول الخط تحت دعاوى دينية باطلة وبدعوى الاستشهاد، والتى ساهمت فى وجود هذا العدد الهائل من الضحايا الأبرياء. صحيح أن المشير حسين طنطاوى قد دعا لمبادرة مشابهة أثناء تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيادة اليلاد ولم تأتِ بأية ثمار حقيقية، إلا أن المناخ كان مختلفا وقتها، وكانت قوات الشرطة شبه غائبة، لذا كان من الصعب على فئات كثيرة من التى استهدفتها المبادرة فى ذلك الوقت أن تقوم طواعية بتسليم ما تمتلكه من سلاح، على العكس تماما من اللحظة التى نعيش فيها الآن فى ظل حالة العنف المتنامية فى البلاد، فكل من يتم ضبطه حاليا، لا تجد الشرطة ومن بعدها أجهزة التحقيقات إلا دوافع ممارسة العنف والقتل لكل من تضبطه بسلاح، ولا نستطيع فى مثل هذه الأجواء أن نمنعهم من طريقة التفكير هذه، ومن هنا تكتسب مبادرة نادر بكار أهميتها من الناحية الأمنية للكافة. أما إذا التفتنا إلى الزوايا السياسية لهذه المبادرة، فسنلمح على الفور أن عمليات تسليم السلاح لو تمت فهذا يعنى ببساطة أن هناك رغبات حقيقية على وقف العنف والبدء فى الحل السياسى للأزمة، وساعتها ستتوقف الأجهزة الأمنية عن ملاحقة الكثير من القيادات والكوادر المتهمة بالتحريض على العنف، ونبدأ فى السير نحو التهدئة التى سيستفيد منها الجميع، وفى مقدمتهم جماعة الإخوان وحلفاؤها، ومن ناحية أخرى يكون الساسة قد تحركوا علنا لتحذير جميع الجماعات السياسية المسلحة ومنحتهم الفرصة للعودة مجددا للعمل السياسى بعيدا عن ممارسات العنف القاتلة، وباتت الكرة فى ملعبهم، ولترتح ضمائر فريق كبير من الحركة السياسية، ولا أعتقد أن هناك خطرا حقيقيا يهدد البلاد مثل انتشار السلاح، الذى لا نعرف حقيقة كمياته داخل البلاد على وجه الدقة، كما لا نعلم أيضا بيد من على وجه التحديد، وكلاهما من أخطر الأسئلة التى يجب أن نجيب عنها بحسم أو على الأقل نعمل على الإجابة عنها، لذا علينا الوقوف وراء مبادرة نادر بكار التى أعتقد أنها جاءت فى موعدها.